سكاي-برس
علاء الخطيب
في العام 2010 اطلقت شركة الكترونيك آرتس لعبة إفتراضية أسمتها ساحة المعركة battlefield , تظهر في هذه اللعبة القوات الامريكية وهي تبحث عن شخص يدعى سليمان ويرجح انها تقصد قائد فيلق القدس قاسم سليماني , وسليمان في اللعبة هو الإيراني الرافض للانصياع الأمريكي والذي يفسد سياسات أمريكا في السليمانية ، فتحصل مواجهات بين أمريكا وإيران في مدينة عراقية هي السليمانية.
هذا السيناريو الافتراضي يعود اليوم ولكنه بشكل حقيقي , حيث تقوم الولايات المتحدة يتجييش الحشود العسكرية, وترسل حاملات الطائرات الى الخليج لاشعال حرب مدمرة في المنطقة , ربما سيكون العراق ساحتها الأكثر التهاباً .
فمن الطبيعي لمنطقة موبؤة بالكراهية ومتخمة بالأموال ان تكون ساحة لمعركة مقبوضة الثمن للسيطرة على المياه الدافئة .
حلم السيطرة على هذه المنطقة من قبل امريكا ليس وليد اليوم بل ولد عقب نهاية الحرب العالمية الثانية ، فأمريكا التي خرجت من الحرب قوة عُظمى سعت إلى وراثة النفوذ البريطاني المنحسر في منطقة الشرق الأوسط، وفي إيران بالتحديد. وتحت ذريعة الخوف من التوغل الشيوعي . او ما يسمى مبدأ ترومان عام 1947 الذي ينص على ان اي عدوان يهدد امن الولايات المتحدة مباشر او غير مباشر يحتم على حكومة الولايات المتحدة ان تواجهه ، طبقاً لهذا المبدأ تشن امريكا الحروب علي الدول وتحاصر من لا يخنع لها ، فالولايات المتحدة لا تريد حلفاء ولا أصدقاء بل تريد اتباع وعملاء .
وهذا ما حدث بالضبط مع محمد مصدق عام 1951 التي ساندته في البداية وظهرت صورته في الصحف الأمريكية وهو يصافح ترومان وقدمت له منحة بقيمة 25 مليون دولار، ثم غيّرت بعد فترة قصيرة موقفها، وقررت فرض مقاطعة فورية على النفط الإيراني، بعد اعلان مصدق التأميم وتقاربه مع السوفييت. وانقلب مصدق الصديق الى عدو .
وأسقط مصدق بعملية أجاكس التي قادها رجل الاستخبارات الأمريكية CIA كيرميت روزفلت ,
وبعد عزل مصدق عام 1953، تم توزيع امتياز النفط الإيراني بشكل جديد. ويذكر أحمد مهابة في كتابه إيران بين التاج والعمامة، أن الشركات الأمريكية حصلت على حصة 40% منه، لتضع قدمها في إيران بشكل رسمي.
وعادت ايران حليفة وصديقة لأمريكا. وأسند لها دور شرطي الخليج الذي يلوح بالعصا الأمريكية.
اصدر الشاه قراراً بمنح الحصانة القضائية لكل أمريكي في ايران ، يقضي هذا القرار بمحاكمة الأمريكي الذي يرتكب جريمة على الأراضي الايرانية بالقانون الأمريكي وبأمريكا .
استمر حال العلاقات الايرانية الأمريكية بشكل جيد ، حتى العام 1978 حيث انتصرت ثورة الإيرانيين على الشاه
وبطبيعة الحال ستكون الثورة ضد حلفاء الشاه وداعميه وهم الولايات المتحدة في المقدمة .
وبدأت حقبة جديدة من العلاقات بين ايران وأمريكا اتسمت بالعداء والتباعد ، وفرضت أمريكا حصاراً على ايران وجمدت أرصدتها في البنوك الأمريكية ، ودعمت صدام في حربه ضدها ، وحاولت إسقاط نظامها بكل الطرق ، إلا انها فشلت في إخضاعها ، واليوم تسعى امريكا الى ما تسميه تغيير السلوك الإيراني وتخلي الإيرانيين عن برنامجهم النووي والصاروخي .
والحقيقة ان امريكا لا يهمها من يحكم ايران سواء كانوا رجال دين ام علمانيين ، المهم ان يكونوا طيعين للإرادة الأمريكية ، وما تذرف عليه امريكا دموع التماسيح هو محض خدعة ووهم ، فحرية الشعوب او حقوق الإنسان هي شعارات مظللة تستخدمها امريكا لخداع الشعوب المقهورة .
وما حدث في العراق خير دليل على ذاك .
فواشنطن لا تبحث عن الحرية المفقودة ولا الديمقراطية الضائعة بل تبحث عن سليمان الإيراني الخارج عن القانون الأمريكي .
فرنة التليفون كفيلة بحل النزاع وأرجاع حاملة الطائرات الى قواعدها.
لكن ما زال البحث عن سليمان مستمراً .