لماذا تعد كاتدرائية نوتردام أحد أهم المعالم الأثرية التاريخية؟

كاترائدة نوتردام، واحدةٌ من أبرز المعالم التاريخية في فرنسا، وفي وسط العاصمة باريس تنهض هذه الكاتدرائية بأبعادها الروحية والثقافية والمعمارية، ليشكّل هذا الثالوث مهوى أفئدةِ السوّاح الذي ما برحوا يتقاطرون من كافة أنحاء العالم ليقفوا أمام حاضرة ٍ يفيض منها عبقُ التاريخ ونسائمُ ذكريات عتيقة مخبأة بين شقوق حجارتها البيضاء وتحت سطح رهجة خشب الأبانوس التي تخطف المرء وتلقي به في عتمة الماضي السحيق.
فرنسا التي زارها نحو 89 مليون سائح خلال العام 2017، من بينهم 13 مليون سائح زاروا كاتدرائية نوتردام (المعدّل السنوي للسيّاح في الكاتدرائية)، وحين نتحدث عن 13 مليون شخص، فنحن نتحدت عن عدد أفرد شعب بأكمله، أو يزيد، بالمقارنة مع كثير من البلدان حول العالم؛ كالأردن ولبنان والإمارات والكويت وقطر والبحرين وليبيا وبلجيكا ولوكسبورغ وهنغاريا والنمسا.
والجدير بالذكر أن متحف اللوفر في باريس سجّل العام الماضي رقماً قياسياً لعدد زوّاره بلغ 10.2 مليون زائر، وهو أعلى عدد يسجله أي متحف في التاريخ، وبذلك يمكن للمرء أن يقدّر القيمة السياحية لكنيسة نوتردام بالنظر إلى عدد السيّاح الذين يقصدونها سنوياً، بحسب موقع يورو نيوز.
وعلى الرغم من أن فرنسا تعجّ بالكثير من مواقع التراث العالمي المدرجة في قائمة منظمة اليونسكو، إضافة إلى المتاحف العريقة كـ(اللوفر) والكنائس الضخمة والحدائق الباذخة والنصب التذكارية والقلاع والأبراج كـ(إيفل) والقصور كـ(فرساي) والأقواس كـ(قوس النصر)، إلا أن لكاتدرائية نوتردام جاذبية خاصة لدى السائح، ولعل تلك الجاذبية قد ولّدتها الطاقة المنبعثة من رواية أحدب نوتردام، تلك الطاقة التي جعلت من الكاتدرائية مساحة تلتقي بها الأضداد على اختلاف ماهياتها واتجاهاتها، لتصبح بذلك مرآة تعكس ما يعتمل في أعماق الإنسان ذاته من طلاسم مبهمة ورموز منفلتة من معانيها، ليدرك معها المرء واحدة من أصدق تجليات جذوة الصراع الداخلي التي تلازم المرء منذ أن يعي ذاته والآخرين.

أحداث كثيرة شهدتها هذه الكاتدرائية؛ تتويج هنري السادس ملك إنجلترا ملكا ‏لفرنسا في 1431، حفل تتويج الزعيم الفرنسي نابليون بونابرت مع البابا بيوس السابع عام ‏‏1804، إضافة إلى الحربين العالميتين والكثير من الأحداث التي عاشتها وتعيشها باريس.
كاتدرائية نوتردام، التي يحرسها برجان عاليان، أحدهما مدبب ويرتفع نحو 90 متراً (وهو الذي انهار بفعل الحريق) وبرج آخر بارتفاع 69 متراً، إضافة لـ10 أجراس موزّعة على جدران وأبراج الكاتدرائية، هذه الكنيسة سوف تستعيد كل ما فقدته في الحريق الذي سيصبح لسكّان باريس محطة تاريخية تفصل ما بين مرحلتين؛ قبل الحريق وبعده.
ويجدر بالذكر أن عائلتي أرنو وبينولت، أعلنتا عن تبرعهما بما يقارب 300 مليون يورو مخصصة لإعادة إعمار كاتدرائية نوتردام، وذكر بيان صادر عن عائلة الملياردير الفرنسي فرانسوا هنري برنار بينو أن العائلة ومجموعة “إل.في.إم.إتش” للسلع الفاخرة قررتا التبرع بمبلغ 100 مليون يورو للمساهمة في ترميم كاتدرائية نوتردام التي داهمها حريق هائل، وجاء تعهد أرنو في أعقاب تبرع مماثل بقيمة 100 مليون يورو من فرانسوا هنري بينو الذي يرأس مجموعة كيرنج للسلع الفاخرة.