سكنتُ دهورًا بلا مهربِ
بقبرٍ حقيرٍ ومكتَئبِ
سمعتُ نفيرًا يَهزُّ المدى
تزيد به ظلمة الحُجبِ
وغطّى السماءَ لهيبُ علا
وصابَ الأراضي لظى الشُّهبِ
دخانٌ كثيفٌ يغطي المدى
وعمَّ النفوسَ دجى المكربِ
هرعتُ أرددُ حرف الرجا
وأبحثُ للخوفِ عن مهربِ
جدارٌ وقد أقُفِلوا بابهُ
يحيطُ حطيمًا من اللهبِ
تُساق الجموع الى حتفها
تُقَلَّبُ بالنار كالحطبِ
وفي كلِّ ركنٍ بدا حارسٌ
ليدخلَ رهطًا ولم يجتَبِ
كأنّهُ يعرفُ ما جُرْمهم
ويقرأهُ في رؤى الكتبِ
شكوتُ إليهِ وخوفي بدا
ونفسيَّ سكرى منَ الوصبِ
كشاةٍ تفرّ إلى حتفها
وحيرى تحاذرُ من مخلبِ
أتانا الذهولُ وبانَ الأسى
فمن يشفعُ اليوم للمذنبِ ؟
أناجيْ بصمتٍ و مَنْ سامعي
أتانيَّ همسٌ بعطر أَبي
ستنجو النفوس الّتي زُكّيتْ
ولن ينفعَ النَّاسَ مِن نسبِ
إمامكُ طه شفيعُ الورى
عليهِ ففتشْ ومنهُ اطلبِ
أناجيهِ من وحشتي في العرا
ودمعي على خدّي المتعبِ
سمعتُ هتافًا بعالي الربى
ويدعو إلى بابه الأرحبِ
وقلتُ وقلبي إليهِ صبا
كأني رايتُ سنا مطلبي
رايته نورًا بعين الرضا
وعينيْ تسائلُ عنْ مأْربي
ونفسي تميلُ بِحَرِّ اللظى
إلى الماء عطشى كأنّي صبي
فقال بأَني بلغت المنى
وحوضُ الحبيبِ بدا مشربي
شراب الجنان لمن عشقوا
وقالوا خُلقنا لحبِّ النبي
عقيل الساعدي