كيف ننظم حملات إعلامية؟ وكيف نوصل صوتنا للعالم؟ الحلقة الأولى
أولًا، التخطيط للحملات الإعلامية.
ثانيًا، اختيار الجمهور الذي سنخاطبه.
ثالثًا، الوسائل المستخدمة في الحملات الإعلامية.
رابعًا، المتابعة الإعلامية وتقييم الأداء.
أولًا، التخطيط للحملات الإعلامية.
مقدمة:
لا شك أن الإعلام سلاح هام في عصرنا الحالي، وله دور حاسم في الكثير من المعارك والحروب، ولا شك أن الكثيرين يتسائلون عن الطريقة الأمثل للاستفادة من الإعلام لطرح القضايا التي نؤمن بها ونريد أن ننصرها.
والإعلام ليس كما يظن الكثير مجرد وسيلة للظهور بشكل جميل أمام الآخرين، والإعلام لا يهدف فقط لإقناع الناس بوجهة نظرك بل تخدم أهداف عامة كثيرة، نجملها بالآتي:
1- إقناع الناس المحايدين بوجهة نظرك وعدالة قضيتك.
2- حشد وتعبئة الأنصار ودفعهم للعمل والتحرك والرفع من معنوياتهم.
3- تثبيط وكسر معنويات العدو أو شق صفوفه أو استمالة المؤيدين له، وهو ما يعرف بالحرب النفسية.
4- إعلام الناس بموقفك من القضايا المستجدة.
ولا شك أن العمل الإعلامي يجب أن يرتكز على تخطيط بعيد المدى واتباع استراتيجيات واضحة، وذلك بعيدًا عن الارتجالية التي نراها لدى الكثير من العاملين في المجال الإعلامي والذي كثيرًا ما أدى إلى نتائج عكس ما يريده العاملون.
إلا أننا في هذه الدورة سنركز على الحملات الإعلامية، والتي يجب أن تكون مضبوطة بخطة واستراتيجية إعلامية أوسع وأكثر شمولًا.
الحملة الإعلامية:
هي عبارة عن سلسلة من النشاطات والفعاليات التي تهدف إلى إيصال رسائل إلى المؤيدين أو المخالفين أو المحايدين، والتأثير على مواقفهم تجاه قضية معينة ومحددة.
أمثلة: حملة إعلامية لإقناع الناس لانتخاب المرشح أبو محمود رئيسًا لمجلس البلدية، أو حملة إعلامية لإقناع الناس بمقاطعة شركة أمريكية تدعم الكيان الصهيوني، أو حملة إعلامية لإخافة المستوطنين ودفعهم للهرب من فلسطين.
التخطيط الجيد هو نصف الطريق نحو النجاح، وعدم التخطيط هو التخطيط للفشل، وهنا سنتناول أهم الخطوات الذي يجب اتباعها من أجل التخطيط بشكل سليم يضمن النجاح، ولا بد من التأكيد على قواعد عامة في التخطيط لأي نشاط كان:
1- الأهداف يجب أن تكون واقعية وقابلة للتنفيذ.
2- يجب أن تكون الأهداف والوسائل والمسؤوليات واضحة ومحددة بشكل لا لبس فيه.
3- يجب توفر الميزانية الكافية للتنفيذ، ويجب توفر الكادر البشري القادر على التنفيذ.
القواعد الأساسية للتخطيط للحملات الإعلامية:
أولًا: حدد الغاية من الحملة.
أهم شيء يجب أن نفعله هو أن نسأل أنفسنا: ما الذي نريد تحقيقه من هذه الحملة؟
هل نريد التواصل مع مؤيدينا وتعزيز صلتهم بنا؟
أم نريد إقناعهم بسياسة جديدة؟
أم نريد حثهم على تشمير السواعد لتنفيذ خطة أو دخول مواجهة؟
أم هل نريد اقناع الناس المحايدين بتأيدنا؟
أم نريد اقناعهم بالوقوف على الحياد وعدم تأييد خصومنا؟
أم هل نريد إخافة خصومنا ودفعهم للهرب؟
أم نريد اقناع خصومنا بالاستسلام وعدم مواجهتنا؟
أم نريد اقناعهم أننا نريد التصالح معهم وفتح صفحة جديدة؟
ثانيًا: حدد أهداف الحملة، التي تحقق الغاية التي رسمتها في الخطوة الأولى.
