يوم الوقت المعلوم الخاص بإبليس لعنه الله
*
ذَكَرَ السَّيِّدُ ابْنُ طَاوُسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي كِتَابِ سَعْدِ السُّعُودِ :
أَنِّي وَجَدْتُ فِي صُحُفِ إِدْرِيسَ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عِنْدَ ذِكْرِ سُؤَالِ إِبْلِيسَ (لَعْنَهُ اللَّهُ) وَجَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ‏ :
قالَ إِبْلِيس (لَعْنَهُ اللَّهُ) : رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ‏ .
قَالَ تَعَالَى : لَا ، وَلَكِنَّكَ‏ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ‏ ، فَإِنَّهُ يَوْمٌ قَضَيْتُ وَحَتَمْتُ أَنْ أُطَهِّرَ الْأَرْضَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ وَالْمَعَاصِي وَانْتَخَبْتُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ عِبَاداً لِي امْتَحَنْتُ قُلُوبَهُمْ لِلْإِيمَانِ وَحَشَوْتُهَا بِالْوَرَعِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْيَقِينِ وَالتَّقْوَى وَالْخُشُوعِ وَالصِّدْقِ وَالْحِلْمِ وَالصَّبْرِ وَالْوَقَارِ وَالتُّقَى وَالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدِي ، وَأَجْعَلُهُمْ دُعَاةَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَأَسْتَخْلِفُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأُمَكِّنُ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ لَهُمْ ثُمَ‏ يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ، يُقِيمُونَ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ لِحِينِهَا وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَأُلْقِي فِي تِلْكَ الزَّمَانِ الْأَمَانَةَ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا يَضُرُّ شَيْ‏ءٌ شَيْئاً وَلَا يَخَافُ شَيْ‏ءٌ مِنْ شَيْ‏ءٍ ، ثُمَّ تَكُونُ الْهَوَامُّ وَالْمَوَاشِي بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَأُنْزِعُ حُمَةَ كُلِّ ذِي حُمَةٍ مِنَ الْهَوَامِّ وَغَيْرِهَا وَأُذْهِبُ سَمَّ كُلِّ مَا يَلْدَغُ وَأُنْزِلُ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَتَزْهَرُ الْأَرْضُ بِحُسْنِ نَبَاتِهَا وَتُخْرِجُ كُلَّ ثِمَارِهَا وَأَنْوَاعَ طِيبِهَا وَأُلْقِي الرَّأْفَةَ وَالرَّحْمَةَ بَيْنَهُمْ فَيَتَوَاسَوْنَ وَيَقْتَسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ ، فَيَسْتَغْنِي الْفَقِيرُ وَلَا يَعْلُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَرْحَمُ الْكَبِيرُ الصَّغِيرَ وَيُوَقِّرُ الصَّغِيرُ الْكَبِيرَ وَيَدِينُونَ‏ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ‏ وَيَحْكُمُونَ ، أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي اخْتَرْتُ لَهُمْ نَبِيّاً مُصْطَفًى وَأَمِيناً مُرْتَضًى فَجَعَلْتُهُ لَهُمْ نَبِيّاً وَرَسُولًا وَجَعَلْتُهُمْ لَهُ أَوْلِيَاءَ وَأَنْصَاراً ، تِلْكَ أُمَّةٌ اخْتَرْتُهَا لِنَبِيِّيَ الْمُصْطَفَى وَأَمِينِيَ الْمُرْتَضَى ذَلِكَ وَقْتٌ حَجَبْتُهُ فِي عِلْمِ غَيْبِي وَلَا بُدَّ أَنَّهُ وَاقِعٌ أُبِيدُكَ يَوْمَئِذٍ وَخَيْلَكَ وَرَجِلَكَ وَجُنُودَكَ أَجْمَعِينَ .
فَاذْهَبْ‏ ... فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى‏ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ‏ .

*
المصدر : (بحار الأنوار : ج52، ص384.)