من ربك؟ ربي الله.. ما دينك؟ ديني الإسلام.. من نبيك؟ محمد صلى الله عليه وسلم.. لنتوقف هنا رجاء!
حسنا, عرفنا منذ الصغر أن ديننا الإسلام، أي السلام وأكرر السلام.. لماذا ضاقت الدائرة وشخصنا البصر على بعضنا البعض؟ لماذا أشتغل البعض في تصنيف الآخر من كل ح، دب وصوب؟ ستقولون الدين مذاهب.. معكم في ذلك وللعقل مذاهب أيضا.
الآن، يعيش المجتمع صدمة «غطاء الدين» الذي تلبسته (الصحوة).. من يصحح الوضع؟
ذلك الاهتزاز المريع الذي نمر به كيف ينقشع؟ ما هو الحل برأيكم؟
لا بد من الحزم في ذلك الأمر، وأن نكون ذا وجه واحد غير متلون، الضحية ليست عقولنا فقط، بل حضارتنا ووجودنا. كل حكم شرعي هو خاضع للاتساع وليس التقييد، فالشريعة مرنة وصالحة لكل زمان ومكان.
طفل يبلغ السادسة نهرته المعلمة لأنه رسم عينين جميلتين في لوحته، وللأسف نهرته قائلة: «كل مصور في النار»، كيف نقنعه بأن معلمته ليست ذلك الملك الذي سيدخله الجنة؟ كيف يعود للرسم وهو يشعر بأن فرشاته هي خيط رفيع طريقه إلى النار؟
الفتاوى الدينية، التي أسميها المصيرية، هي التي تتحكم بحياة الإنسان حالياً.. من يقننها؟ لماذا أصبح الكل مفتياً لحياتنا وحياة أجيالنا؟
أبشع ما يكون عليه المرء أن يهتز إيمانه بين فتوى وأخرى. الدين علاقة بين المرء وربه متى ما تدخل طرف آخر فقد يشوبها شائبة الرياء.
لنكن صريحين ونرى العصور السابقة مثلا: العصر العباسي, كان أكثر عصر أثار إعجابي، كان متعدد المذاهب ومتعدد الثقافات ومتعدد الحضارات بل يضاهي عصرنا الحالي في تطوره وفنه، لماذا يا ترى؟ لأنه عصر آمن بالاختلاف، ما الذي يضرك لو كنت مختلفا عنك.
الله سبحانه لو رأى أن الاختلاف ليس صحيا لما جعل بصمة البنان مختلفة. ما الذي يرعبك أن أعبد الرب وفق قناعاتي وليس كما تعبد أنت؟
«لكم دينكم ولي دين»، آية جعلت التعايش هو مبدأ علينا تطبيقه.
حتى العقل لا يحفزه ويثيره إلا ذلك الاختلاف، فهو يعرضه للنقد والتحليل. وضع بائس أن نكون متشابهين, لن نتطور ونحن نغلق كل باب يدعو إلى التفكر والتفرد.
بعد استحداث وزارة الثقافة التي رأيت في مبادراتها ضوء ينير البؤس الذي قمع تقديس الفن، هل ستكون شجاعة في مواجهة ذلك؟
وزارة الثقافة لا فائدة منها طالما لم تتفق مع وزارة التعليم. التثقيف والموهبة الفنية هي ممارسات تبدأ منذ الصغر، كيف نريد أن نتميز بنور الثقافة وهي فقط تمشي على أطراف أصابعها محفوفة بالمخاطر، حتى المكتبات تئن بالكتب غير المتجددة مسورة أشواك الفسح.
العقل المقيد هو كقدر الضغط ينفجر إذا فتح فجأة فهو مدعاة للتطرف الديني أو الفكري، أما العقل الحر فهو كالطير يرنو للسلام دائما لا خوف منه ولا ضرار، بل هو الذي يرتقي بوطنه ويحفز نموه وتقدمه، لأنه يميز ويحاور وينتقل من دون تقييد.
لننزع ذلك «الغطاء» الذي قيد العقل المعرفي ونحلق بعقول أجيالنا ونحفز فضولهم، فسبحانه جعل الأفق لا حدود له.. فلماذا قيدنا أنفسنا؟