في فترة الحرب العالمية الأولى في أمريكا ..
كانت هنالك مجموعة محظوظة من الفتيات يحظين بعمل ممتع و مفيد و له أثر اجتماعي كبير ولم يكن بحاجة لجهد يذكر ..
ريشة في أيديهنّ يقمن بتغميسها في مادة مكتشفة حديثاً و يقمن بتلوين أرقام الساعات في مصنع ساعات ..
هذه المادة تعطي إضاءة أو توهج للأرقام في الساعة ..
وظيفة براتب يفوق رواتب الوظائف الاخرى بأضعاف .. وكان تسلية جيدة حيث كانت الفتيات يقمن بدهن ملابسهن من هذه المادة المشعة ليلمعن ليلاً .. أو يقمن بدهن أسنانهن للمزاح مع الناس في الظلام ..
سنوات قليلة ... تعاني " مولي " من ألم في أسنانها , تذهب للطبيب فيصرفها مع أسبرين , ليتفاقم الألم و تعود له .. فيمسك فكها السفلي فيتهشم في يده كالطحين .
ولم تمضي أيام كثيرة حتى بدأت عظام يديها بالتفتت , كانت " مولي " تتحطم حرفياً حتى انتهى أمرها بالموت ..
لم تعرف صديقاتها سبب الموت , ولكن سرعان ما عانت موظفة ثانية من ألم في العظام , ثم موظفة ثالثة فرابعة .. كل الموظفات في المعمل بدأن بالتساقط بعد نخر عظامهن حتى أصبحت مفرّغة تماماً من الداخل .. و قضى سرطان العظام عليهن بشكل بالغ المأساوية والألم و لم تتجاوز أعمارهن العشرينات .
الشركة دافعت عن موقفها وقالت أن الموظفات يتساقطن بسبب داء السفلس و أنهنّ بغايا , وكانت قوانين تلك الحقبة لا تأبه لثرثرة النساء ..
وحدها " كاثرين " وهي إحدى العاملات قاومت المرض نسبياً و ظلت تدافع عن صاحباتها و أن السبب هو المادة الملونة و كانت " الراديوم المشع " .. العنصر الذي اكتشفته " ماري كوري " قبل سنوات من الحادثة و كان سبب موتها .
لأشهر طويلة , ظلت كاثرين تداوم على المحاكم والصحف والإعلام , في البداية كانت تمشي , ثم نخر المرض عظامها فذهبت بعكاز , ثم أقعدها المرض فجاءت الصحافة لفراشها تأخذ إفاداتها , حتى أثبت القانون أن السبب هو المادة المشعة .. حيث كانت عظام كاثرين تلمع ليلاً فقالت لهم : إذا كانت فتيات المعمل يكذبن , فهل الضوء يكذب أيضاً ؟؟
وفعلاً انتصرت العدالة لكاثرين و رفاقها بعد صراع طويل , و اعتبرت هذه الحادثة علامة فارقة في قوانين سلامة العمال حيث بدأت التشريعات بالظهور عقل الحادثة .. و صار حق العمال محفوظاً في المصانع و غيرها بسبب فتيات الراديوم اللواتي لم ينصفهن التاريخ ربما , ولكن يبقين مشعّات في قبورهن حرفياً , وسيبقين كذلك لآلاف السنين القادمة .
المصدر : مجموعة books, Movies, Art, Music & Science