السؤال: اطمئنانه وسكينته (صلى الله عليه وآله) عند نزول جبرئيل عليه بالرسالة
كيف نرد على روايات العامة في بدء نزول الوحي : التي تصور النبي بأنه خائف , وأن جبريل عصره ثلاث مرات , و أن ورقة بن نوفل أو نسطور أو بحيرا أو عداس أو خديجة ـ حسب الروايات ـ نبأوه بنبوته ؟
مع العلم أن بعض العامة يبررون عصر جبريل لمحمد كان بدافع إعطائه قوة إيمانية وجسدية , أو أنه يريد إخباره بأنه في يقظة لا في منام .
الجواب:
الأخبار والأقوال التي ذكرتها معظمها ضعيفة السند والدلالة :
أمّا سنداً , فيجب أن يراجع في كل مورد حتى يتبيّن وهن الأسانيد التي يعتمدون عليها .
وأمّا من جهة الدلالة , فلا تنطبق على الموازين العقلية والنقلية القطعية , ولا تنسجم مع أصول العقيدة , إذ كيف يكون النبي (صلى الله عليه وآله) خائفاً من أمر إيجابي وكأنه لم يعرّف بالوحي بل أتاه دفعةً ومن غير مقدمة ؟ أو هل يعقل أن لا يعرف النبي (صلى الله عليه وآله) الوحي بنفسه وساعده الآخرون في تعريفه ؟ وكأنما الآخرون كانوا أولى منه في معرفة الوحي , نعوذ الله .
هذه هي تساؤلات ونقوض لابد من اعتبارها على رأي هؤلاء .
وأمّا الحل , فيجب علينا أن نعتقد أنّ الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) الذي هو أشرف الكائنات لا يحتاج في معرفة شؤون الوحي وأطواره وكيفية نزوله إلى أيّ شخص وجهة تعينه , وإلا لتوقّفت مصداقيّة نبوته على الآخرين , وحتى في موارد توسيط جبرائيل (عليه السلام) يعتقد المحققّون بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان بأمكانه الاتصال بمبدأ الوحي والكون بدونه ـ كما هو الحال في موارد متعددة من نزول الوحي المباشر التي نقلتها مصادر معتبرة عند الفريقين ـ ولكن نزول جبرائيل كان من باب إظهار عظمة الوحي , كما ورد في تنزيل بعض السور والآيات من السماء بمعيّة الآلاف من الملائكة لبيان جلالتها وعظمتها.
وأخيراً : كم هو الفرق بين هذه الأقوال غير الصحيحة في كتب العامّة , وبين ما ورد في هذا المجال عند الشيعة , فمثلاً جاء في (تفسير العياشي) عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : كيف لم يخف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك مما ينزغ به الشيطان ؟ قال (عليه السلام) : ( إن الله إذا اتخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار فكان يأتيه من قبل الله مثل الذي يراه بعينه ).
تعليق على الجواب (1)
هل لكم أن تشرحوا : ((وحتى في موارد توسيط جبرائيل (عليه السلام) يعتقد المحققّون بأنّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان بأمكانه الاتصال بمبدأ الوحي والكون بدونه ـ كما هو الحال في موارد متعددة من نزول الوحي المباشر التي نقلتها مصادر معتبرة عند الفريقين ))
كيف ذلك؟
ومن ذكره من المحققين؟
الجواب:
المراد بمبدأ الوحي هو الله تعالى وبالوحي المباشر هو التلقي عن الله من دون واسطة جبرائيل او احد من الملائكة ومن مصاديقه القذف في القلب والالهام وسماع الصوت والرؤيا .
ومن الامثلة التي ذكرها الفريقان على حصول الوحي المباشر هو خطابه تعالى مع مريم ففي بعض الاحيان لم يكن بتوسط ملك من الملائكة بل كان مباشرا ويدل عليه ما ورد في قوله تعالى عن لسان مريم : (( قَالَت رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَم يَمسَسنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ )) (ال عمران:47) .
ومن امثلة الوحي المباشر رؤيا ابراهيم انه يذبح ولده : (( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذبَحُكَ فَانظُر مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افعَل مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ))(الصافات:102) .
وجميع رؤى الانبياء تعد من الوحي المباشر, ومن امثلته الواضحة كذلك تكليمه عز وجل لنبيه موسى بن عمران في مواطن عديدة .