جراء التدهور الاسري والتفكك الاجتماعي لدى بعض الاسر تفضل سجينات البقاء داخل اسوار المعتقل على الخروج والعودة الى الحياة الطبيعية خشية المصير المجهول وانعدام المعيل والعودة الى الرذيلة بعد ان خذلهن اقرب الناس. وتعاني فتيات في سجن تأهيل الاحداث الذي تطلق عليه وزارة العمل والشؤون الاجتماعية اسم "المدرسة" مراعاة لمشاعرهن من صعوبة العيش خارج قيود السجن خوفا من الضياع بعد انقضاء مدة محكوميتهن التي تباينت ما بين 5 سنوات و56 عاما، واوضحن الظروف والحيثيات التي جاءت بهن الى المعتقل.وقالت "ن.ر" 19 عاما "حكم علي بالسجن 5 سنوات قضيت منها اشهرا عدة بتهمة ممارسة الدعارة في شقة اخذتني لها والدتي وتتلقى مبلغا اسبوعيا بالدولار مقابل عملي لدى صاحبة احدى الشقق"، وقالت "المؤسف ان والدتي ممثلة عراقية معروفة"، فيما روت السجينة "هـ.ث.س" 18 عاما قصتها بالقول "حكم علي بالسجن 15 عاما قضيت منها سنتان بسبب قتلي لوالدتي الحامل واخي البالغ من العمر 3 سنوات الذي كنت اعتني به كأمه"، لافتة الى ان "الجريمة حدثت دون قصد وانا احتفظ بدم امي على قطعة قماش وصورها وصور اخي وابكي كل ليلة"، موضحة "انني لم اتعمد قتلهم لكني اجبرت على قول ذلك بعد التعذيب بالكهرباء وكسر انفي اثناء التحقيق"، واضافت "انا لا ارغب بمغادرة السجن لانني اعيش وسط اشخاص كانهم اهلي ولا اريد العودة الى زوجة ابي". فيما روت السجينة "ش.م" 21 عاما حكايتها قائلة: "انا اقدم نزيلة في هذا السجن دخلته عام 2005 بعد الحكم علي بـ 56 عاما وفق المادة 406 من قانون العقوبات بسبب قتلي اخوتي الاثنين وزوجة اخي الحامل وابن اخي ذي الـ3 سنوات"، موضحة ان "مشاجرة حدثت بين اخوتي الاربعة قتل اثنان منهم ولم اكن موجودة الا انهم اجبروني ان احمل التهمة" حسب قولها. فيما اشار لنا مدير السجن فيصل علي بكذب ادعائها وانها هي القاتلة.مرض نفسيوعن اسباب عدم عرضها على الطبيب النفسي بعد الحادث للوقوف على الاسباب التي دعتها لفعلتها هذه، اجاب مدير السجن "لم تعرض في حينها على الطبيب النفسي والان طلبت الباحثة الاجتماعية احالتها الى الطبيب بعد انقضاء 7 سنوات من مدة محكوميتها"، وتحدثنا السجينة "د.س" 18 عاما بندم عن الارهابي الذي غرر بها قائلة "ارتبطت بعلاقة مع شاب سرعان ما تحولت الى خطوبة بعدها طلب مني ان اوصل حقيبة الى صديقه في الكاظمية واضعها قرب شخص يفترش الارض في احد اسواق المدينة"، وتابعت "وفعلت ذلك لكن الحقيبة بعد وقت قصير انفجرت وتسببت بمقتل الكثير من الموجودين في السوق وقطع ساق الرجل الجالس الى جانب الحقيبة"، منوهة الى "انها لم تعثر على خطيبها بعد الحادث فقد اختفى فجأة"، وتابعت "ثم جاءت الشرطة والقت القبض علي وحكمت بالمادة 4 ارهاب قضيت منها 5 سنوات"، لافتة الى "انها لا تريد المغادرة من السجن"، وتقول "لدي اب هنا اسمه ابو سامان" اشارة منها الى مدير السجن الذي قال "من الخطا سجن فتيات قاصرات وترك المجرم الحقيقي الذي وراء كل هذه الافعال طليقا يصطاد فريسة اخرى". فيما تقول "آ.ج.