«عيال الشارقة».. سر انتفاضـــة «المـــلك»



المصدر:
الشارقة – عماد الدين إبراهيم

تساؤلات كثيرة.. وأسئلة حائرة.. تبحث عن إجابات.. وفي معظمها أين يكمن سر الانتفاضة المفاجئة للملك الشرقاوي الذي استعاد عرشه في غمضة عين.. بعض المحللين والخبراء والكثير من المراقبين يقولون إن المدرب المواطن ابن النادي عبدالعزيز العنبري والبعض يقول إنهم الأجانب ومستواهم الفارق وغيرها من الرؤى والأفكار بحثاً عن إجابات شافية لعودة الملك..

لكن السر ومن واقع المشاهدة والمتابعة لجميع مباريات الملك في هذا الموسم وخاصة فرحة الجولة الخامسة والعشرين في أرض الملك في الحزانة.. تقول إنهم عيال الشارقة (عيال الشارقة... سر انتفاضة الملك) وإليكم تفاصيل الإجابة.
من هم؟
أولاً الإجابة عن السؤال من هم عيال الشارقة وعيال النادي..؟ هي من المصطلحات الدارج استعمالها في الوسط الرياضي، وخاصة في دولة الإمارات، ودول مجلس التعاون، وهي عبارة تطلق لمن يراه الناس أنه من أهل الوفاء، وأنه يتعامل مع النادي من منطلق ومفهوم الوفاء المطلق والعشق اللامتناهي..
بأن يصبح النادي هو السحر الذي يستمد منه اللاعب قوته، وسر تميزه، واندفاعه، وهو حب المواطن لوطنه، وأرضه وحرماتها، يذود عنها بكل غالٍ ورخيص، بمعنى أن عيال النادي لا ينتظرون مقابلاً مادياً، ولا معنوياً تجاه ما يقدمون من خدمات للنادي، وهو مفهوم كان مرادفاً وملاصقاً لفترة الهواية، أي فترة ما قبل انطلاق دوري المحترفين قبل عشر سنوات، وفيه تبدلت العقلية وبات «الكاش يقلل النقاش»، ويجذب الولاء، وبالراتب العالي تجذب المواهب إليك.
لكن هل حقاً عيال النادي اندثروا في ظل الاحتراف وسيادة لغة «الكاش» والرواتب العالية وسط المواطنين من عيال النادي في الدولة وهل حقاً «الكاش» فقط يقلل النقاش... وهل حقاً عيال النادي هم من يحملون جنسية دولة الإمارات فقط...؟ والإجابة توضح كيف استعاد الملك الشرقاوي عرشه بعد 23 سنة من المحاولات المستمرة..!
عيال النادي
في الاحتراف يقول الخبراء والعوام والمشجع العادي البسيط إنه لا يوجد ما يسمى بعيال لنادٍ إلا من رحم ربي.. لكن واقع دوري الخليج العربي في بعض الأندية والشارقة منها.. يوجد عيال النادي.. وعيال النادي ليس من حملة جنسية دولة الإمارات فقط!..

. بل يحملون جنسيات (البرازيل – أوزبكستان – فرنسا – الأخضر) وهي الجنسيات التي يحملها الأجانب في صفوف الفريق الأول لكرة القدم في نادي الشارقة لكنهم الآن باتوا عيال النادي وليس بالمعنى المجازي بل بالمفهوم الحقيقي الذي كان متعارفاً عليه في عهد الهواية قبل سيادة مفاهيم الاحتراف و«لغة الكاش تقلل النقاش».
والشواهد على أن أجانب الشارقة باتوا جزءاً من كيانه وهم عيال النادي يكملون المنظومة الحالية من عيال النادي الذي يحملون جنسية دولة الإمارات وتربوا على يد المدرسة الوطنية الكروية جمعة ربيع وتخرجوا منها علي يد المعلم عبدالعزيز العنبري ومنها المشهد التالي :
قبلة الوفاء
والمشهد هو جزء من مشاهد سنتطرق إليها في هذا السرد.. وهو لقطة لاعب الشارقة البرازيلي الإيطالي ايغور كورناندو وهو قلب الفريق النابض وأفضل لاعب أجنبي في الدوري لهذا الموسم الذي فاجأ الوسط الرياضي في الدولة بقبلة وفاء على جبين المواطن المدرب عبدالعزيز العنبري..
لك أن تسميها بما شئت. ( من الطالب لمعلمه ـ من الشقيق لشقيقه الأكبر ـ من اللاعب لمدربه).. وهي قبلة بمثابة شهادة للاعب ايغور وتؤكد أنه بات من عيال النادي ودخل مدرسة... لك أن تسميها ( أخلاقيات شعب الإمارات – قلب الشارقة – تسامح الإمارات – أخلاق المواطن –وغيرها) وتخرج منها لاعب من عيال النادي.
قدوة
ولك أن تربط بين تعامل القيادة الرشيدة في دولة الإمارات والعادات التقاليد التي يراها البعض وخاصة الأجانب فيتأثر بها وترسخ في عقله الباطن وحالة اللاوعي وتترجم في الشعور ومنها صورة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو يقبل يد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهو مشهد يترسخ في عقل لكل من يقيم على هذه الأرض الطيبة.

