حقائق عن التوحد
التوحُّدُ autism هو إعاقة خطيرة طوالَ الحياة في النَّماء والتطوُّر. والتوحُّدُ بحدِّ ذاته ليس إعاقةً في التعلُّم أو مشكلة من مشكلات الصحَّة العقلية أو النفسية، حيث يُعاني المصابون بالتوحُّد عادةً من صعوبات فيما يلي:
● التواصل الاجتماعي.
● التفاعل الاجتماعي.
● المخيِّلة الاجتماعية.
ومع ذلك، يكون لدى بعض المصابين بالتوحُّد إعاقةٌ مصاحبة أو صعوبة في التعلُّم، أو مشكلة صحِّية عقلية.
التوحُّدُ هو طيفٌ من الحالات؛ وهذا يعني أنَّه في حين يعاني جميع مرضى التوحُّد من صعوبات مشتركة معيَّنة، لكنَّ هذه الحالة تؤثِّر فيهم بشكلٍ مختلف.
ولعلَّ أفضل شكل معروف لمرض التوحُّد هو مرض أو متلازمة أسبرجر Asperger syndrome؛ فالمصابون بمتلازمة أسبرجر يبدون ذكاءً متوسِّطاً أو فوق المتوسِّط غالباً. كما تكون مشاكل الكلام لديهم أقلَّ ممَّا هي عند المصابين بالأنواع الأخرى من التوحُّد، ولكن قد نلاحظ صعوبةً في فهم اللغة ومعالجتها.
في حين أنَّ بعض الذين يعانون من مرض التوحُّد يعيشون حياة مستقلَّة، قد يحتاج بعضهم الآخر إلى دعم اختصاصي طوالَ العمر. ويمكن أن يكونَ للتوحُّد تأثيرٌ عميق ومدمِّرة أحياناً في الأفراد والأُسَر. لكنَّ الحصول على الدعم المناسب يُحدِث فرقاً إيجابياً لدى الشخص المُصاب وأحبَّائه.
أسباب التوحد
هناك أكثر من نصف مليون شخص يُعانون من مرض التوحُّد في المملكة المتَّحدة على سبيل المثال، أي بمعدَّل شخص واحد لكلِّ 100 شخص. وإذا أخذنا عائلاتهم بعين الاعتبار، نجد أنَّ التوحُّدَ يمسُّ حياةَ أكثر من مليوني شخص كلَّ يوم في هذا البلد.
لا تزال أسبابُ التوحُّد قيدَ الاستقصاء. ووفقاً لبعض الدراسات، هناك أدلَّةٌ قوية تشير إلى أنَّ مرض التوحُّد يمكن أن يكونَ بسبب مجموعة مختلفة من العوامل الجسدية، والتي تؤثِّر في نموِّ الدماغ وتطوُّره. وهناك أيضاً أدلَّة تشير إلى أنَّ العوامل الوراثية هي المسؤولة عن بعض أشكال مرض التوحُّد.
لا ينجم مرضُ التوحُّد عن تنشئة الشخص، كما أنَّه ليس بسبب خطأ الفرد مع هذه الحالة.
لا يوجد علاجٌ شافٍ لمرض التوحُّد. ومع ذلك، هناك مجموعةٌ من المُداخلات (تقنيَّات التعلُّم والتطوير) يمكن أن تفيدَ المرضى.
كيف يؤثِّر مرض التوحُّد في المرضى؟
يؤثِّر التوحُّدُ في طريقة تواصل الشخص وعلاقته مع الأشخاص الآخرين. كما يؤثِّر أيضاً في كيفيَّة إحساسه بالعالم من حوله.
يمكن أن تكونَ الحياةُ اليومية بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من التوحُّد مُربِكة ومخيفة ومن دون مغزى. كما يجد المصابون بالتوحُّد فهمَ الآخرين والتواصل معهم صعباً للغاية غالباً، وهذا ما يجعلهم يشعرون بالعزلة.
وقد يعاني المصابون بمرض التوحُّد أيضاً من بعض أشكال الحساسيَّة الحسِّية أو من الافتقار إلى الحساسية، مثال الاستجابة للصَّوت أو اللمس أو الذوق أو الرائحة أو الأضواء أو اللون.
