تقارير | 11:30 - 14/05/2019
متابعة - موازين نيوز
بأعالي جبال الأنديز (Andes)، أسس شعب الإنكا (Inca) واحدة من أهم الإمبراطوريات في تاريخ القارة الأميركية، حيث بلغ تعداد سكانها خلال أوج قوتها 12 مليون نسمة.
وعلى الرغم من عدم امتلاكهم لنظام كتابة واضح، برع الإنكا في مجالات عديدة كالفلاحة، والأشغال العامة، والإدارة.
في الأثناء، عرف القرن السادس عشر نهاية حضارة الإنكا بعد مضي حوالي 3 قرون على نشأتها، وفي عهد آخر أباطرتها المعروف بأتاوالبا (Atahuallpa)، شهدت البلاد حربا أهلية انتهت بانتصار الأخير على شقيقه، تزامن ذلك مع حلول المستكشف والكونكيستدور الإسباني فرانسيسكو بيزارو (Francisco Pizarro) بالمنطقة رفقة 180 من جنوده.
وقد عرف عن فرانسيسكو بيزارو، المولود عقب علاقة غير شرعية والمنحدر من وسط فقير بإسبانيا، أنه رافق عددا من كبار المستكشفين مثل فاسكو نونييث دي بالبوا خلال رحلاتهم نحو العالم الجديد، وكان شاهدا على اكتشاف المحيط الهادئ سنة 1513.
وخلال العام 1524، شكّل بيزارو تحالفا مع مواطنه دييغو دي ألماغرو وأبحر انطلاقا من بنما تجاه جنوب السواحل الغربية للقارة الأميركية.
وبعد مغامرة أولى قادته نحو الإكوادور، سمع فرانسيسكو بيزارو بحضارة أخرى تدعى الإنكا بأرض أطلق عليها لاحقا اسم البيرو فاتجه نحو ملك إسبانيا شارلكان بحثا عن الدعم لقيادة حملة عسكرية للسيطرة على أراضي الإنكا وتوسيع ممتلكات الإمبراطورية الإسبانية.
وأمام هذا العرض، وافق شارلكان على دعم بيزارو أملا في الحصول على مزيد من الذهب عقب نجاح حملة هرنان كورتيس ضد الأزتك خلال السنوات السابقة.
سنة 1531، أبحر بيزارو ورجاله نحو البيرو ونزلوا بمنطقة تمبيس قبل أن يصعدوا نحو أعالي جبال الأنديز خلال شهر تشرين الثاني 1532 ليحلّوا بمدينة كاخاماركا.
وهناك، وجّه الكونكيستدور الإسباني لنظيره إمبراطور الإنكا أتاوالبا، الذي انتصر لتوه على شقيقه بالحرب الأهلية، دعوة لحضور عشاء على شرفه.
في الأثناء، قبل أتاوالبا عرض بيزارو، حيث آمن إمبراطور الإنكا بقدرة جيشه ذي الـ30 ألف عنصر على سحق قوات الإسبان التي بلغ تعدادها 180 جنديا فقط وقت الضرورة، وتجاهل في المقابل التقدم التكنولوجي للأوروبيين الذين امتلكوا المدافع والبنادق إضافة لإمكانية وقوف عدد من قبائل السكان الأصليين إلى جانبهم لتسهيل مهمة القضاء على الإنكا.
ويوم 16 تشرين الثاني 1532، حلّ أتاوالبا رفقة الآلاف من جنوده لملاقاة بيزارو الذي أعد له كمينا محكما.
وبادئ الأمر، تقدّم راهب إسباني من أتاوالبا، وطلب منه اعتناق المسيحية والقبول بوصاية التاج الإسباني.
وأمام هذا المقترح الغريب، أقدم إمبراطور الإنكا على إلقاء كتاب الإنجيل الذي قدّم إليه أرضا معبّرا عن غضبه الشديد من تصرفات الإسبان.
وحال مشاهدته لذلك، أمر فرانسيسكو بيزارو قواته بفتح نيران مدفعيتها، ليبدأ الهجوم الإسباني الذي أسفر عن مقتل الآلاف من الإنكا وأسر الملك أتاوالبا.
ولإطلاق سراحه، عرض أتاوالبا على الإسبان غرفة مليئة بالذهب ومع موافقة بيزارو جلب إمبراطور الإنكا ما يعادل 24 طنا من الذهب، ضمن ما اعتبره المؤرخون أكبر فدية عرفها التاريخ.
وبدلا من الوفاء بوعدهم، فضّل الإسبان محاكمة أتاوالبا، ووجهوا له تهما خطيرة كالتآمر على التاج الإسباني وقتل شقيقه ليصدر في حقه لاحقا حكم بالإعدام.
على منصة الإعدام يوم 29 آب 1533، خيّر الإسبان الإمبراطور أتاوالبا بين الموت حرقا أو اعتناق المسيحية والموت خنقا.
وأمام هذا الخيار الصعب، فضّل أتاوالبا اعتناق المسيحية والموت خنقا بالحبل أملا في أن يحنّط شعبه جثته لتقديسها.
ومع زوال عقبة أتاوالبا وحصوله على دعم إسباني، زحف بيزارو على كوزكو، عاصمة الإنكا، وسيطر عليها خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1533 قبل أن يؤسس مدينة ليما، العاصمة الحالية للبيرو، على الساحل الشرقي للمنطقة سنة 1535.