جنيف 13 نوفمبر تشرين الثاني (رويترز) -
أعلن الباحثون فيالمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) انهم رصدوا جسيما يمكنهاعادة تشكيل نفسه ليكتسب صفات جسيمين آخرين وذلك في مصادمالهدرونات الكبير وهو انجاز قد يكون حاسما في التعرف على ملكوتالفيزياء الفلكية التي كانت تمثل ذات يوما مجالا للخيال العلمي.وكانت نظرية فيزيائية يطلق عليها اسم النموذج المعياري قدتنبأت بعملية التحول هذه. وتصف نظرية النموذج المعياري كيفية سلوكاجرام الكون في ابسط صورها الا ان العلماء لم يتمكنوا حتى الآن منالبرهنة عمليا على فرضيات هذه النظرية.وقال خبراء سيرن إن هذا الاكتشاف أعلن أمس الاثنين في مؤتمرباليابان ومن شأنه ان يشحذ جهود العلماء سعيا لايجاد ادلة تعضدنظرية اخرى اسمها التناظر الفائق تفسر بعض الالغاز الكونية ومباديءعلوم "الفيزياء الحديثة".وكان مصادم الهدرونات الكبير في جنيف الذي تم تدشين العملالبحثي به في مستهل عام 2010 قد أكد ان برهنة نظرية النموذجالمعياري تمثل الهدف المبدئي لجهوده الا ان هدفه على المدى الابعديظل هو الانطلاق من هذه المرحلة الى مجالات أرحب تتضمنها نظرياتالفيزياء الفلكية.وقال الفيزيائي الامريكي مات ستراسلر الذي يراقب العمل في سيرنفي مدونة الكترونية "تستلزم تفاصيل وآثار هذه النتيجة الاخيرة بعضالوقت لسبر اغوارها الا ان من اليسير الاقرار بان نظرية النموذجالمعياري اجتازت اختبارا جديدا."وكانت نظرية النموذج المعياري التي وضعت خلال النصف الثاني منالقرن العشرين قد تنبأت بتحول الجسيمات على النحو الذي حدث فيمصادم الهدرونات الكبير في سيرن. وحدث هذا التحول بعد حدوث تصادمنتج عنه تحلل جسيم ميزون الى جسيمين هما ميوون وقرين (ضديد)الميوون.وكان العلماء يحاولون منذ أكثر من عقد من الزمن رصد هذا التحللوالذي يحدث في مجال فيزياء الجسيمات ذي التعقيدات الرياضية لميزونواحد من بين كل 300 مليون ميزون.وقال عالم الفيزياء الالماني اوليفر بوخمولر احد كبارالمسؤولين في المختبر الاوروبي لفيزياء الجسيمات لرويترز "انه عنصرجديد في اللغز ... إنه يعضد نظرية التناظر الفائق لانها النظريةالوحيدة التي يمكن ان تتضمن النموذج المعياري في اطار مفهوم اوسعللفيزياء الحديثة."وتتنبأ نظرية التناظر الفائق بانه مقابل كل جسيم معروف يوجدجسيم آخر غير مرئي أكبر منه يسمى الشريك الفائق وهو في صورة مادةخفية.وفي يوليو تموز الماضي أعلن علماء سيرن انهم توصلوا الى ادلةتبرهن على وجود جسيمات بوزون هيجز الاولية التي تمثل الحلقةالمفقودة في فرضيات نشأة الكون وكيفية تطوره في اعقاب الانفجارالعظيم.ويقع مصادم الهدرونات الكبير في المختبر الاوروبي لفيزياءالجسيمات المترامي الاطراف والواقع في منطقة الحدود السويسريةالفرنسية المشتركة قرب جنيف وعلى عمق مئة متر تحت الارض.ومصادم الهدرونات الكبير هو مجمع ضخم من المغناطيسات الحلقيةالعملاقة والاجهزة الالكترونية المعقدة والحاسبات وتكلف انشاؤهعشرة مليارات دولار ويصل عمره الافتراضي الى 20 عاما.وتتضمن اضخم تجربة علمية في العالم احداث تصادم بين حزمتيجسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين وفي مسار بيضاويداخل نفق طول محيطه27 كيلومترا في مصادم الهدرونات الكبير وبكم طاقة هائل وسرعاتتقترب من سرعة الضوء لمحاكاة الظروف التي اعقبت الانفجار العظيمالذي نشأ عنه الكون قبل 13.7 مليار عام.