نسب إبراهيم النخعي ومولده
هو إبراهيم بن يزيد بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن سعد بن مالك بن النَخَع[1]، الفقيه، الكوفي، النَخَعي، أحد الأئمَّة المشاهير[2]، الإمام الحافظ فقيه العراق[3]، من أكابر التابعين صلاحًا وصدق رواية وحفظًا للحديث[4]، يُكنَّى أبا عمران[5]، وأبو عمَّار[6].
وأمه مليكة بنت يزيد بن قيس النخعيَّة[7]، وُلِد سنة خمسين من الهجرة[8]، وقيل: سنة ست وأربعين[9]، وقيل: غير ذلك، واشتُهر بالنَّخَعِي نسبةً إلى قبيلة النخع[10]، وهي قبيلةٌ كبيرةٌ من مذحج باليمن[11].
مكانة إبراهيم النخعي العلمية وشخصيته
كان إبراهيم النخعي رجلًا صالحًا متوقيًا[12]، فقيه النفس، كثير المحاسن، واسع الرواية[13]، إمامًا في الفقه[14]، مفتي أهل الكوفة في زمانه[15]، وكبير الشأن[16]، شديد الهيبة[17]، يُعظِّمه الأكابر[18]، ويُهاب كما يُهاب الأمير[19]، أدرك جماعةٌ من الصحابة وأكثر روايته عن علماء التابعين، فأخذ عن علقمة، والأسود، ومسروق[20].
وقد حمل الناس عنه العلم وهو ابن ثماني عشرة سنة[21]، وروى عنه جماعاتٌ من التابعين، منهم: السبيعى، وحبيب بن أبي ثابت، وسماك بن حرب، والحكم، والأعمش، وابن عون، والحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، وأبو حصين عثمان بن عاصم، وعطاء بن السائب، وحماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة، وخلقٌ كثيرٌ سواهم[22].
إبراهيم النخعي في عيون الأئمة
كان إبراهيم النخعي رجلًا زاهدًا لا يُدرى أهو من الفقراء أو من القُرَّاء[23]، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا[24]، وقد أثنى عليه الأئمَّة والتابعون خيرًا[25]، وأجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته[26]، فقال عنه سعيد بن جبير رحمه الله: "أتستفتوني وفيكم إبراهيم"[27]. وقال أبو زرعة رحمه الله: "إبراهيم النخعي عَلَمٌ من أعلام أهل الإسلام"[28]. وقال أحمد بن حنبل رحمه الله: "كان إبراهيم ذكيًّا حافظًا"[29]. كما قالوا عنه: "إنَّه صَيْرَفِيُّ الحديث"[30].
وفاة إبراهيم النخعي
تُوفِّي الإمام الكبير إبراهيم النخعي في سنة ستٍّ وتسعين من الهجرة[31]، في خلافة الوليد بن عبد الملك بالكوفة[32]، وهو ابن تسعٍ وأربعين سنة[33]، وقيل: مات وهو ابن نيِّفٍ وخمسين سنة[34]، وقيل: وهو ابن ستٍّ وأربعين سنة[35]، وقيل: كان ابن ثمانٍ وخمسين[36].
قال ابن عون: أتيت الشعبي بعد موت إبراهيم فقال لي: أكنتُ فيمن شهد دفن إبراهيم؟ فالتويت عليه، فقال: والله ما ترك بعده مثله، قلت: بالكوفة؟ قال: لا بالكوفة ولا بـ البصرة ولا بالشام[37]، وفي روايةٍ قال أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب عن أبيه: كنت فيمن دفن إبراهيم النخعي، فقال الشعبي: أدفنتم صاحبكم؟ قلت: نعم. قال: أَمَا إنَّه ما ترك أحدًا أعلم منه أو أفقه منه، قلت: ولا الحسن ولا ابن سيرين؟ قال: ولا الحسن، ولا ابن سيرين، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز[38]، وعن الشعبي -أيضًا- قال: "إبراهيم ميتًا أفقه منه حيًّا"[39].
[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ= 1990 م، 6/ 279، وخليفة بن خياط: طبقات خليفة بن خياط، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1414هـ= 1993م ، ص265.
[2] ابن خلكان: وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 1900م، 1/ 25.
[3] الذهبي: سير أعلام النبلاء، تحقيق: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405ه= 1985م، 4/ 520.
[4] الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 1/ 80.
[5] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 279، وخليفة بن خياط: طبقات خليفة بن خياط، ص266.
[6] ابن خلكان: وفيات الأعيان، 1/ 25.
[7] ابن أبي خيثمة: التاريخ الكبير، تحقيق: صلاح بن فتحي هلال، الفاروق الحديثة للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1427هـ= 2006م، 2/ 106، وابن حبان: الثقات، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الدكن، الهند، الطبعة الأولى، 1393ه= 1973م، 4/ 8.
[8] ابن حبان: الثقات، 4/ 8.
[9] الزركلي: الأعلام، 1/ 80.
[10] اسم «النخع» هو جسر بن عمرو بن علة بن خالد بن مالك بن أدد، وإنَّما قيل له: النَّخَع لأنَّه انْتَخَع من قومه: أي بعد عنهم.
[11] ابن خلكان: وفيات الأعيان، 1/ 25.
[12] المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الأولى، 1400ه= 1980م، 2/ 237.
[13] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 4/ 521.
[14] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 7/ 20.
[15] المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 2/ 237، والذهبي: سير أعلام النبلاء، 4/ 521.
[16] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 4/ 521.
[17] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 20.
[18] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 7/ 20.
[19] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 20.
[20] حاجي خليفة: سلم الوصول إلى طبقات الفحول، تحقيق: محمود عبد القادر الأرناؤوط، مكتبة إرسيكا، إستانبول، تركيا 2010م، 1/ 66.
[21] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 20.
[22] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 4/ 521، والنووي: تهذيب الأسماء واللغات، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1/ 104، 105.
[23] حاجي خليفة: سلم الوصول إلى طبقات الفحول، 1/ 66.
[24] ابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 20، وحاجي خليفة: سلم الوصول إلى طبقات الفحول، 1/ 66.
[25] كتاب: نثل النبال بمعجم الرجال، دار ابن عباس، مصر، الطبعة الأولى، 1433هـ= 2012م، 1/ 101.
[26] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 104.
[27] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 279، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 20.
[28] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 105.
[29] الذهبي: سير أعلام النبلاء، 4/ 529.
[30] أبو يعلى الخليلي: تحقق: محمد سعيد عمر إدريس، مكتبة الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1409هـ، 2/ 556، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، دار الرسالة العالمية، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1434هـ= 2013م،10/ 117، والنووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 105، المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 2/ 238، والذهبي: تاريخ الإسلام، 2/ 1053.
[31] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 291، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 22، والنووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 105.
[32] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 291، والمزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 2/ 238.
[33] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 291، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 22، النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 105.
[34] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 291، وابن الجوزي: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، 7/ 22.
[35] ابن حبان: الثقات، 4/ 9.
[36] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 105.
[37] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 290،
[38] المزي: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، 2/ 238، والنووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 104.
[39] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 6/ 291، يعقوب بن سفيان الفسوي: المعرفة والتاريخ، تحقيق: أكرم ضياء العمري، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1401هـ= 1981م، 2/ 608.
قصة الإسلام