ثالوث من الاضطرابات
يتشارك المصابون بمرض التوحُّد ثلاثةَ أشكال من الصعوبات، والتي تُسمَّى أحياناً ثالوثَ الاضطرابات.
صعوبةُ التواصل الاجتماعي
المصابون بالتوحُّد يجدون صعوبةً في استخدام وفهم اللغة اللفظية وغير اللفظية، مثل الإيماءات وتعابير الوجه ونبرة الصوت، وكذلك النكات والسخرية. كما قد يُلاحظ أنَّ بعضَ المرضى لا يتكلَّمون أو لديهم خطاب محدود إلى حدٍّ ما. وقد يفهمون ما يقوله الناس لهم، لكنَّهم يفضِّلون استخدامَ أشكال بديلة للتواصل، مثل لغة الإشارة.
صعوبة التفاعل الاجتماعي
يكون لدى المصابين بالتوحُّد صعوبةٌ في إدراك وتَفهُّم مشاعر الناس، والتصرُّف مع مشاعرهم الخاصَّة؛ فعلى سبيل المثال، قد يقفون قريبين جداً من شخص آخر، أو يفضِّلون أن يكونوا وحيدين، أو يتصرَّفون بشكل غير لائق، وربَّما لا يجدون الراحة مع الآخرين. وهذا ما يجعل من الصعب عليهم تكوين صداقات.
صعوبة التخيُّل الاجتماعي
يبدي المصابون بالتوحُّد صعوبةً في فهم مقاصد الآخرين وسلوكهم والتنبُّؤ بها، وتَخيُّل الحالات التي هي خارج الروتين الخاص بهم. وهذا ما يمكن أن يعني صعوبة الخروج من المجموعة الضيِّقة للأنشطة المتكرِّرة. ولكن، لا ينبغي الخلطُ بين انعدام التخيُّل الاجتماعي وبين الافتقار إلى الخيال بشكل عام؛ فالكثير من الأفراد الذين يعانون من مرض التوحُّد هم غاية في الإبداع.
خصائص أخرى ذات صلة للتوحُّد
- حبُّ الروتين
يمكن أن يبدو العالمُ مكاناً غير متوقَّع ومربكاً للأشخاص الذين يعانون من مرض التوحُّد. ولهذا السبب، غالباً ما يشعرون بالراحة مع الروتين اليومي الثابت، بحيث يعرفون ما سيحدث كلَّ يوم.
- الحساسية الحسِّية
قد يواجه المصابون بالتوحُّد حساسيةً حسِّية في واحد أو أكثر من الحواس الخمس، حيث تكون حواس الشخص مشتدَّة (فرط حساسيَّة) أو تفتقر إلى الحساسيَّة (ناقصة التحسُّس).
- الاهتماماتُ الخاصَّة
يكون لدى الكثير من الأفراد، الذين يعانون من مرض التوحُّد، اهتمامات خاصَّة مكثَّفة، من سنٍّ مبكِّرة غالباً. ويمكن لهذه الاهتمامات أن تكونَ أيَّ شيء، بدءاً من الفنِّ أو الموسيقى إلى القطارات وأجهزة الكمبيوتر.
- صعوبات التعلُّم
قد يكون لدى المصابين بمرض التوحُّد صعوباتٌ في التعلُّم يمكن أن تؤثِّرَ في كلِّ جوانب حياتهم، فيدرسون في مدرسة تعلُّهم كيفيةَ غسل أنفسهم أو تقديم وجبة طعامية.
دليل الوالدين للتعامل مع مريض التوحد
يشعر الأهلُ بالارتياح غالباً عندما يصلون إلى تشخيص مرض التوحُّد أخيراً، لأنَّه يصبح لديهم الآن تفسيرٌ للسلوك غير الطبيعي لطفلهم.
