الاضطراب الوجداني الموسمي
يُعدُّ الاضطرابُ الموسمي الوجداني أو الاضطراب الموسمي العاطفي seasonal affective disorder (SAD) أحدَ أنواع الاكتئاب الذي يأتي ويذهب بشكلٍ موسمي.
يُعرَف الاضطرابُ الموسمي العاطفي "بـاكتئاب الشتاء winter depression" أحياناً، لأن الأعراضَّ تكون أكثرَ وضوحاً وشدَّةً خلال فصل الشتاء.
غالباً ما تبدأ أعراضُ الحالة بالظهور خلال فصل الخريف، حيث تأخذ فترات النهار بالتناقص. وتكون الحالةُ أكثرَ شدَّةً خلال أشهر ديسمبر/كانون الأوَّل ويناير/كانون الثاني وفبراير/شباط عادةً.
تتحسَّن أعراضُ الاضطراب العاطفي الموسمي، وتزول خلال فصلي الربيع والصيف، إلاَّ أنَّها قد تعود في كلِّ خريفٍ وشتاء في دورةٍ متكررة.
الأعراض
يمكن أن تنطوي أعراضُ الاضطراب العاطفي الموسمي على ما يلي:
* مزاج سيِّئ مستمرّ.
* فقدان المتعة أو الاهتمام بالنشاطات اليومية المعتادة.
* التَّهيُّج أو النرفزة.
* الشعور بالإحباط والذنب والتفاهة.
* شعور بنقص الطاقة والنعاس خلال اليوم.
* بالنوم لفترة أطول من المعتاد، مع صعوبة الاستيقاظ في الصباح.
* الرغبة الشديدة في تناول السكريَّات وزيادة الوزن.
قد تكون هذه الأعراضُ شديدةً عندَ بعض الأشخاص إلى درجة التأثير الكبير في نشاطاتهم اليومية.
متى ينبغي مراجعة الطبيب؟
يجب أن يراجعَ الشخصُ الطبيبَ إذا شكَّ بأنَّه قد يكون مصاباً بالاضطراب العاطفي الموسمي، أو كان يُعاني من محاولة التكيُّف معه.
يمكن أن يُجري الطبيبُ تقييماً للحالة، وذلك للتحقُّق من صحَّة المريض النفسية، حيث إنَّه قد يستفسر عن مزاج الشخص ونمط حياته وعاداته الغذائية وبرنامج نومه، بالإضافة إلى أيّ تغيُّراتٍ فصليَّة في أفكاره وسلوكه.
الأسباب
ما زال السببُ الدقيق للإصابة بالاضطراب العاطفي الموسمي غيرَ مفهومٍ بشكلٍ كامل، إلاَّ أنَّه مرتبطٌ بقصر فترة التعرُّض لأشعة الشمس خلال ساعات النهار في الخريف والشتاء الأقصر طولاً غالباً؛ فالنظريةُ الرئيسية هي أنَّ قلَّة التعرُّض لأشعة الشمس قد تؤدِّي إلى تعطيل عمل الوطاء hypothalamus (أحد أجزاء الدماغ) بشكلٍ سليم، ممَّا قد يؤدِّي إلى:
* إنتاج الميلاتونين production of melatonin؛ وهو هرمونٌ يجعل الشخصَ يشعر بالنعاس، حيث قد يقوم جسم الشخص المصاب بالاضطراب العاطفي الموسمي بإنتاجه بكمِّياتٍ أعلى من المستويات الطبيعية.
* إنتاج السيروتونين production of serotonin؛ وهو هرمونٌ يؤثِّر في المزاج والشهية للطعام والنوم، وقد يؤدِّي نقصُ أشعة الشمس إلى خفض مستويات السيروتونين، والتي هي مرتبطةٌ بالشعور بالاكتئاب.
* الساعة البيولوجية الداخلية للجسم body's internal clock، حيث يستعمل الجسمُ أشعةَ الشمس لتوقيت مختلف وظائفه الضرورية، مثل موعد الاستيقاظ، لذلك فانخفاضُ مستويات الإضاءة خلال الشتاء قد يُعطِّل ساعة الجسم البيولوجية، ويؤدِّي إلى ظهور أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي.
كما قد يكون بعضُ الأشخاص أكثرَ عُرضةً للإصابة بهذا الاضطراب نتيجةً حملهم لجيناته، حيث تبيَّنَ أنَّ بعضَ الحالات تنتقل بشكلٍ وراثي ضمن العائلات.
المعالجة
تتوفَّر مجموعةٌ من المعالجات للاضطراب العاطفي الموسمي. ويوصي الطبيبُ باستعمال البرنامج العلاجي الأكثر ملاءمة لحالة الشخص.
تشتمل المعالجاتُ الرئيسية على ما يلي:
* تدابير مرتبطة بنمط الحياة lifestyle measures، والتي تتضمَّن التعرُّضَ للكثير من أشعة الشمس الطبيعية، والانتظام في ممارسة التمارين الرياضية، ومعالجة مستويات الشدَّة النفسيَّة.
* المعالجة الضوئية light therapy، حيث يُستعمل مصباحٌ خاص يُسمَّى صندوق الضوء light box لمحاكاة التعرُّض لأشعة الشمس.
* المعالجات التخاطبيَّة talking therapies، كالمعالجة السلوكية المعرفيَّة cognitive behavioural therapy (CBT) أو الاستشارة وطلب النُّصح counseling.
* الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors (SSRIs).
المصدر/ صحتك الجسدية والنفسية الشيخ عباس محمد