يا قامة الرَشأ المهفهف ميلي |
بِظماي مِنك لِموضع التَقبيل |
فَلَقد زَهَوت بِأدعج وَمزجج |
وَمفلج وَمضرج وأسيل |
رَشاء أَطلَّ دَمي وَفي وَجَناته |
وَبَنانه أَثر الدَم المَطلول |
يا قاتلي بِاللَحظ أَول مَرة |
أَجهز بِثانية عَلى المَقتول |
مثّل فَديتك بي وَلو بك مثَّلوا |
شَمس الضُحى لَم أَرض بِالتَمثيل |
فَالظُلم مِنكَ عليّ غَير مذمم |
وَالصَبر مني عَنكَ غَير جَميل |
رَوض الجِنان بِوجنَتيك فَهَل لَنا |
أَن نَجتني مِن وَردها المَطلول |
وَلماك ري العاشقين فَهَل جَرى |
ضَرب بَريقك أَم ضريب شمول |
يَهنيك يَا غَنج اللحاظ تَلفتي |
مَهما مَرَرت وَزفرتي وَعويلي |
أَملي وَسوء لي مِن جَمالك لَفتة |
يا خَير آمالي وَأَكرَم سولي |
لام العذار بِعارضيك أَعلني |
ما خِلتُ تِلكَ اللام لِلتعليل |
وَبَنون حاجبك الخَفيفة مبتل |
قَلبي بِهم في الغَرام ثَقيل |
أَتلو صَحايف وَجنتيك وَأَنتَ في |
سكر الصبا لَم تَدر بِالإِنجيل |
أفهل نظمت لئالئا من أدمعي |
سمطين حول رضابك المعسول |
وَرأيت سحر تغزلي بك فاتنا |
فجعلته في طرفك المكحول |
أَشكو إِلى عَينيك من سقمي بها |
شكوى عَليل في الهَوى لعليل |
فعليك من ليل الصدود شباهة |
لكنها في خصرك المهزول |
ويلاه من بلوى الموشح إنه |
لخفيف طبع مبتلٍ بثقيل |
لا يُنكر الخالون فَرط صَبابَتي |
فَالداء لَم يُؤلم سِوى المَعلول |
لي حاجة عِندَ البَخيل بِنيله |
ما أَصعب الحاجات عِندَ بَخيل |
وَاحبه وَهوَ الملول وَمَن رَأى |
غَيري يَهيم جَوى بِحُب ملول |
أَكذا الحَبي أبثه الشكوى الَّتي |
يَرثي العَدو لَها وَلا يُرثي لي |
وَيصم عَني سُمعة وَأَنا الَّذي |
لَم أَصغِ فيهِ إِلى مَلام عَذولي |
مِن مُنصفي مِن ناشيء لي عِنده |
دين يِسوّفه بليّ مطول |
إِني اِختَبرت بَني الوَرى فَرأيتهم |
إِن الوَفاء بِهم أَقل قَليل |
وَأَرى بِأَجيال الزَمان تَنازلا |
وَأَشد مِنها في التَنازل جيلي |
لا عولت نَفسي عَليهم إِنَّني |
بَعد الآله عَلى الرضا تَعويلي |
مَولى يَلوذ الخائفون بِظله |
وَالآملون تَفوز بِالمأمول |
خلق الآلِه يَمينه مَبسوطة |
لِلبَطش وَالتَنويل وَالتَقبيل |
يا مَن حمى دين النَبي بِفكرة |
تَمضي مضاء الصارم المَصقول |
ما زلت تَنطق بِالصَواب كَأَنَّما |
يُوحي إِلَيك لِسان جبرائيل |
شابهت أَهليك الكرام بِمجدهم |
وَالشبل أَشبَه في أسود الغيل |
شَيدت مَجدَهُم وَفُزت بِعزهم |
ضُعفاً وَهُم كانوا أَعز قَبيل |
بُشرى الغري فَإِنَّها بِكَ أَصبَحَت |
وَجَنابَها في المَحل غَير محيل |
فكأنَّها مصر وَأَنتَ خَصيبها |
وَيَداك تُعرب عَن مَجاري النيل |
لِلّه بَيتك فَهوَ كَعبة أَنعم |
تَسعى العفاة لَهُ بِكُل سَبيل |
وَيَمين إِسماعيل ثلثها الوَرى |
فَكَأَنَها هِيَ حَجر إِسماعيل |
السَيد الراقي إِلى الرتب الَّتي |
يَنحط عَنها طائر التَخييل |
نُور الإِمامة في أسرة وَجهه |
يَزهو كَنور ذباله القنديل |
صَدر الشَريعة في محافلها الَّتي |
عَقدت لِكسب العلم وَالتحصيل |
ذُو فطنة لَو عشرها بَين الوَرى |
أَغنَتهم عَن خلق عَشر عُقول |
رد الفُروع إِلى الأُصول وَإِنَّهُ |
فرع سمى شَرفاً بِخَير أُصول |
مِن دَوحة الشَرف المقدسة الَّتي |
تَسقى بِصوب الوَحي وَالتَنزيل |
وَلَقد أَحبته العلى وأحبها |
كَبثينة فيما مَضى وَجَميل |
وَالدين لاذ بظل سُلطان الوَرى |
فَغَدا بِظل مِن حِماه ظَليل |
بَلغ الضراح بِعزمة قجرية |
تَرك العَزيز بِها أَذل ذَليل |
فَأكفه سر الحَيا وَلسيفه |
يَوم الكَريهة سرّ عزرائيل |
يَهتز دست الملك شَوقاً لاسمه |
وَإِلَيهِ يَبسم جَوهَر الإِكليل |
نَضى ثياب الحُزن عَن متسربل |
بِالفضل أَولى الناس بِالتَفضيل |
وَكَساه مِن تُحف الجِنان بِخلعة |
بَيضاء قَد نسجت بِغَير مَثيل |
كَبد الكَليم تَطلعت مِن جَيبه |
وَيَشك فيها آل إِسرائيل |