بقلم:سمير الكاتب....سكاي-برس

لا يزال الغموض يلف المشهد السياسي بكل جوانبه ولازالت الاطراف السياسية المتنفذة تلعب على ورقة الضغط لكسب مايمكن كسبه من منافع ومناصب على حساب الشعب الذي يواجه واقعا مأزوما وحرجا ويترقب جهودا مخلصة من اجل اعادة الاعمار والتعافي والخروج من نفق الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وحالات الاحتقان الشعبي.
تصورنا بادىء الامر ان الازمة الخانقة التي تعصف بالبلاد قد وضعت اوزارها بعد مهمّة تسمية رئيس جديد للبلاد هو« برهم صالح»، وتكليف رئيس حكومة هو «عادل عبدالمهدي» في سلّة اتفاقات واحدة.وقلنا للاحزاب القابضة على سدة الحكم قضي الامر الذي به تستفتيان. واخذ هدوء نسبي يسير بخطوات بطئية نحو اكمل الحكومة الجديدة لكن يبدو ان الكلمة العليا لازالت لاصحاب الكانتونات الحزبية الضيقة في رسم خارطة السياسة الجديدة للبلاد. ولم ينجم التجاذب الذي سيطر على السجال العام الى هذه الساعة عن غالب ومغلوب فالامور مرهونة بمن يصمد للاخر.
فالخطوات التي تسير عليها الأحزاب في تشكيل الحكومة بطبيعة الحال ارجعتنا الى العودة المربع الأول من خلال استمرارها في إدارة شؤون الدولة طبقاً لنظام "المحاصصة" الحزبية والطائفية.رغم التوافق على رئيس الوزراء الجديد من قبل الكتل السياسية وبل ويعتبر ترشيحه بتسوية اقليمية بمعنى أنه شخصية لها علاقات جيّدة مع إيران، كما أنّها غير متقاطعة مع الأميركيين،.كما وان المرجعية الدينية في النجف دعمت تكليفه أي انه رئيس حكومة لا يختلف معها او عليه اثنان.
لكن كانا هناك اثنان اختلفا معه وعليه وهما «السيد نوري المالكي» الشخصية الاكثر نفوذا و«السيد مقتدى الصدر» الشخصية الاكثر شعبية واصبح رئيس الوزراء الجديد بين المطرقة والسندان مطرقة المالكي وسندان الصدر.فالاول اراد تمرير ترشيح السيد فالح الفيّاض لحقيبة الداخلية إن لزم الأمر،في ظل عنادٍ صلب يبديه مقتدى الصدر وحلفاءه إزاء ذلك.لكن جراء هذا الموقف المعاند اخرج المالكي من صمته ليدلي، بتصريحات شديدة اللهجة موجهة إلى زعيم التيار الصدري وكتلة سائرون يشدد فيها على أنه لا تنازل عن ترشيح فالح الفياض لحقيبة الداخلية في حكومة عبد المهدي.مؤكدا أنه لن يسمح باستبدال الفياض بأي مرشح آخر،معتبرا ان الصدر أصبح يمثل خطرا كبيرا على العملية السياسية برمتها في العراق لإصراره على فرض موقفه على رئيس الوزراء،
وذكر اعضاء في تحالف سائرون أن «حديث المالكي بشأن عدم تغيير الفياض سيعقد المشهد السياسي، وهو جزء من التدخلات الخارجية التي بدأت تؤثر على المشهد السياسي.وإن "رفض الصدر لفالح الفياض، يأتي من كونه فشل في ملف الأمن لسنوات عديدة خلال إدارته لوزارة الأمن الوطني، ولم يقدم شيئا خلال تسلمه مناصب حساسة كثيرة بالدولة.
وبقي الامر على هذا المنوال من التجاذبات السياسية من شد الحبل ورخيه حتى بدء ذلك الحبل يصل قريبا من رقبة رئيس الحكومة والتي اخرجته من السندان الى المقصلة او الاقصاء او أي تسمية شئت وبقيت حكومته تراوح مكانها.وان امكانية حسم الوزارات المتبقية من حكومته بات من المستبعد البت بها قريبا لان هناك الكثير من العقد في الحقائب الثمانية المتبقية وان كانت هيمنة عليها حقيبة الداخلية التي سرقت الاضواء من البقية حتى من رئيس الوزراء نفسه.
ورغم كل هذا كان موقف عبد المهدي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي كان صريحاً جدّاً: حين قال«موضوع استكمال التشكيلة الوزارية رهن اتفاق الكتل السياسية على تسمية المرشحين»، محدّداً أنّه «في مسألة حقيبتي الداخلية والدفاع، فإنّه خيار الكتل، وليس رئيس الوزراء». أعاد عبد المهدي الكرة إلى ملعب الكتل لا ليتنصل من المسؤلية ولكن هذه هي طبيعة الامور عندنا مهمة عبد المهدي لا تخلوا من تحديات وصعوبات ومطبات واشكالات و التي في مقدمتها المواعيد الدستورية واستحقاقات الكتل السياسية والمكونات العرقية والاثنية حتى السنة لم يتفقوا على مرشح لحقيبة الدفاع وكذلك الصراع لازال شائكا بين الحزبيين الكرديين حول حقيبة العدل والامر نفسه على صعيد المسيحيين.وهذا ان دل فنما يدل على وجود اصرار وفرض على رئيس الوزراء لتمرير اسماء معينة للوزارات المتبقية
الى الان صورة المشهد السياسي العراقي، ترسمها الخلافات بين الكتلتين الكبيرتين ( الإصلاح والإعمار..والبناء)
و التشكيلة الوزارية رهن اتفاق الكتل السياسية على تسمية المرشحين وبخلاف ذلك لاتكون وزارة وبالتالي ليس هناك رئيس للوزراء فقد تحول الموضوع الى صراع ارادات وقد يزداد الوضع تعقيدا وهذه هي ملامح الدولة الحديثة في العراق.
وأذا بقي الجمود بشأن تشكيل الحكومة بهذا الحال فالوضع ينذر باحتمال حدوث مزيد من الاضطرابات في العراق وسوف تدور الامور دورتها الاخيرة وتنتهي هذه الحكومة في سرداب الغيبة وبلا خروج ولا ينفع معها الانتظار.
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ.