10 طرق لمواجهة الإحباط واليأس
عند الشعور بالإحباط والفشل جدد أهدافك وضع لنفسك خطة جديدة لتنفيذها وحاول التمسك بها ومتابعة تحقيق ما أمكنك منها. يتعرض الإنسان في حياته اليومية للكثير من المشكلات ومواقف الفشل أو عدم الوصول للنجاح المرغوب فيه، بالإضافة إلى تعرضه لظروف أقل ما يمكن أن توصف بأنها سيئة أو محبطة، فعلى سبيل المثال: ما نعيشه اليوم في عالم الواقع من خلافات ونزاعات عربية وأخبار يومية مؤلمة -والتي لا يُعرف منتهاها- يثير الكثير من مشاعر الحيرة والإحباط وفقدان الأمل، وكأن باب الأمل بات مغلقًا، وأن ما بُني في سنوات كثيرة قد يهدم في لحظات أو أيام قليلة!
ولكن الرائي للواقع اليوم ينظر لما هو حاضر ولا يعلم ما هو آت، ولا ما يخبئه القدر له من أحلام وآمال قد تكون أفضل من الواقع، فعلينا التطلع للمستقبل بعين الأمل والتفاؤل بغد أفضل حتى لا نصل إلى مرحلة اليأس والقنوط من واقع مرير (النظر للجانب المليء من الكأس)، وعلينا أن نحاول رؤية عالمنا بأفضل مما هو عليه الآن، فنرنو ببصرنا لإشراقة فجر جديد، فجر تشرق فيه شمس التطور والتغيير، والعدل والتسامح، والنهضة والعمران، والأمل في الله بتغيير الحال.
إن مشاعر الإحباط للفرد تأتي من عدم النجاح والفشل المتكرر في مواقف متعددة أو متتالية، وعدم القدرة على فعل ما يريد، كأن يبحث عن عمل ولا يجد ما يناسبه لعدة محاولات متتالية، أو يحبط نتيجة عدم التوصل لحلول للمشكلات التي يواجهها هو أو مجتمعه، وليس الفرد فقط من يقع بالإحباط واليأس، بل أحيانًا شعوب بأكملها تصل لحالة الإحباط.. فخروجها من مأزق ودخولها في مأزق آخر يتسبب في توليد مشاعر الإحباط واللاأمل.. ولكن الفشل وعدم تحقق الأهداف يفترض به أن يعلّم الإنسان مواقف جديدة للنجاح والتقدم نحو الأمام وتجاوز الواقع، فلا يرتكب الأخطاء نفسها،
ولا يدع الزمان يكرر نفسه، بل يبحث عن حلول جديدة تعينه في واقع حياته، وفي تحسين ظروف مجتمعه.. فالناجح يرى من كل عقبة فرصة للتعلم والتقدم والنجاح، والمهزوم يرى من كل فرصة نجاح عقبة وإحباط! لكي تقف من جديد بعد موقف تعثر وألم، وتخفف من آلامك وأحزانك ومشاعر الإحباط لديك؛ أنصحك بما يلي:
أولًا: لا تنتظر الرحمة والعطف من الآخرين وتقديم العون لك؛ لأن هذا العون قد يأتي وقد لا يأتي، وهذا ينطبق على الشعوب كما ينطبق على الأفراد.. فلا أحد يشعر بما تشعر به من مشاعر، ولا أحد يستطيع أن يضع نفسه بالكامل في مكانك! فأنت المسؤول الأول والأخير عن نفسك، وعن نجاحك وفشلك، ونجاح وفشل بلدك! فالتغيير يبدأ من داخلك، والمعاناة قد تكون من ضرورات التغيير أحيانًا!
ثانيًا: عليك بالجد والتعب والإصرار لتقف على أرض خصبة من جديد، فابحث عن حلول للمشكلات، ولا تقف عاجزًا مهزومًا أمام ما يصيبك، فادرس المشكلة من جميع جوانبها لتخرج بحلول إبداعية جديدة.
ثالثًا: تذكر أنه قد يشاركك الآخرون في فرحتك بنجاحك وقد لا يهتمون بذلك! فإن شاركوك فاسعد بذلك، وإن حاربوك فتجاوز الوضع وكأن شيئًا لم يكن، وإلا فإنك ستعود لدوامة الإحباط والفشل من جديد!
رابعًا: حينما تشعر بالإحباط تحدث مع من تحب، ومن يحب لك الخير ومن يدفعك للأمام، فلا تجلس مع المحبطين والمهبطين للعزائم والمدمرين الذين لا يرجون لك الخير، حتى إن كنت تحسبهم من أعز أصدقائك أو أقربائك!
خامسًا: لا تحاول الوقوف على كل كلمة جارحة أو موقف مؤلم.. وتجنب متابعة الأخبار المؤلمة والمحبطة (على القنوات الفضائية أو بالإنترنت) بشكل يومي إن كانت تسبب لك الإحباط، لأن بعض القنوات تتعمد إيصالك لتلك المرحلة من اليأس.