وكان لا بد من لقاء مكاشفة وتوضيح للبيان الرياضي مع صاحب قبلة الوفاء لـ(المعلم – – المدرب – الأخ...) اللاعب ايغور كورناندو بنهاية مواجهة الشارقة والوحدة في الجولة 25 وهو اللقاء الذي شهدت نهايته استعادة الملك عرشه وكانت بنهايتها قبلة الوفاء من قبل كورناندو على جبين عبدالعزيز العنبري وعنها يقول كورناندو طبيعي جداً أن أطبع قبلة وفاء وشكر وعرفان على جبين أخي ومدربي وقائد الفرقة المتميزة في هذا الموسم المدرب الناجح عبدالعزيز العنبري، وهو أميز المدربين الذي مروا علي في حياتي الكروية والاجتماعية فهو ليس مدرباً بل أخ.. وصديق...
خلوق ومتواضع وصبور وطيب فضلاً عن كونه مدرباً شاطراً يجيد قراءة الأحداث ويضع الخطط والاستراتيجيات التي قادتنا في هذا الموسم من نجاح إلى نجاح، صحيح نحن اللاعبين في الملعب نسجل الأهداف ونحرز النقاط لكن صناعتها تكون خارج الملعب على يد الجهاز الفني بقيادة الموسيقار عبدالعزيز العنبري.
وعندما أقول الموسيقار أعني ذلك لأنه قائد أوركسترا الشارقة الكروية ومن دون هذا الموسيقار كان يمكن أن تكون جميع معزوفتنا نشازاً فكيف لي ألا أشكر رجلاً بهذه المواصفات ومكارم الأخلاق.
حب الإمارات
وحول حبه لدولة الإمارات وعشقه لنادي الشارقة ومجتمعات الشارقة سواء داخل أو خارج النادي وطبيعية الحياة في دولة الإمارات وعادات وتقاليد دولة الإمارات يقول معشوق جماهير الملك الشرقاوي وأفضل لاعب أجنبي في دوري الخليج العربي ايغور كورناندو أولاً كيف لي ألا أعشق شعب الإمارات وأنا أعامل من الجميع في دولة الإمارات ونادي الشارقة بأني واحد منهم ولست غريباً عليهم أجد الحب والمعاملة الطيبة داخل الملعب وخارجه وخارج أسوار النادي سواء في مدينة الشارقة أو إبان زياراتي لجميع إمارات الدولة، أشعر بأنني في بلدي ووسط أهلي.
وهو الأمر الذي انعكس إيجاباً سواء على أسلوب حياتي وطريقة عيشي أو أدائي في الملعب، وطبيعي جداً أن ترجم هذا الحب والروح الطيبة من الجميع إلى أداء ممتاز داخل الملعب، وأنا مدين في تميزي ونجاح تجربتي في الدوري الإماراتي دوري الخليج العربي إلى كل هذا الحب الكبير والروح الإيجابية التي أجدها أينما كنت في الملعب في النادي في الشارع في المولات في كل مكان.
أسرة واحدة
ويتابع ايغور كورناندو توضيحاته ثانياً في نادي الشارقة وفريق كرة القدم بقيادة المدرب عبدالعزيز العنبري الجميع يتعامل بروح الأسرة الواحدة سواء داخل أو خارج الملعب وكلنا مكملون لبعض ولا توجد فوارق بيننا والكل متميز فمثلاً أنا هل في مقدوري أن أسجل أهدافاً أو أمرر كرات جميلة لو كنت وحدي في الملعب وهو مكمن وسحر وسر جماليات كرة القدم إنها لعبة جماعية لعبة إبداع جماعي أداء جماعي روح جماعية تميز جماعي تناغم جماعي ولا مجال فيها للفردية الكل أسرة واحدة .
وهي مفاهيم وعقلية نشأت عليها ووجدتها راسخة في نادي الشارقة، سواء من اللاعبين أو الأجهزة الفنية والإدارية المختلفة في النادي أو الجمهور منظومة واحدة مكملة لبعضها البعض كل يؤدي عمله بنجاح في إطار هذه المنظومة وتكون النهاية سعيدة ومفرحة للجميع.
إصابة شوكوروف.. وفاء ونقطة تحول

