لقد نزل القرآنُ حافلاً بذكر أهل البيت (عليهم السلام)، لا سيما الخمسة من أهل الكساء، وقد ورد في اللفظ الصريح عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: «نزل القرآن على أربعة أرباع: ربعٌ فينا، وربعٌ في عدوّنا، وربعٌ في فرائض وأحكام، وربعٌ سنن وأمثال، ولنا كرائم القرآن» (تفسير العياشي: 1 / 9)، وهم مَن حدّثوا الناس بالقرآن وبالوحي، وفسّروا آيات الكتاب المجيد، وكشفوا بيانه وبعض أسراره.
وعن الحكم بن عتيبة قال: لقيَ رجلٌ الحسينَ بن عليّ (عليهما السّلام) بالثعلبيّة وهو يريد كربلاء، فدخل عليه فسلّم عليه، فقال له الحسين (عليه السّلام): «مِن أيّ البلاد أنت؟»، قال: مِن أهل الكوفة، قال: «أما والله يا أخا أهل الكوفة، لو لقيتُك بالمدينةِ لأريتُك أثرَ جبرئيل من دارنا ونزوله بالوحي على جدّي، يا أخا أهل الكوفة، مستقى العلم مِن عندنا، أفعَلِمُوا وجَهِلْنا؟! هذا ما لا يكون»(بصائر الدرجات للصفّار القمّي: 31 ح 1، الكافي: 1 / 398 ح 2).
وقد خصّ الله (تبارك وتعالى) أهلَ بيت النبوّة (صلوات الله عليهم) بآياتٍ، عناهم فيها وثبّت فيها فضائلهم وخصائصهم، داعياً المسلمين إلى فَهْم ذلك.. وكان الإمام الحسين (عليه السلام) مشاركاً في كل ما ورد من مدح أهل البيت (عليهم السلام) جميعاً ومعنيّاً بجملةٍ وافرةٍ مِن آيات الذِّكر الحكيم الخاصة به.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, ,
الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه:
﴿فتلقّى آدمُ مِن ربِّه كلماتٍ فتابَ عليه إنّه هو التوّابُ الرحيم﴾ (سورة البقرة: 37).
روى صاحب "الدرّ الثمين" في تفسير قوله تعالى: ﴿فتلقّى آدمُ مِن ربّه كلماتٍ﴾؛ أنّه رأى ساق العرش وأسماء النبيّ والأئمّة (عليهم السّلام)، فلقّنه جبرئيل، قل: "يا حميد بحقّ محمّد، يا عالي بحقّ عليّ، يا فاطر بحقّ فاطمة، يا محسن بحقّ الحسن والحسين، ومنك الإحسان"، فلمّا ذُكر الحسينُ سالت دموعه وانخشع قلبه وقال: «يا أخي جبرئيل، في ذِكْر الخامس ينكسر قلبي وتسيل عبرتي!»، قال جبرئيل: "ولدُك هذا يصاب بمصيبةٍ تصغر عندها المصائب"، فقال: «يا أخي وما هي؟!»، قال: "يُقتَل عطشاناً غريباً وحيداً فريداً، ليس له ناصرٌ ولا معين، ولو تراه يا آدم وهو يقول: وا عطشاه، وا قلّة ناصراه! حتّى يحول العطش بينه وبين السماء كالدخان، فلم يجبه أحدٌ إلّا بالسيوف وشرب الحتوف، فيُذبح ذبح الشاة من قَفاه، ويَنهب رحلَه أعداؤه، وتُشهر رؤوسهم هو وأنصاره في البلدان ومعهم النسوان، كذلك سبق في علم الواحد المنّان"، فبكى آدم وجبرئيل بكاء الثَّكلى (بحار الأنوار للشيخ المجلسي: 44 / 245 ح 44).