البعد الكوني والعقلي للاستخلاف
3- الفكرة العامة للمهدوية.
والقائد الموعود سوف يقضي على المسلمين والعرب! نعم إن القائد سيقضي على طغاة العرب ولكنه أيضاً يقضي على طغاة أوروبا! فليكن لهؤلاء عقول يفكرون بها- فالقائد الذي بشرّ به الأنبياء جميعاً ليس قومياً ولا يهودياً ولا نصرانياً ولا هو من الأرض الجديدة ولا من أرض الميعاد! أنه رجل أسلم وجه لله مثل جميع الأنبياء ويضرب الخلق جميعاً حتى يسلموا وجوههم لله وحده!.
إن قضية التوحيد هي قضية الخلق والوجود وهي قضية جميع الأنبياء وجميع الكتب بل هي قضية السياسة والحروب والصراعات.
إن مشكلة البشرية التي يبحث زعماء العالم عن حل لها ليست في الثروات التي في الأرض وهي تكفي لإضعاف هذا العدد من البشر، وليست في التقدم العلمي وقد بلغ أشواطاً عظيمة- إنما هي في القيادة العالمية ذات العقيدة الراسخة والفكر الأخلاقي الذي يتمكن من تقسيم هذه الثروات بشكل عادل ولا يفرق بين الأمم والشعوب إلا بمقدار إيمانهم بهذا الفكر.
ولن يتحقق ذلك إلا بتصور منهجي وعقيدة أخلاقية لها مبدأ موحد للناس منبثق من الطبيعة البشرية وملائم لفطرتها السليمة يلتزم به الجميع ويؤمنون به إيماناً حقيقياً ويشعرون به شعوراً أخوياً يجعل من هذا الهدف عندهم غاية فوق كل غاية.
ومن الواضح ان الرأسمالية وهي فكر مادي محض في بناهُ التحتية والعليا لا يصلح لمثل هذه المهمة الضخمة إنسانياً وفكرياً وأخلاقياً.
نظرة واحدة إلى اتفاقات الدول السرية وطبيعة التدخل الغربي فيها يبرهن أن أبعد الناس عن القيادة العالمية ذات السمة الأخلاقية هو النظام الرأسمالي وقادته بل أن برامجه الحالية والبعيدة المدى، وضعت أصلاً في قائمتها تأجيج الحروب المحلية ومشاكل الحدود وتفتيت العالم وتقسيم قومياته وشحن العداوات بين شعوبه، وخلق مناطق للتوتر- ومعلوم أن هذا يحتاج إلى تمويه وكذب وتزييف للحقائق كما يحتاج إلى مؤسسات خاصة وميزانيات عالية للنفقات! فهل يصلح نظام يدفع أموالاً ضخمة للتحريف والكذب في قيادة العالم؟؟.