نفر الناس من بيوتهم في قرى السوس والشعيبية وقرى الحميدية والخفاجية وسكنوا البر والصحاري.
وبعضهم بقى في بيته وصعد فوق السقف ليسكن هناك، وقد غمر بيوتهم الماء حتى بلغ المتر وأكثر!
وتقطعت بهم السبل، فلا يستطيع النازح أن يتسوق ويترك خيمته خوفا على أسرته، ذلك إذا كان لديه بعض من المال ليتسوق!
ولا يتمكن الذي بقى في منزله أن يغادره لكثرة المياه وبُعد اليابسة عنه.
ولهذا تشكلت لجان شعبية أهوازية لإغاثة المنكوبين وإيصال المواد الغذائية وما يستلزم من الأشياء الضرورية إليهم.
هبّ الشباب والشيوخ والنساء والأطفال من الأهواز العاصمة ومدنها، من الخلفية ورامز، من الفلاحية وخور موسى ومعشور، من المحمرة وعبادان، من عرب الساحل، هبوا جميعا لمساعدة أخوتهم المنكوبين...
تتجه من المحمرة أكثر من عشر سيارات كل يوم ومن نقاط مختلفة وهي تحمل المواد الغذائية المطبوخة والمعلبة، الدواء للأطفال، ما تحتاجه النساء، المياه المعدنية، الأشياء الصحية...
وتطوي مئات الكيلو مترات لتصل إلى مخيم قرى السوس حيث يسكن النازحون، أو إلى الحميدية أو الخفاجية، أو إلى الذين لم يخرجوا من قراهم متحدّين السيول ومن افتعلها.
ومثل هذه المساعدات وأكثر منها تُرسل من باقي مدننا العربية إلى أخوتهم المنكوبين.
أما المساعدات فيجمعها الشباب من أقاربهم وأصدقائهم، أو تُشترى من التبرعات التي تُحوّل في حساباتهم البنكية من هنا وهناك.
وفي غياب الهلال الأحمر الذي اكتفى بإعطاء النازحين خيما، فغاب عنهم دون أن يساندهم، أو أن يقدم لهم أية مساعدة؛ وفت اللجان الشعبية وكفت...
يقول الشباب عبر مجموعاتهم الواتسابية إن حملاتهم الإغاثية فضحت تقاعس الهلال الأحمر الحكومي الذي لم يقدم للمنكوبين أي دعم محسوس؛ ولهذا تدخل الحرس الثوری الحکومی في بعض القرى وحذر الناس من قبول المساعدات من الشباب قائلا: إن هؤلاء وهابيون، فلا تتقبلوا منهم المساعدات!
وفي أماكن أخرى، منع الجنود وصول مساعدات الشباب إلى القرى النائية التي غمرتها المياه ولا يمكن الوصول إليها إلا بالقوارب، وقالوا لهم:
أليس غايتكم المساعدة؟ ... إذن حولوا البضائع لنا لنوصلها نحن إلى القرى!
وإن رفض الشباب، منعوهم من الوصول إلى أخوتهم المنكوبين.
رأيت مقطع فلم يظهر فيه الحرس وهم يداهمون بيتا يُطبخ فيه الطعام للمنكوبين، وكانوا يقولون إن الحاكم العسكري أمرنا أن نمنع جميع المساعدات، وأن الحكومة هي التي ستؤدي الواجب وتقدم إلى الناس ما يحتاجون... لكنها لا تفعل!
ويعتقد معظم الناشطين أن الغاية من منع الحكومة لنا هي الضغط على القرويين حتى يتركوا بيوتهم فيهاجروا إلى البلاد الإيرانية، إلى يزد وإصفهان وشيراز.
17-4-2019
سعيد مقدم أبو شروق - الأهواز