يعد اللاعب الأوزبكي شوكوروف (22 سنة) النموذج الثالث من عيال النادي الذين قادوا الملك الشرقاوي لاستعادة عرش كرة الإمارات، من العلامات الفارقة والشواهد المتميزة في مسيرة الملك الشرقاوي هذا الموسم،.
ومن أهم التعاقدات الناجحة لنادي الشارقة أنه لم يكن أهم لاعب ارتكاز في الدولة، وتبين وأكدت الحقيقة أنه بات من عيال النادي بعد الإصابة الخطيرة التي تعرض لها من قبل المهاجم الصيني شيهاو وي وتسبب له في كسر بالقدم اليمنى في الدقيقة 37 من المباراة الودية التي جرت بين الصين وأوزبكستان في بطولة الصين الودية.
وتسبب في إبعاد اللاعب عن صفوف «الملك» في توقيت مهم وحساس للغاية، حيث افتقده الملك وهو مقبل على مواجهات الدور الثاني الحاسمة وبات خارج حسابات المدرب عبدالعزيز العنبري في هذا الموسم لأن الكسر يحتاج إلى برنامج علاجي طويل يمتد لأشهر، وكان في إمكان اللاعب بعد إجرائه للعملية الجراحية في لندن أن يعود لبلاده رفقه أسرته وأهله ويقضي فترة النقاهة هناك لكنه لم يفعل.
وظل متواجداً في دولة الإمارات وفي إمارة الشارقة مع رفقاء الدرب مواظباً على حضور جميع التدريبات مترجلاً بعكازين يتحرك بهما مسانداً مؤازراً زملاءه في التدريبات وكان لوقفته مع اللاعبين في التدريبات الختامية التي استبقت مواجهة الحسم في الجولة رقم 25 كبير الأثر في نفوس زملائه والجهازين الفني والإداري وحتى الجماهير الغفيرة التي تابعت التدريبات أثنت عليه.
وكان متواجداً بالقرب من دكة البدلاء عشية المواجهة المهمة مع فريق الوحدة، رافعاً من الروح المعنوية لزملائه وكانت فرحته كبيرة بتحقيق الفوز الغالي، وهو سلوك لا يفعله إلا أبناء النادي وابن أصيل وليس ابناً عادياً، وهو الأمر الذي جعل من اللاعب بعد المباراة محط أنظار كاميرات مختلف وسائل الإعلام تتسابق لإجراء المقابلات والأحاديث معه كواحد من الفرسان داخل الملعب وليس لاعباً في فترة نقاهة يتعافى من كسر في قدمه اليمنى، وهو نموذج ثالث مشرف من أرض التسامح إمارات الخير.
دموع الوفاء
وهو عشق لم يأتِ من فراغ لأن اللاعب حينما أصيب وهو عائد من الصين إلى دولة الإمارات وجد استقبالاً غير مألوف وغير طبيعي رغم أنه عائد من إصابة وليس من رحلة تتويج يحمل كأس بطولة ما، حيث كان في استقباله بالمطار حشود من جماهير الشارقة يتقدمهم إداري الفريق علي محمد مع مجموعة من نجوم فريق الشارقة وقوبل بالأحضان والوفاء والتقدير فكانت ردة فعله أن أجهش بالبكاء الحار وسكب الدمع حباً وعرفاناً وشكراً لهذا الوفاء النادر.
لكنها قيم وأخلاقيات وعادات شعب الإمارات، وهو ليس بأمر جديد، فكان أن كسب نادي الشارقة ومجتمع دولة الإمارات ابناً محباً عاشقاً لتراب هذه الأرض الطيبة وشعبها الجميل، وكان واحداً من عيال نادي الشارقة رغم قدمه المكسورة يصر في شجاعة نادرة على أداء واجبه مع زملائه ومن زاوية أخرى لكنها متفردة ومحل إشادة وتقدير.
ريان منديز يتفرغ لخدمة «الملك»