مواصفات الأهداف الجيدة:
1- أن تكون واضحة ومحددة، وابتعد عن الأهداف الفضفاضة والعامة. مثال: لا تضع هدف "نشر الإسلام"، كن أكثر تحديدًا: "زيادة عدد المعتنقين للإسلام في أمريكا أو أي بلد آخر"، ولا تضع هدفًا مثل مقاطعة كل الشركات الغربية المطبعة مع الاحتلال، فهذا يشتت الحملة، اختر شركة واحدة وركز عليها الحملة، ثم نظم حملة أخرى لشركة ثانية وهكذا.
2- أن تكون قابلة للقياس، فأن تقول: "نريد زيادة تأييد القضية الفلسطينية" لا يكفي، يجب أن تضع طريقة لقياس التأييد، أمثلة: "زيادة عدد الذين يخرجون بمظاهرات دعم القضية الفلسطينية بنسبة 50%"، أو "زيادة عدد المعتنقين للإسلام في أمريكا إلى 10 آلاف شخص في السنة".
3- أن تكون ضمن الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة أو الجماعة التي تعمل معها، فلا يعقل مثلًا: أن تكون في مجموعة لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، ثم تخطط لحملة إعلامية تهدف إلى "زيادة عدد تصاريح العمل في المستوطنات."
4- أن تكون واقعية وقابلة للتطبيق، فلو كان لديك ميزانية محدودة وتعتمد على المتطوعين لا تضع هدفًا لك يحتاج لميزانيات عالية، مثل "أن أزيد عدد المقاطعين للبضاعة الصهيونية في أوروبا بمئتين ألف شخص".
ثالثًا: حدد الجمهور الذي ستخاطبه، فمخاطبة الحليف والصديق تختلف عن مخاطبة المحايد، ويختلف عن مخاطبة العدو والخصم.
ولأهمية هذه النقطة وكثرة الأخطاء التي ترتكب هنا سيتم تناولها في الحلقة الثانية من الدورة.
رابعًا: حدد الوسائل والأساليب التي ستستخدمها في حملتك الإعلامية، وأحرص على أن تكون ضمن الميزانية والكادر البشري المتوفرين.
وسنتناول هذه النقطة في الحلقة الثالثة من الدورة بإذن الله.
خامسًا: ضع جدولًا زمنيًا للنشاطات التي ستنفذها، وأحرص على توضيح الآتي في الجدول الزمني:
1- اسم النشاط، والأهداف المطلوبة منه.
2- الأشخاص المكلفين بالتنفيذ.
3- الأساليب والوسائل المستخدمة.
4- الميزانية المخصصة.
5- الوقت المخصص لتنفيذ هذا النشاط.
6- الشخص المسؤول عن إدارة هذا النشاط.
7- حدد مواعيد للمراجعة والتقييم، للتأكد من أن الحملة تحقق أهدافها.
مثال لتخطيط سيء وتنفيذ أسوأ:
تعد فكرة المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني مدخلًا لنصرة القضية الفلسطينية، فتأتي شركة مثل أديداس وتقرر تنظيم سباق في القدس المحتلة يساهم بتهويد المدينة.
تثور الثائرة ويقرر مجموعة من الشبان تنظيم حملة مقاطعة ردًا على تهويد المدينة: "نريد أن نقاطع أديداس".
يأتي أحد أفراد المجموعة ويقول: "ماذا عن شركة كاتربلر؟ هي تدعم الكيان الصهيوني أيضًا"، ويأتي ثالث ويضيف شركة أخرى، وبنهاية الجلسة يصبح لدينا عشر شركات.
عند التنفيذ يتذكر أحدهم: "نسينا هذه الشركة وتلك"، ويقول آخر: "لنقاطع كل البضاعة الغربية ولندعم البضاعة الوطنية"، وتصبح الحملة تتكلم عن الاكتفاء الذاتي وتشجيع الصناعة الوطنية وتحسينها، أنظروا أين بدأنا وأين انتهينا؟
كان من الأصل التركيز على هدف واحد، لأن الناس تتشتت ولا تستطيع حفظ كل الأسماء المطلوب مقاطعتها، ركز على هدف واحد وأنجزه (سياسة فرق تسد)، وبعدها نظم حملة جديدة، والخطأ الثاني الذي ارتكبوه أنهم لم يلتزموا بالخطة عند التنفيذ وتركوا الأمور تسير بلا مراجعة ولا تقييم.
تدريب:
ارجو من المشاركين في الدورة أن يقوموا بعمل خطة لحملة إعلامية غايتها اقناع الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، بمقاطعة البضاعة الصهيونية. وذلك حسب الخطوات المذكورة أعلاه.