يتحدث الكاتب إبراهيم أصلان، في كتابه «شيء من هذا القبيل»، عن الحكاية وراء المقطوعة الموسيقية، موضحًا أنه لا يوجد مؤلف موسيقي كلاسيكي كبير إلا واعتمد على الموروث الإنساني من الحكايات الريفية والشعبية أو الأساطير في تقديم أعماله.

يتساءل أصلان: كيف نسمع أعمالًا تعتمد ميراثًا يضاعف من قيمتها، بينما لا نعرف شيئًا عن هذا التراث؟ يؤكد أصلان أن هذا الميراث «أول الموسيقى»، أي نقطة البداية في تعميق تأثيرها وفهم قيمتها.

في مقطوعته «طائر النار»، يتكئ الموسيقي الأمريكي الروسي الأصل «إيغور سترافينسكي» على أسطورة أو حكاية ريفية، تقول إن طائرًا بجناحين مضيئين يعبر سماء قرية أو أخرى مصادفة، «يعني هذا، إذا ما حدث، أن في القرية عاشقين، وأنه صار لزامًا على الأهالي جميعا أن يبحثوا عنهما، ويزوجوهما»، كما يوضح أصلان.

تتعدد الأمثلة التي يمكن أن نوردها عن الخلفية الدرامية أو الحكائية للمقطوعات الموسيقية. تتجلى الحكاية في الأوبرا، حيث تتجاور العناصر الدرامية للمسرح والغناء. في أوبرا «الناي المسحور»، يقدم موتسارت حكاية خيالية عن أمير في غابة مسحورة، ما يشبه قصص الجنيات وحواديت قبل النوم للأطفال.

قد تكون الحكاية معاصرة، موضوعها الأحداث السياسية والاجتماعية، كما فعل بيتهوفن في السيمفونية الثالثة «إيرويكا» (البطولة)، والتي تمجد الفعل البطولي والروح ثورية. أهداها بيتهوفن إلى نابليون بونابرت الذي يمثل البطل الثوري من وجهة نظره، ثم شطب اسمه من الصفحة الأولى بعدما تنكر بونابرت لمبادئ الحرية والمساواة، وكشف عن وجهه الإمبراطوري ونزعته الاستعمارية.

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، نجد ما عُرِف بالمدرسة الرومانسية الخيالية في الموسيقى، والتي اشتقت موضوعاتها من الأساطير المحلية والأجنبية أو الملاحم والأعمال الأدبية، كما عند «تشايكوفسكي» و«فاغنر».

في الموسيقى التصويرية يبدو المدخل إلى فهم المكون الدرامي أو الحكائي أكثر يسرًا. إذ ترتبط الموسيقى بدراما لها حكاياتها ومشاهدها الخاصة بها.