برشلونة وليفربول.. "الكلاسيكو التاسع" في طريق "السيمفونية السادسة"


برشلونة وليفربول.. "الكلاسيكو التاسع" في طريق "السيمفونية السادسة"


محمد حامد (دبي)
حصل برشلونة على لقب دوري أبطال أوروبا 5 مرات، آخرها في عام 2015، وعانق ليفربول البطولة القارية 5 مرات أيضاً، آخرها قبل 14 عاماً، وفيما بعد كان إنجازه الأوروبي الأكبر بلوغ النهائي الموسم الماضي، الذي شهد هزيمته أمام الريال، وسبق للبارسا والليفر أن التقيا في 8 مباريات، وموقعة الليلة هي «الكلاسيكو» القاري التاسع بين الكبيرين، حيث يسعى كل منهما للعبور إلى النهائي المرتقب، الذي سيكون طرفه الآخر أياكس أو توتنهام، ما يجعل المتأهل من موقعتي الكامب نو والآنفيلد أقرب للفوز باللقب منطقياً، حيث إن مباراة الليلة كأنها نهائي للبطولة، يقام في غير موعده الرسمي، وإن تمكن أحدهما من فض الاشتباك والفوز بلقب قاري سادس سيكون أقرب إلى السيمفونية، التي يستمتع العالم بالاستماع إلى تفاصيلها.
البارسا يخوض موقعة الليلة بشعار «+ 90»، حيث تسع مدرجات الكامب نو معقل فريق برشلونة 99 ألفاً، إلا أنها لم تشهد حضور أكثر من 90 ألفاً طوال الموسم الحالي في مختلف البطولات إلا في 6 مباريات أمام مان يونايتد، وليون، وريال مدريد في مباراتي الدوري والكأس، وإسبانيول، وأتلتيكو مدريد، وسوف تكون موقعة الليلة أمام ليفربول في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال كاملة العدد، خاصة أن ميسي ورفاقه وجماهير الفريق الكتالوني لديهم جميعاً قصة عشق لا تنتهي مع دوري الأبطال، فهي الحلم الكبير في كل موسم من أجل تقليل الفجوة الأوروبية مع الغريم الأزلي ريال مدريد المتوج ملكاً على أوروبا 13 مرة.
ويدخل البارسا مباراة الليلة متسلحاً بمعنويات حسم لقب الليجا قبل أيام، ممسكاً بأكبر الدوافع من أجل تحقيق الثلاثية التاريخية الثالثة، فقد فاز بالليجا، وبلغ نهائي كأس الملك أمام فالنسيا، ويبحث عن إعادة دوري الأبطال لأحضان كتالونيا، وفي المقابل يخوض الليفر موقعة الليلة معززاً بتقديم أفضل مواسمه في البريميرليج في ظل احتدام المنافسة مع مان سيتي، وهي منافسة سوف تستمر على الأرجح حتى صافرة نهاية الموسم، ويسعى كلوب بكل قوة لتجاوز العقبة الأصعب في طريق الفوز بدوري الأبطال، فهو يدرك جيداً أن موسم فريقه الرائع سيظل بلا قيمة في حال ودع من دون الحصول على لقب، كما يدرك أن البارسا لن يمنحه بطاقة النهائي بسهولة، كما يعلم جيداً أن السيتي ما زال الأقرب للقب البريميرليج.

لم يتجاوز لويس سواريز نجم برشلونة الحقيقة حينما قال قبل ساعات من موقعة الليلة إن هناك تشابهاً ما في طريقة الأداء بين الفريقين، حيث الاعتماد على التحكم والسيطرة، والبناء من الخلف، والكرة الهجومية الجذابة طوال الوقت، وهي طريقة البارسا التي يشتهر بها، إلا أن يورجن كلوب لم يكن يلجأ لها سابقاً، فقد كان الليفر في الموسم الماضي صاعقاً على مستوى الهجمات المرتدة، والضغط بقوة على المنافس في ملعبه لاستخلاص الكرة وتسديد هدف خاطف، إلا أن المدرب الألماني تحول خلال الموسم الماضي إلى طريقة أداء قريبة مما يقدمه الفريق الكتالوني.