سادسًا: حينما تمر على ذاكرتك مواقف الإحباط والألم والتي ستثير الانفعالات السلبية لديك، فحاول تغيير مجرى تفكيرك وذكرياتك.. فابحث عن ذكريات وأفكار سعيدة ومفيدة، بدلًا من إغراق نفسك في دوامة الإحباط المدمرة لوضعك النفسي والصحي، وغيّر مكانك الذي تجلس به، ومارس أنشطة وهوايات تحبها.
سابعًا: اعلم دومًا أن الإنسان الناجح (والناجح فقط) هو من يتعرض للنقد والمحاربة ومحاولات الإحباط والتدمير.. فالبعض لا يحب أن يرى الآخرين بحال أفضل منه، أو يرى نجاحه بفشل الآخرين! فيعمل على محاربتهم، وتقويض نجاحاتهم بشتى الطرق! وما أكثر هؤلاء في زماننا! فلا تساعد أعداءك على تدمير ذاتك وتحقيق مخططهم، فتكون عدو نفسك، وتدمر إنجازاتك ونجاحاتك بنفسك وبأفكارك السلبية عن ذاتك وقدراتك! فركز على مصادر قوتك لا مصادر ضعفك.
ثامنًا: عند الشعور بالإحباط والفشل جدد أهدافك وضع لنفسك خطة جديدة لتنفيذها وحاول التمسك بها ومتابعة تحقيق ما أمكنك منها، وعزز نفسك في حال نجاحك بتحقيق أحلامك وأهدافك.. فدائما خط بأناملك خطة جديدة تمحو بها إساءات الماضي.
تاسعًا: تذكر أن الأنبياء والعظماء والعلماء تعرضوا للكثير من مواقف الإحباط والفشل، ولكنهم لم ييأسوا من رحمة الله تعالى ومن إمكاناتهم {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف:87]، فالأنبياء استمروا في طريق الدعوة بكل ما أوتوا من قوة لإيصال الرسالة التي كلفوا بها، ولولا قوة عزمهم لضاقت بهم الأرض بما رحبت ولتوقفت دعوتهم منذ اللحظات الأولى في مسيرتهم، فليس لك أسوة خير من أنبياء الله تعالى في صبرهم وتحملهم الأذى ومواجهة مواقف الفشل والإحباط وكيفية تجاوزها، فتأمل قصة نوح عليه السلام مع قومه الذين لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم ويذكرهم بالله، وما آمن معه إلا قليل! وتذكر قصص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مع قريش وعداءهم له وإيذاءه وإخراجه من بلدته، وتذكر قصة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل، وقصة يوسف عليه السلام مع إخوته، وصالح عليه السلام مع قومه... لتأخذ العبرة وقوة التحمل.
عاشرًا: إن اجتاحتك مشاعر الإحباط فعليك بالتضرع لله عز وجل بالدعاء وقراءة القرآن الكريم والصلاة، فإنك حتما ستجد بها ما يسليك ويخفف عنك ويعينك على الخروج من واقعك المؤلم ويوصلك لحياة أفضل وأفكار أجمل، فلا يملك تغيير الحال إلا رب الكون ومدبر الشؤون والأحوال. ولكن إياك والاعتراض على قدر الله تعالى وما كتب لك، لأنك لا تعلم المستقبل، ولا تعلم أين سيكون الخير، فقد يكون الواقع في ظاهره العذاب ولكن في باطنه الرحمة، فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى. فتذكر مثلا عندما تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لموقف أليم محبط عند دعوته أهل الطائف حيث صدوه وآذوه وأخرجوا فتيانهم وصبيانهم ليرموا عليه الحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين، فجلس على إثرها ملتجئا لله تعالى بالدعاء والمناجاة بكلمات عذبة منها: «إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، لكن عافيتك هي أوسع لي»، ففي قمة موقف الشدة والابتلاء تخرج كلمات التوكل على الله تعالى وطلب الرحمة منه، فتنزل على قلبه الطمأنينة وراحة النفس، ثم يبشره جبريل عليه السلام برضا الله تعالى، بل وباصطحابه في رحلة عليا مميزة فريدة.. رحلة الإسراء والمعراج لرؤية السموات السبع، ورؤية الجنة والنار، والدخول في عالم الغيبيات الإلهية بتقدير الله تعالى ورحمته، فلا رحمة أعظم من رحمة الله تعالى. وأخيرًا، اعلم أن بقاء الحال من المحال، فما تعيشه من إحباط وألم لن يدوم، وكلما ازداد الكرب والألم والضيق اقترب الفرج، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف: 110].. فعليك بالإصرار والعزيمة على النجاح والتغيير والوصول للمبتغى، فنقطة الماء كفيلة بأن تثقب الصخر إن قُرنت بالمداومة!