قد يأتي تلقِّي التشخيص على الأهل مثل صدمة كبيرة، ويمكن أن يستغرقَ الأمر بعضَ الوقت لتقبُّل ما يُقال لهم. ويجدر بنا أن تتذكَّر بأنَّه على الرغم من إمكانية شعورنا وكأنَّنا أمام نهاية العالم، لكنَّ الابن أو الابنة هما الشخص نفسه الذي كتبه الله لنا، وسيكون على ما هو عليه دائماً. والفرقُ الوحيد هو أنَّنا الآن على علم بما لديه من حالة مَرضيَّة، ويمكن البدء بمساعدته على تحقيق الاستفادة القصوى من إمكانيَّاته، والعيش في هذه الحياة على أكمل وجه ممكن.
التكيُّفُ في المنـزل
السلوك
هناك مجموعةٌ واسعة من الأسباب التي قد تجعل الأفراد الذين يعانون من مرض التوحُّد يواجهون صعوباتٍ مع السلوك؛ فالتوحُّد هو اضطرابٌ في التفاعل الاجتماعي والتواصل، وهذا يعني أنَّ الأشخاص المصابين بالمرض قد يجدون العالم مربكاً، ومكاناً للعزلة والشقاء في بعض الأحيان. ولكن، من المهمِّ أن نتذكَّر بأنَّ السلوك السيِّئ ليس نتيجة لسوء التربية. وهناك، مع ذلك، عددٌ من الإستراتيجيات التي يمكن استخدامها للمساعدة، مثل التماسك والأَناة والصبر والتمارين المنتظمة، مع التذكُّر بأنَّ العقابَ يندر أن يأتي بنتيجة.
النومُ ومرض التوحُّد
من المرجَّح أن يعاني كلُّ الأطفال المصابين بمرض التوحُّد من اضطرابات النوم في مرحلة من مراحل المرض. ويمكن تقسيمُ مشاكل النوم إلى مجموعتين رئيسيتين هما: مشاكل الخلود للنوم، حيث يعاني الطفلُ من صعوبة النوم في الوقت المناسب؛ ومشاكل الاستيقاظ، حيث يستيقظ الطفل عدَّةَ مرَّات خلال الليل.
إذا كان الأهل يعتقدون بأنَّ طفلهم قد يكون لديه اضطراب في النوم، ويرغبون بمعرفة حجم المشكلة، فمن المفيد الاحتفاظ بمفكِّرة للنوم، كخطوة أولى على طريق حلِّ المشكلة؛ ثمَّ يمكن مناقشة هذه المفكِّرة مع الطبيبك، وتقرير الوسائل المناسبة لمحاولة التغلُّب على مشاكل النوم.
الأكل
يمكن أن يعاني بعضُ الأفراد المصابين بالتوحُّد من مشاكل تتعلَّق بالتغذية، ومن صعوبات في نظامهم الغذائي. وقد تسبِّب هذه المشاكلُ الغذائية زيادة في الأكل ونقصاً فيه على حدٍّ سواء.
يمكن أن تشتمل أسبابُ نقص تناول الطعام على الاختلافات الحسِّية وقطع الروتين والجوانب الاجتماعية لتناول الطعام. أمَّا أسبابُ الإفراط في تناول الطعام فيمكن أن تشتمل على الاستغرق في الطعام، وتدنِّي احترام الذات الذي قد يؤدِّي إلى الأكل بارتياح.
وكما هي الحالُ مع النوم، قد يكون من المفيد الاحتفاظ بمفكِّرة للطعام، حيث قد تساعد على الكشف عن وجود نموذج معيَّن، وتُبيِّن الأسبابَ المحتملة لفرط تناول الطعام أو نقصه.
التكيُّف مع نظام التعليم
يعاني لدى كثير من آباء الأطفال المصابين بالتوحُّد من مشكلات في العثور على المدرسة المناسبة؛ فبعض يحتاجون إلى شروط تعليميَّة خاصَّة قبل البدء في المدرسة، والبعضُ الآخر لا يكونون بحاجة إلى ذلك. ولذلك، لابدَّ من توفير المدرسة المناسبة لتلبية هذه الحاجات. وتعمل الحكومة عادةً على توفير مثل هذه المرافق التعليميَّة أو الصفوف الخاصَّة بأطفال التوحُّد.
المصدر/ صحتك الجسدية والنفسية الشيخ عباس محمد