إرنستو فالفيردي وفقاً لما نقلته صحافة كتالونيا سيظل حائراً بين 3 مراكز في التشكيلة، التي سيدفع بها الليلة، أولها المدافع الأيمن، هل سيميدو أم سيرجي روبيرتو؟ وفي وسط الملعب فيدال بخبراته الكبيرة، أم أرثور الأكثر حيوية؟ في حين حسمها كوتينيو على حساب ديمبلي، فالأخير ليس جاهزاً بما يكفي، وإن كان الدفع به يظل خياراً وارداً، وبالنظر إلى هذه المتغيرات فإنه من المرجح أن يخوض برشلونة موقعة الليلة بالحارس تير شتيجن، وفي الدفاع روبرتو، وبيكيه، ولينجليت، وألبا يساراً، وفي وسط الملعب الثلاثي آرثور، وبوسكيتس، وراكيتيتش، وفي الهجوم سورايز، وميسي ومن خلفهما البرازيلي كوتينيو.
في المقابل حسم كلوب أمره، ومن المرجح أن يدفع بتشكيلة تعتمد في المقام الأول على الثلاثي الهجومي القوي الذي يتكون من صلاح وفرمينيو وماني، وقد حذرت صحافة كتالونيا من صلاح الذي يستعيد بريقه، وفرمينيو المهاري، وماني الهداف القوي، ومن خلف ثلاثي الهجوم يستعين ليفربول بثلاثي أصحاب مهام دفاعية في المقام الأول وهم فابينيو، وهندرسون، وكيتا، أما الدفاع فسوف يقوده النجم الهولندي فان دايك المتوج بلقب أفضل لاعب في البريميرليج، وإلى جانبه في قلب الدفاع ماتيب، في حين يتولى أرنولد مهام الجبهة اليمنى، وروبرتسون في اليسار وهما من أهم الأسلحة التي تقوم بالدور المزدوج دفاعاً وهجوماً في خطة كلوب، وفي حراسة المرمى لا بديل عن الحارس البرازيلي أليسون الذي أعاد الهيبة لعرين الريدز.
وفي الوقت الذي يترك ليفربول انطباعاً جماهيرياً بأنه لا يقف على قدم المساواة في الوقت الحاضر مع البارسا نظراً لوجود ميسي وهو النجم الذي يصنع الفارق لمصلحة برشلونة، فإن المؤشرات المالية تؤكد أن هناك تقارباً كبيراً بين الفريقين، حيث تبلغ القيمة السوقية للبارسا مليار يورو، في حين تصل إلى 950 مليون يورو لليفربول، مما يجعل فارق الـ50 مليون يورو لا يحمل مؤشراً على مقدرة برشلونة على حسم الأمور.
الجماهير «حائرة» بين ميسي وصلاح
على الرغم من أن استدعاء فكرة المقارنة بين ليونيل ميسي وأي لاعب آخر في العالم بعد ابتعاد غريمه الأبدي النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو صوب دوري الطليان يبدو أمراً لا يحمل الكثير من المنطق، ويثير الجدل، إلا أن النجم الأرجنتيني في اللحظة الراهنة هو هداف الليجا برصيد 34 هدفاً، وأحرز في دوري الأبطال 10 أهداف، وسوف يكون على موعد مع مباراة قارية أمام فريق يقوده لاعب آخر يحتل صدارة جدول الهدافين في «البريميرليج» برصيد 21 هدفاً، كما سجل 4 أهداف في دوري النسخة الحالية للبطولة القارية، بل إن محمد صلاح تفوق في الترتيب العام على ميسي في سباق جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم، وصراع الكرة الذهبية لعام 2018.

