ترغب أمريكا في أن تذعن لها كل الدول لتبقى القوة العالمية رقم واحد ولتبقى وحدها المسيطر والمتحكم في الثروات العالمية وصاحبة القرار، واليوم كسرت رغبتها وإذا كانت بعض الدول ترتضي الهوان، فالكثير من الدول ترفضه وتقف ضد الأمريكي متحدية ومواجهة للغطرسة الأمريكية على قاعدة الند للند والقوة بالقوة.
بناء على ما سبق، تثبت إيران, رغم التصعيد الأمريكي, قدرتها في الحفاظ على توازنها وقوتها، ويتمظهر التحدي الإيراني بعدة أشكال على الساحة وبقوة، فبينما تصعد واشنطن بمختلف الأساليب السياسية والعسكرية والاقتصادية لخنق إيران، وتهدد وتتوعد بالحرب وتوحي بتحضير الأجواء لها، بإرسال حاملة طائرات أمريكية للمنطقة، يأتي الردع الإيراني حازماً ومتحدياً على لسان القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، بقوله إن أمريكا غير قادرة ولا تملك الجرأة على شن الحرب ضدنا, وإرسال حاملة الطائرات بمنزلة حرب نفسية، مع التأهب للرد بقوة على أي حماقة من قبل الأمريكيين كما لفت علاء الدين بروجردي عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى.
على الرغم من أن أمريكا تقرع طبول الحرب وتهول بها، يتراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطوة إلى الوراء بإشارته إلى رغبته بعودة التفاوض مع إيران عبر «دبلوماسية الهواتف» للتوصل إلى «اتفاق عادل» وهو في الواقع ليست رغبة واقعية بقدر ما هي استثمار سياسي ومراوغة أمريكية، قابلها على الجانب الإيراني رفض للتفاوض مع أمريكا في الوقت الحاضر كما نقل عن الرئيس الإيراني حسن روحاني، تسانده إشارة رئيس لجنة الأمن والسياسة الخارجية في مجلس الشورى فلاحت بيشه بأنه لا أحد في إيران سيتصل هاتفياً مع ترامب، لتلتقي جميعها عند قول قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي في وقت سابق بأنه لا حرب ولا تفاوض مع أمريكا.
القوة الإيرانية اليوم غير مؤطرة، فمن شأن أي عمل عسكري ضد إيران أن يكون له رجع صداه لدى كيان العدو الإسرائيلي الذي سيكون في مرمى الصواريخ الإيرانية، والسؤال هل تضحي أمريكا بأمن كيانها؟ لا نعتقد ذلك، وهل تضحي بأمن قواتها في المنطقة وهي تحت المجهر الإيراني؟.
جوهر القضية بالنسبة لأمريكا هو تغيير «سلوك القيادة الإيرانية» وليس الحرب، بصراحة قالها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، كاشفاً عن عدم جدية واشنطن فيما هي ذاهبة إليه وتهول به، أما إيران فقد باتت تضع نصب أعينها جميع الاحتمالات والسيناريوهات مستندة على قوتها وصمودها على مدار 40 سنة، مرتكزة على قدرتها على ردع الوجود الأمريكي في الإقليم الذي بات فرصة لها وليس تهديداً.
رائحة الحرب التي يراد لها أن تتصاعد في المنطقة بفعل الغطرسة الأمريكية لإبقاء الفوضى والتوتر دون الانجرار لحرب فعلية راهناً، من شأنها أن تُعَمق وتُكرس واقع تراجع نفوذ أمريكا وتراكم من عوامل ضعفها، فيما تساهم واشنطن عن غير قصد في تثبيت قوة الردع الإيرانية التي تجلت في تعليق بعض التزاماتها ضمن الاتفاق النووي والعودة إلى بعض النشاطات النووية، والرد على القوة بمثلها، والقدرة على المواجهة
هبا احمد علي