النموذج الرابع من عيال نادي الشارقة الأجانب اللاعب الوفي والذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والرأس الأخضر، والذي تعاقد معه نادي الشارقة ثلاثة مواسم قادماً من فريق قيصري سبور التركي.
وهو اللاعب الذي أكد للبيان الرياضي في حوار مطول سابق وحديث حالياً عقب نهاية مواجهة الشارقة والوحدة في الجولة رقم 25 من دوري الخليج العربي الذي أكد فيه نيته ترك اللعب الدولي مع منتخب بلاده الرأس الأخضر حباً في الشارقة وللتفرغ لخدمة الملك باحترافية كاملة وقيادته لمنصات التتويج .
وقال أيضاً: الآن مرتاح جداً في نادي الشارقة الرياضي الذي بات بيتي وأهلي ووجدت فيه كل تقدير واحترام حتى قبل إكمال إجراءات تعاقدي مع الفريق كان الانطباع الأول جيداً جداً عن النادي وإدارته وكيفية التعامل مع اللاعبين، وخاصة اللاعبين الأجانب سواء في هذا الموسم أو المواسم السابقة، كلها معلومات تأكدت منها قبل أن أبدأ التفاوض مع نادي الشارقة؛ لأنني كلاعب محترف يهمني البيئة والمناخ الرياضي والاجتماعي في الدوري والنادي الذي سألعب له.
مكان عمل
وتابع منديز: «البيئة الاحترافية في النادي الذي تتعامل معه أقرب لبيئة العمل التي يتعامل بها الموظف العادي في مقر عمله ولكي يؤدي عمله لا بد من أن يكون جزءاً من فريق العمل الناجح، وهو ما يحدث في كرة القدم في إطار منظومة الاحتراف، فأنا كلاعب لديّ مهام مكلف بها من جانب النادي بموجب العقد المبرم بين الطرفين.
وكي أعمل على تحقيق ما طُلب مني بالكامل وأكون عند حُسن ظن مَن تعاقدوا معي كلاعب أن أعرف الكثير عن النادي والدوري الذي سألعب فيه لأرى هل في مقدوري أن أقدم شيئاً أو مساهمة إيجابية مع النادي الجديد، وهو الأمر الذي يتطلب أن أكون ملمّاً بما أنا مقدم عليه، وهي أبجديات بسيطة لكنها مهمة وتجنب اللاعب أن يكون مقلاً مع ناديه الجديد أو لا يقدم المستوى الذي كان متوقعاً منه من قبل النادي».
استقبال احترافي
ووصف منديز الاستقبال والتعامل مع نادي الشارقة بالاحترافي، وقال: «التعامل بالكامل من قبل نادي الشارقة كان احترافياً وعائلياً أكثر مما يكون تعامل نادٍ مع لاعب؛ لأنني شعرت بأنني أتعامل مع أسرة رياضية وليس إجراءات تعاقد لأجل لعب كرة القدم، وهو الأمر الذي جعلني أشعر بأنني في بيتي مع أهلي وليس في نادٍ لأجل لعب كرة القدم.
فضلاً عن الترحيب الجماهيري الذي فاق الوصف من قبل جماهير الشارقة الذين أكنّ لهم كل احترام وتقدير وأجد نفسي في تحدٍّ مباشر لأجل رد الجميل لهذه الجماهير، وأن أكون عند حُسن ظنهم، وإضافة حقيقية لتحقيق تطلعاتهم وخاصة أن نادي الشارقة بحسب اطلاعي نادٍ عريق وله تاريخ وسجل ناصع مع البطولات في دولة الإمارات، وحسب علمي فإن الشارقة يعد من الأندية ذات القاعدة الجماهيرية الأكبر في دولة الإمارات».