TODAY - September 09, 2010
تساؤلات حول مصير 632 قطعة أثرية سلمت لمكتب المالكي العام الماضي ثم اختفت
السفير العراقي بواشنطن لـ «الشرق الأوسط»: هناك شبكة من الأصدقاء المتحمسين لإعادة آثارنا
واشنطن: مينا العريبي بغداد: «الشرق الأوسط»
شرح السفير العراقي في واشنطن، سمير الصميدعي لـ«الشرق الأوسط» الإجراءات التي قامت بها السفارة العراقية لتسهيل استرجاع القطع الأثرية التي سلمت إلى وزارة الخارجية العراقية في احتفال ببغداد أول من أمس، قائلا: «كانت هناك سلسلة من العمليات عبر السنوات الأربع الأخيرة وتراكمت القطع قبل أن نعيدها إلى العراق». من ناحية ثانية، كشف مسؤول عراقي عن أن مئات القطع التي أعيدت العام الماضي وسلمت إلى مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي لا يعرف مصيرها الآن.
وأضاف الصميدعي الذي عاد إلى العراق للمشاركة في مراسم تسليم القطع الأثرية، أن استرجاع القطع الأثرية تم من خلال عمليات عدة، منها «اتصال بعض الأميركيين بنا لإعلامنا بوجودها، أو سماعنا عن بعض القطع التي تعرض للبيع في المزادات مثل مزاد (كريستيز)، وأحيانا كنا نسمع من بغداد عن قطع معينة فنلاحقها».
ومن خلال تعاون السفارة العراقية مع وزارتي الخارجية والأمن الداخلي الأميركيتين، تحصل عملية إعادة القطع الأثرية. وقال الصميدعي: «العملية معقدة لأننا أحيانا نحتاج إلى خوض قضايا قانونية من أجل التوصل إلى الحجز على القطعة المعينة». ويذكر أن القضايا القانونية ليست دائما بسيطة، وخاصة أن بعض القطع الأثرية لا يوجد لديها أرقام محددة في المتاحف العراقية ويصبح من الملزم على الحكومة العراقية إثبات ملكيتها.
وربما أشهر الآثار التي استرجعت هي زوج أقراط تعود إلى كنز نمرود وتعرفت السفارة العراقية في واشنطن عليهما في كتيب مزاد «كريستيز»، وأبلغت وزارة الأمن الداخلي الأميركية بالعمل على استرجاع هذا الزوج، في عملية قال الصميدعي إنها «استغرقت أشهرا طويلة». كذلك توجد ضمن المجموعة التي تم تسليمها إلى بغداد قطعة حديثة، وهي بندقية فضية تعود إلى الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، انتبهت إليها السفارة بعد أن نشرت إحدى الصحف المحلية في مدينة سياتل خبرا مفاده أن أحد ضباط الجيش الأميركي من العائدين من العراق جلب معه بندقية من الفضة تعود إلى رئيس النظام السابق. واتصلت السفارة العراقية بالوحدة العسكرية التي يعود إليها ذلك الضابط لغرض استعادة البندقية وتم ذلك بالتعاون مع وزارة الأمن الوطني الأميركية.
وأوضح الصميدعي: «كل قطعة لها قصة مختلفة، فقسم أخذه جنود أميركيون، وقسم هربته عصابات تهريب، وآخر أخرج من العراق منذ سنوات». وقال إن هناك «جوانب سياسية ولوجستية» تتولاها السفارة لاسترجاع القطع الأثرية وحمايتها إلى حين عودتها إلى مكانها في المتاحف العراقية. وأضاف أن المجموعة الأولى من الآثار المسروقة، وكانت تتضمن أكثر من 600 قطعة، أعيدت إلى العراق قبل أكثر من عام في طائرة عسكرية لضمان حمايتها. إلا أن هذه المرة تم نقل القطع عن طريق طائرة شحن خاصة، حيث تم الترتيب مع شركة مخصصة لشحن الآثار. وبينما يتواصل البحث عن قطع أثرية أخرى سرقت من العراق، أوضح الصميدعي أن هناك الآن «شبكة من الأصدقاء المتحمسين، من الأميركيين أنفسهم، لإعادة الآثار العراقية إلى وطنها».
إلى ذلك، كشف الصميدعي النقاب عن أن 632 قطعة أثرية أعيدت العام الماضي وسلمت إلى مكتب المالكي أصبحت الآن في عداد المفقودات. ونقلت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» قوله في الاحتفال الذي جرى في بغداد أول من أمس: «لقد تم إرسالها إلى مكتب رئيس الوزراء حيث شوهدت لآخر مرة». ولم يتضح على الفور ماذا حدث لهذه القطع الأثرية، وقال الصميدعي إنه حاول معرفة ذلك لكنه فشل. وأضاف أنه لا يتهم حكومة المالكي بالقيام بسرقتها، لكنه أعرب عن خيبة أمله لأن الجهود المبذولة لإعادة القطع الفنية والأثرية لم تؤد سوى إلى حالة من التشويش والغموض.
من جهته، طالب علي الموسوي، وهو مستشار للمالكي، الحكومة الأميركية بتوضيح مصير القطع الأثرية، ونقلت عنه «نيويورك تايمز» قوله في مقابلة عبر الهاتف: «إننا لم نتسلم أي شيء». بدوره، قال قحطان الجبوري، وزير الدولة للسياحة والآثار، إنه إذا لم تكن الآثار في مكان ما في عهدة رئيس الوزراء، فإنها ستكون على الأرجح لدى وزارة الثقافة التي تشرف على المتاحف في البلاد. لكن المتحدث باسم وزارة الثقافة العراقية رفض التعليق على ذلك، بينما قالت أميرة عيدان، مديرة المتحف الوطني، إن أيا من القطع الأثرية لم تتم إعادتها إلى المتحف. وقال الجبوري سيتم تشكيل لجنة للتحقيق في هذا الأمر.
ووفقا للسفارة الأميركية في بغداد، فإن الولايات المتحدة أعادت 1046 قطعة أثرية منذ عام 2003 عندما نهب اللصوص المباني في جميع أرجاء العراق، بما في ذلك المتاحف. وعلى الرغم من الغضب الدولي على الولايات المتحدة وحلفائها بسبب عمليات السلب والنهب، فإن الكثير من القطع الأثرية تم تهريبها إلى خارج العراق قبل الغزو، وغالبا بالتواطؤ مع مسؤولين في حكومة صدام حسين، وذلك وفقا لمسؤولين عراقيين.
وفيما يتعلق بمقتنيات صدام، فقد أوضح عبد الزهرة الطلقاني، المستشار الإعلامي لوزارة الدولة لشؤون السياحة والآثار في العراق، لـ«الشرق الأوسط» أن مقتنيات الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، جزء منها محفوظ في مخازن المتحف الوطني العراقي، وأنها من موجودات قصوره التي كان يرتادها سابقا في زمن حكمه، مؤكدا أن أغلب قصور صدام في بغداد والمحافظات قد تعرضت للسرقة إبان دخول القوات الأجنبية العراق عام 2003، وأن ما تبقى محفوظ في المتحف العراقي، وهو لم يعرض على المواطنين إلى الآن.
«الشرق الأوسط»