أهاج قذاء عيني الادكار
هدوء فالدموع لها أنهمار
وصار الليل مشتملا علينا
كأن الليل ليس له نهار
وبت أراقب الجوزاء حتى
تقارب من أوائلها أنحدار
أصرف مقلتي في إثر قوم
تباينت البلاد بهم فغاروا
وأبكي والنجوم مطلعات
كأن لم تحوها عني البحار
على من لو نعيت وكان حيا
لقاد الخيل يحجبها الغبار
دعوتك يا كليب فلم تجبني
وطريقة كيف يجيبني البلد القفار
أجبني يا كليب خلاك ذم
ضنينات النفوس لها مزار
أجبني يا كليب خلاك ذم
لقد فجعت بفارسها نزار
سقاك الغيث إنك كنت غيثا
ويسرا حين يلتمس اليسار
أبت عيناي بعدك أن تكفا
كأن غضا القتاد لها شفار
وإنك كنت تحلم عن رجال
وتعفو عنهم ولك اقتدار
وتمنع أن يمسهم لسان
مخافة من يجير ولا يجار
وكنت أعد قربي منك ربحا
إذا ما عدت الربح التجار
فلا تبعد فكل سوف يلقى
شعوبا يستدير بها المدار
يعيش المرء عند بني أبيه
ويوشك أن يصير بحيث صاروا
أرى طول الحياة وقد تولى
كما قد يسلب الشيء المعار
كأني إذ نعى الناعي كليبا
تطاير بين جنبي الشرار
فدرت وقد غشى بصري عليه
كما دارت بشاربها العقار
سألت الحي أين دفنتموه
فقالوا لي بأقصى الحي دار
فسرت إليه من بلدي حثيثا
وطار النوم وامتنع القرار
وحادت ناقتي عن ظل قبر
ثوى فيه المكارم والفخار
لدى أوطان أروع لم يشنه
ولم يحدث له في الناس عار
أتغدو يا كليب معي إذا ما
جبان القوم أنجاه الفرار
أتغدو يا كليب معي إذا ما
حلوق القوم يشحذها الشفار
أقول لتغلب والعز فيها
أثيرها لذلكم أنتصار
تتابع أخوتي ومضوا لأمر
عليه تتابع القوم الحسار
خذ العهد الأكيد علي عمري
بتركي كل ما حوت الديار
ولست بخالع درعي وسيفي
إلى أن يخلع الليل النهار