الاعلام والإشهار وجهان لعملة واحدة، لا ينفصلان ، اننا نعيش زمن الاشهار يَرْتَع بدون استئذان ليبسُط نفوذه على البسطاء من الناس ولربما ليس البسطاء بل عن الغافلين . فمنطق الشهرة يتنامى بشكل ملفت في شتى المجالات، فتحول اللهاث والتنافس الشرس لاحتلال الامكنة في وسط المجتمع ، وهذه هي اللغة السائدة اليوم ، حيث يسعى هواة الشهرة لإقناع المجتمع انهم وجدوا لخدمة مجتمعهم .
لن نبالغ في القول من حيث ما نشاهده في الاعلام او مواقع التواصل الاجتماعي ، فالمشاهد الحر القاريء للواقع بدأ يلحظ أن حيزا واسعا ، أصبح يتخلله شكل من التصنع وليس هي الحقيقة المنشودة للمجتمع الغافل لربما المجامل تارة اخرى لهكذا تصنع ، وقفات إشهارية تعرض على اشكال مختلفة بالرغم من هزالتها نرى عدم الانتباه لها من مشاهديها او السامعين عنها .
أن الظهور والاطلالة على المشاهدين ، فذاك من الفرص الذهبية التي تجلب لصاحبها منافع كثيرة ، حيث بمجرد الظهور والشهرة المصطنعة فهي بمثابة امتياز عند الغافلين او لربما المجاملين او اصحاب المصالح المشتركة .
أمر يثير الاستغراب، حيث أن الاشهار والترويج لمحبيه ليست وسيلة لمناقشة وعرض قضايا المجتمع ، بقدر ماهي وسيلة ترويجية لجعل المجتمع الغافل سلما للصعود من اجل المنافع الشخصية ، لربما سائل يسأل أن هناك من يشتهر بمصلحا اجتماعيا لحل مشاكل متعلقة بمجتمعه ، نعم هذا وارد ولكن هذا النمط منهم كذلك يسعى للشهرة الا اذا تبين انه ليس من المتقريبين لاصحاب القرار ، والا كذلك يشير الى الشهرة من اجل الوصول والقرب من مصدر القرار . وبالتالي يصبحا نجم فوق العادة،
لم نعد نفاجئ بانتشار الوجوه التي كانت لم تكن ، ولربما كانت ولكن هذه المرة تريد أن تكون هي بطلة الفلم لا وجود لغيرها ، ولكن الترويج الاشهاري وبساطة المجتمع والمجاملات جعلت لهواة الشهرة والهيمنة والمصالح الفردية واقعا ملموسا بفضل المروجين والمهرولين وراء ذلك الترويج كم يقول المثل الشعبي (على دك الطبل خفن رجليه ) .
حتى أصبح الاشهار هو المجال المفضل لبطل الفلم ليوفر له فرص العيش الرغيد بفضل الاشهار والاعلام بفضل العقول الخانعة ، هذا حتى ولو كان الاشهار في أحيان عديدة يطرح إشكاليات حول مدى مصداقية الاعلام والاشهار ، التي تكون في مرات عدة تروج للأكاذيب .
المشاهير بين الحقيقة والوهم
المشاهير هم الاشخاص المعروفين لكثير من المجتمع .
غالباً يكون من اسباب الشهرة هو العمل في الفن او اسياسة او العلم او الأعلام وماشابه ذلك من الاسباب .
والمشاهير ينقسمون إلى قسمين شهرة قصيرة وشهرة طويلة أو دائمة. القصيرة ترتبط بحدث أو أحداث معينة، وتزول بعد زوالها. والطويلة أو الدائمة تأتي مع إصدار أعمال في مجال معين أو أكثر وتدوم بدوام الأعمال في ذاكرة الناس. مثل بناء مدرسة او انشاء قنطرة للمارة او حفر نهر او اختراع آلة وما شابه ذلك .
والشهرة أما تاتي بعد الموت او قبله ، الشهرة بعد الموت تاتي اما لمكانة الميت في المجتمع وحسب ثقافة المجتمع واما بسبب الاعلام وباتجاهيه السلبي والايجابي.
التاريخ بعض الاحيان عندما يكون قبيحا واداة بيد المتطفلين او المنافقين ولربما هواة السماط يصادر شهرة أهل النوايا الحسنة في المجتمع حيث يصبحوا في طي النسيان بسبب مجتمع لا يملك الشجاعة بقدر ما يملك التملق والنفاق ، وهنا قد تختلط الموازين ، ويصبح من لم يكن اوكان في مؤخرة القوم ، أصبح من مقدمات التاريخ والشهرة وهذا يكون في مجتمع لا يفهم سوى لغة التملق .
سوف يستحضر من يقرا المقال شواهد كثيرة لهذه الشخصيات ولاننا نعلم ان هنالك من يسيء الظن بنا لذا تكلمنا بالعموم.
الموت واحد والحزن على الميت هي فطرة وامر طبيعي ومن يشمت او لا يهتم للميت فهذا يعاني من مرض نفسي او يحمل في داخله احقاد، وهنالك من يموت موت طبيعي ولكن مكانته في المجتمع وانجازاته في خدمة المجتمع يصبح موته مشهور بسبب ما يحمل الميت اصلا في دنياه من شهرة.
وهنالك من يعيش بصمت ويموت بصمت ولكن المجتمع بعد حين ينتبهون ويصحون من غفلتهم في عدم الاهتمام بهذا الشخص فتبدا شهرته بين المجتمع ويظهر للملأ تراثه وحتى علومه التي هي في خدمة المجتمع ، وهنا نعود للاجندة الخبيثة التي تمنح الشهرة لشخص لا يستحقها ، وتتجاهل شخص عالم او مفكر او له مكانة اجتماعية بين الناس بسبب مواقفه الخيرة فيتم تجاهله او حتى التخطيط لاغتيال تاريخه ومجده .