اسواق
أجمع مختصون على أن العراق يتعرض لحملة إغراق غير مسبوقة متبوعة بانخفاض الطلب المحلي، ناتج عن اعتماد معظم المؤسسات الحكومية على الاستيراد في منتجات كثيرة، فضلا عن عدم دعم الحكومة للمنتج المحلي رغم عودته، مما قد ينذر بنكسة كبيرة له تسفر عن موت كامل في تلك القطاعات التي عاودت الإنتاج.
وأكد مسؤول رفيع، عن "تلقي رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، عدة طلبات بضرورة مخاطبة الوزارات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية باعتماد المنتج الوطني وفي حال عدم وجوده التوجه إلى المستورد".
واضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "معظم المؤسسات الحكومية تتجنب المنتج المحلي، كإطارات السيارات والمنتجات الغذائية ومواد الإنشاء العراقية، وتتجه لشراء المواد المستوردة، للاستفادة من عمولات وسفريات وامتيازات أخرى".
وتابع بالقول "كما أن الاستيراد في منتجات كثيرة مدعوم من قبل أحزاب وقوى سياسية وفصائل مسلحة تحصل أموالا من تسهيل دخولها للبلاد، وهو باب يضاف إلى أبواب الفساد في البلاد ومعروف للجميع".
وكشف ان "وزارة واحدة في العراق تستهلك سنويا عشرات آلاف من إطارات السيارات وتقوم بشراء المستورد وتتجنب المنتجات العراقية"، ووزارة أخرى تعاقدت على شراء معاطف وملابس عمال في الوقت الذي يمكن أن تتوفر بسعر أرخص عبر المنتج المحلي"، مؤكدا أن "مجلس الوزراء سيصدر توجيهات إلى المؤسسات باعتماد المنتج العراقي".
من جهته ذكر المستشار بوزارة الصناعة علي الربيعي، في وقت سابق، ان "أجندة سياسية واضحة تقف وراء بقاء القطاع الصناعي في العراق بحالة موت سريري"، موضحا أن "في العراق أكثر من 17 ألف معمل ومصنع عملاق وكبير ومتوسط وفقا للتصنيف المعتمد، يشكل القطاع الحكومي والمختلط منها نحو 56 بالمائة، وأن الهدف من تشييد المعامل والمصانع الموجودة سد حاجة البلاد الذاتية وتصدير الفائض، في العديد من المجالات".
من جانبه، أشار نائب في البرلمان العراقي إلى أن "الفترات السابقة للبرلمان لم تسمح بالحديث بجدية عن مأزق الصناعات المحلية والمنتجات الوطنية، بسبب المشاكل السياسية والخلافات التي دائما ما تؤثر على سير باقي الملفات والمشاريع في البرلمان"، موضحا أن "العراق تتوفر فيه كل المقومات لكي يصبح بلدا صناعيا وليس استهلاكيا، ولكن علينا بداية وضع خطط تنموية على أساس علمي سليم للنهوض بالقطاع الصناعي وتأهيل المعامل الحكومية، إضافة إلى إنشاء معامل جديدة تتناسب مع حجم البلاد وإمكانياتها، كذلك دعم القطاع الخاص والتعامل معه كشريك وتسهيل عمله".
وأكد أن "الاعتماد على المصانع والمنتجات الوطنية، سيوفر إيرادات من قطاع جديد غير النفط، ويساهم في القضاء على البطالة"، مبينا أن "الفساد المالي في المؤسسات المعنية بالصناعة، أثر على هذا القطاع".
وفي سياق متصل، قال أحد العاملين في معمل ألبان "أبو غريب"، مصطفى السامرائي، إن "المصانع العراقية ذات جودة عالية، وخاصة في قطاع المنتجات الغذائية، ولكن ما يؤثر على المبيعات الكلفة الكبيرة للتغليف، لأننا لا نملك مصانع تعليب".
وأكد السامرائي، إن "المؤسسات الوطنية قادرة على تغطية السوق بكثير من المنتجات العراقية التي تضاهي بل وتتفوق على نظيرتها الأجنبية المستوردة".
ووفق تقارير سابقة لوزارة التخطيط العراقية، فإن حجم التبادل التجاري مع تركيا يراوح بين 10 و12 مليار دولار سنويا، ويتركز معظمه في استيراد المنتجات الغذائية والملابس والأجهزة الكهربائية من تركيا، فيما ترتفع المبادلات التجارية مع إيران إلى نحو 14 مليار دولار سنويا.
من جهته أفاد الخبير الاقتصادي أحمد السلماني، أن "عودة بعض المنتجات الوطنية أمر مفرح، والناس تشتريها في الغالب لتتذكر أيام الخير التي كان العراق يأكل فيها مما يزرع ويلبس مما يصنع"، مبينا ان "البضائع المحلية ما زالت قليلة وجودتها ليست كما في السابق، وهناك قرار سياسي وفي بعض الأحيان نفوذ قوى يفرض البضاعة الإيرانية وأيضا التركية على السوق، لذا تجد البضائع العراقية غريبة في بلادها".
وأوضح السلماني أن "استمرار عدم دعم الحكومة للمنتج العراقي رغم عودته قد ينذر بنكسة كبيرة له تسفر عن موت كامل في تلك القطاعات التي عاودت الإنتاج، ففشل تسويق البضائع يعني التسليم بضغوط سياسية لبيع المصانع العراقية لمستثمرين أجانب".
وأكد عضو اتحاد الصناعيين العراقيين هيثم عبد الله المالكي، أن "العراقيين يمكن أن يعيدوا الإنتاج لمصانعهم لو رفعت سطوة المستوردين عنهم"، ويضيف المالكي ان "لدينا المواد الأولية لكل شيء، إلا أن البعض يستهدف تدمير القطاعات الإنتاجية، ولا سيما الزراعة، التي توفر مدخلات الصناعات الغذائية"، وفقا لصحيفة العربي الجديد.