حديث مع سيده غنيه
في بعض الأوقات ياسيدتي لابد لنا أن نفترق
رغم ان الفراق في اكثر الاوقات
شراعٌ
وربانٌ
ومركبٌ يغرق
ياسيدتي لم أكن ذات يومٍ نبيٌ ولا حتى وصلتُ مرحلةَ الأتقياء
أنا مجرد فلاحٌ أبسطُ يدي وأبسطُ معولي وأنقشُ فوقَ صفحاتي بعضٌ من جنون قلمي ودموع صفحاتي ودفاتري
ياسيدتي أنا لا املكُ سيارةً كما أنتِ ولا بيتاً ولا سريراً فارهةً وسائده
أنا مجرد رجلاً مجنونٌ يعيشُ في زمن الأشقياء
في كل يوم أنظرُ إلى حذائي ..فحذائي كما علبة التونا أو زجاجة الصودا له تاريخٌ ورقم وله تاريخ انتهاء
أنامُ على سرير قش واجعلُ في أيام الصيف يدي مروحةً تقاتل الناموس وتقاتل الحر عن جسدي
وفي الشتاء املكُ قليلاً من الأغطيةَ البارده لكن والحمدلله أني أشعر بالدفء أكثر منكِ واشعر بالصيف أكثر منكِ
ولا يسعني إلا أن أخبركِ أني أكرهُ المكيفات واكره صناعتها واكره الكونديشن واكرهُ صوته
فقد تعودتُ ومنذ كنتُ صغيراً على صوت طقطقة الكاز في مدفأةَ امي
بردها جميل وصوتها جميل ورائحتها تشبه رائحة دشداشة جدتي
لايغرنكِ صوتي ولاتغرنكِ كلماتي فكلها مغموسةٌ في التعب وكلها ممزوجةً بالآه
هذهَ الآهُ التي لاتعرفينها الا بالمسلسلات العربيه والمدبلجات التركيه
لا أظنكِ ياسيدتي تشعرين ببردنا ولا حتى بجوعنا وكيف على فيكِ أو فاكِ ومعلقة الذهب التي ولدت فيه ان تشعر بضياعنا أو تشعر بصمتنا وصراخنا
ياسيدتي
من تعودت ان تأكل في السرير وان تسبح في السرير وان ترقص في السرير ان تحس بمن يأكل الزمهرير وان تشعر من يشرب قهوته بارده ليس للذتها انما لنفاذ انبوبة الغاز او نفاذ اعواد الثقاب او نفاذ جيبته او جيبه اذا صح التعبير
أنا لا احمل فوق وجهي اقنعه ولا ابني قصوراً في الهواء وليس لي اي ولا اعتقد شفيعاً في السماء
شربت الخمر وكثيراً ورقصت ولهوت فوق الطاولات وثملتُ تحت الأسقف ولاعبتُ فوق اصابعي البرْدُ والبَرَدُ والشتاء
ياسيدتي أنا من قومٍ كل يومٍ بيومه نحن أقوامٌ فقراء
تنعتيني أني فقيرٌ واعتزُ بفقري وأعتز بالفقير قبلي حبيبي محمداً
ولا جلكِ واجل عينيكِ كرهتُ الاغنياء