وعلى الرغم من أن هناك ما يشبه الإجماع في الصحافة العالمية، سواء في إنجلترا أو إسبانيا على أن نجم وهداف ليفربول محمد صلاح، والمدافع المتألق فان دايك، هما الأكثر قدرة على صنع الفارق هجوماً ودفاعاً مع ليفربول في مواجهة البارسا، إلا أن الأمر المؤكد وبإجماع تام هو أن هناك نجماً واحداً يراهن عليه الملايين من عشاق الفريق الكتالوني، ويخشاه أنصار الليفر وهو ليونيل ميسي، الأمر الذي يستدعي فكرة المقارنة بين «حالة صلاح» و«أسطورة ميسي».
عربياً تبدو الأمور أكثر تعقيداً من ذلك بكثير، فهناك أبعاد عاطفية تتعلق بعشق جمهور البارسا في المنطقة العربية لميسي، وعدم التخلي عن هذا العشق لأي سبب حتى لو كان المنافس نجماً عربياً يتألق أوروبياً، وفي المقابل هناك من قرر أن ينحي عشقه للساحر الأرجنتيني جانباً تعاطفاً مع صلاح، وربما حباً في ريال مدريد المنافس الأبدي للبارسا، وفي جميع الحالات أصبحت قضية التعاطف العربي مع ميسي وصلاح والمفاضلة بينهما مثيرة للجدل، مما يجعل لاستطلاعات الرأي ما يبررها.
استطلاع حساب «الاتحاد الرياضي» بموقع «تويتر»، ووفقاً لنتائج التساؤل المطروح «هل تتعاطف مع بارسا ميسي أم ليفر صلاح؟»، يؤشر إلى أن هناك حيرة كبيرة في المفاضلة بينهما من جانب الجماهير، فقد حصد ميسي 53% من الأصوات، وحصل صلاح على 47%، صحيح أن نجم وأسطورة البارسا تفوق بفارق 6%، إلا أنه لا يتناسب مع مكانته الكروية، وهو الأمر الذي يفسر أن هناك تعاطفاً مع صلاح من دون النظر إلى أفضلية ميسي الكروية المطلقة، ومكانته كأفضل لاعب في العالم.
وبعيداً عن رصد التعاطف العربي مع صلاح، أو الارتباط القوي بميسي والبارسا من دون النظر إلى أي أبعاد أخرى، فإن النجم الأرجنتيني يسعى لتسجيل هدفه الأول في مرمى ليفربول الذي واجهه في مناسبتين سابقاً، وفي الوقت الذي سجل ميسي 24 هدفاً في دوري الأبطال في مرمى أرسنال، ومان يونايتد، ومان سيتي، وتشيلسي، وتوتنهام فإنه لم يسبق له زيارة شباك ليفربول، الأمر الذي يحفزه لفعلها الليلة، فضلاً عن دافعه الأكبر وهو قيادة البارسا لتحقيق فوز جيد قبل موقعة الآنفيلد لضمان التأهل للمباراة النهائية، فقد تعهد ميسي في بداية الموسم الحالي بالحصول على لقب دوري الأبطال الذي لم يعرف الفريق الطريق إلى منصة التتويج به منذ عام 2015.
وفي المقابل، يعلم صلاح جيداً أن موقعة البارسا في الكامب نو، ومباراة الرد في الآنفيلد، هما بمثابة الفرصة الأخيرة لتسجيل بصمة تاريخية في الموسم الحالي، خاصة أن هناك إجماعاً على أن موسمه الحالي لا يتناسب مع مدارات النجومية التي اخترقها بتوهجه التاريخي الموسم الماضي، ولن يجد صلاح كياناً كروياً في حجم البارسا يثبت من خلاله أنه اقتحم دائرة أفضل نجوم الكرة العالمية، كما يريد أن يبرهن على أنه ليس لاعب الموسم الواحد، وقبل ساعات من مباراة الليلة حظي صلاح بدعم معنوي من جيمي كاراجر نجم الليفر السابق، الذي أكد أنه ثالث أفضل لاعب في العالم بعد ميسي ورونالدو.