س" 20 عاما فلسطينية الجنسية "تم توقيفي وسجني بتهمة البغاء والسبب هو والدي الارهابي الذي اراد تزويجي الى ارهابي مثله لكني رفضت"، مضيفة "قررت الهرب من الدار وتوجهت الى بيت في زيونة للعمل كخادمة لكن اتضح فيما بعد انه يستخدم للدعارة والخطف والتعذيب مقابل فدية يدفعها اهالي المخطوفين فضلا على المتاجرة بالاعضاء البشرية"، لافتة الى "انها نزيلة جديدة في السجن وفي الايام المقبلة ستتم محاكمتها وترغب بالبقاء في المعتقل الذي تجد فيه الملاذ الآمن والراحة والاستقرار والعناية الكاملة" على حد قولها. وتقول "س.ج" 17 عاما "كنت اقدم النركيلة في احد المقاهي لاعيل 6 افراد ولقد باعني زوج اختي الى مجرم وكان يطلب مني ان استدرج الاشخاص لخطفهم مقابل فدية"، فيما اشارت السجينة "و.ع" الى ان "والدتها اخذتها الى مطعم اتضح انه ملهى وعملت فيه راقصة وقد القي القبض عليها متلبسة وفق المادة 240 فيما هربت والدتها"، مضيفة "انا نزيلة منذ 13 يوما والاربعاء المقبل سأقدم دراسة شخصية لانني طالبة واخبروني بانني ساخرج بكفالة".من جانبه قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية نصار الربيعي "يجب ان تتلقى الفتاة بعد مغادرتها سجن الاحداث ما يسمى بالرعاية اللاحقة من الدولة المتمثلة بتوفير العمل اللائق والسكن وبالتحديد للفتاة التي ترفض اسرتها العودة اليها او التي دخلت السجن بسبب احد افراد الاسرة"، لافتا الى ان "عدم توفر الامكانات المادية تحول دون ذلك"، مشيرا الى ان "الفتاة بعد خروجها من السجن تكون قد خرجت عن اطار الاحداث وتحتاج الى قروض كبيرة لدمجها بالمجتمع من جديد". فيما ذكر مدير عام دائرة الاحداث فارس الكفائي ان "الحلول التي تستطيع ان توفرها الدائرة للفتاة بعد مغادرتها السجن هي الزواج او دمجها اسريا او تعيينها في دار المسنين والمسنات كي يتوفر لها المأوى"، مؤكدا ان "الوزارة بصدد مفاتحة وزارة الداخلية للعمل على تعيينهن في مفاصل وزارتها بصفة حارسة او مفتشة".دورات تأهيلونوه الى ان "كل ما نستطيع عمله هو حلول في اطار نظري لا ترقى الى العملي لعدم توفر التخصيصات اللازمة لهذا الغرض".ويقول مدير مدرسة تأهيل الاحداث للاناث فيصل علي خورشيد ان "السجن يقدم للنزيلات خدمات عدة منها اقامة دورات تأهيلية كالخياطة والتدبير المنزلي والحلاقة والتعليم المسرع والاعمال اليدوية"، لافتا الى ان "الدورة تستمر 3 اشهر تمنح بعدها شهادة لتأهيلها في الحصول على عمل لائق بعد مغادرتها السجن"، مشيرا الى ان "منظمة حقوق الانسان تزور السجن باستمرار للاطلاع على احوال النزيلات وتلتقي بهن على انفراد"، وذكر ان "احدى الفتيات تقدمت بشكوى عن عملية تحرش جنسي في موقف الشرطة واخرى تعرضت لتعذيب وتم رفعها للمحكمة وتقديمها للمدعي العام لعرضها امام محكمة جنح الكرادة"، مؤكدا ان "اغلب السجينات هن ضحايا بسبب التفكك الاسري والاوضاع الاقتصادية السيئة والزواج المبكر"، واستذكر قائلا ان "احدى السجينات وهي غجرية كتبت لابيها تقول له "لقد تعلمت في السجن مخافة الله والعبادة ولا اريد العودة الى الحرام والسجن افضل من الحياة معكم في الحرام"، وطالب علي الجهات المعنية بـ"محاسبة الذين تسببوا بدخول الفتيات القاصرات الى السجون وعدم تركهم طليقين يعيثون خرابا وفسادا في المجتمع"
المصدر
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماكو وفة
