أُنادي وما مِنْ سامعٍ لِنِدائِيا
كأنّي على الأطلال أبكي الغَوَالِيَا
مُنادايَ يَأْبى نجْدتي وَكأنّهُ
مَعوقٌ ولم يقدرْ فأجهش باكيا
حبيبي خَلاَ من عطْفِه لأظلَّ في
جحيمٍ ويبْقى في البعادِ مُجافيا
لأبْقى سجينَ البيْنِ دون زيارةٍ
كقبْرٍ بصحراءٍ تعذّرَ نائيا
كغُصْنٍ بلا عُشٍّ وهاجرَ طيْرُهُ
ولم يسْمعِ الأجْوارُ ثمّةَ شادِيَا
أنا في غيابِ الرِّيدِ أمْضغُ لوْعتي
وأحيا بها غمّا وتلك غِذائيا
كئيبًا مريضًا لا طبيبَ لِعلّتي
سوى من بها دائِي وفيها دَوَائِيا
وتجْتاحني الآلامُ دونَ هوَادةٍ
كمَنْ ضرْسهُ بالسّوسِ ظلَّ مُعادِيَا
قريضي حزينٌ كالرٍّثاءِ مبطَّنٌ
شجُونًا وألفاظًا تقولُ عَزائِيَا
وُجُودي خلاَ من بهْجةٍ وتبسّمٍ
كأنْ قد حوَى ويْلاً وعَجَّ مَساوِيَا
إذا كان حُبّي مثْمرا فنِتاجُهُ
دمارٌ وليْت العمْرَ كانَ وَرائِيَا
وياليْت شِعْري هل أنا مُتغرِّبٌ
بطبْعي وشاءَ الحظُّ يمْكثُ خاوِيَا ؟
متى تنْجلي الأحزانُ؟ ليْتَ تقشّعتْ
فيبْدو مِزاجِي كالبحيرةِ صافِيَا
لِمَ الدّهرُ جافاني جفاءَ حبيبتي
وصبْري أبَى ذوْدًا وطأْطأَ غافِيا؟
صيَامي مُثَنًى ظمْأْةً متواصلٌ
متَى الفطْر يأتِي علَّ أَلْقَى هَنائِيَا
وهلْ هكذا العشّاقُ بعْد رخائِهِمْ
يروْنَ المآسِي تصْفعُ المُتهاوِيَا ؟
هلِ الحبُّ مأْساةٌ ويُكْتَمُ سرُّها
وهلْ أسْرُها يلْتذُّهُ الصَّبُّ راضِيا؟
الحضري المحمودي