السؤال: اجتماع الشرك مع الايمان
السلام عليكم
هل يمكن ان يكون مشرك من ياتي ببعض الاعمال المستحبة؟ تامل في الحديث التالي العبارة "غفر له كل ذنب سوى الشرك"
"يصلّي في كلّ ليلة من اللّيالي البيض من هذه الاشهر الثّلاثة رجب وشعبان ورمضان اللّيلة الثالثة عشرة منها ركعتين، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، وسورة يس وتبارك الملك والتّوحيد، ويصلّي مثلها أربع ركعات بسلامين في الليلة الرّابعة عشرة، ويأتي ستّ ركعات مثلها يسلّم بين كلّ ركعتين منها في الليلة الخامسة عشرة، فعن الصّادق (عليه السلام) انّه من فعل ذلك حاز فضل هذه الاشهر الثّلاثة، وغفر له كلّ ذنب سوى شرك "
الجواب:
يمكن ان يكون المراد بالشرك في هذا الحديث الشرك الخفي الذي يمكن ان يجتمع مع الايمان وبالتالي مع اداء مثل هكذا صلاة ويتضح اجتماع الشرك مع الايمان في :
قوله تعالى : (( وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون )) الذي فسر في الميزان11/ 275بان الضمير في أكثرهم راجع إلى الناس باعتبار ايمانهم أي أكثر الناس ليسوا بمؤمنين وان لم تسألهم عليه اجرا وان كانوا يمرون على الآيات السماوية والأرضية على كثرتها والذين آمنوا منهم وهم الأقلون ما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم متلبسون بالشرك .
وتلبس الانسان بالايمان والشرك معا مع كونهما معنيين متقابلين لا يجتمعان في محل واحد نظير تلبسه بسائر الاعتقادات المتناقضة والأخلاق المتضادة انما يكون من جهة كونها من المعاني التي تقبل في نفسها القوة والضعف فتختلف بالنسبة والإضافة كالقرب والبعد فان القرب والبعد المطلقين لا يجتمعان الا انهما إذا كانا نسبيين لا يمتنعان الاجتماع والتصادق كمكة فإنها قريبة بالنسبة إلى المدينة بعيدة بالنسبة إلى الشام وكذا هي بعيدة من الشام إذا قيست إلى المدينة قريبة منه إذا قيست إلى بغداد والايمان بالله والشرك به وحقيقتهما تعلق القلب بالله بالخضوع للحقيقة الواجبية وتعلق القلب بغيره تعالى مما لا يملك شيئا الا باذنه تعالى يختلفان بحسب النسبة والإضافة فان من الجائز ان يتعلق الانسان مثلا بالحياة الدنيا الفانية وزينتها الباطلة وينسى مع ذلك كل حق وحقيقة ومن الجائز ان ينقطع عن كل ما يصد النفس ويشغلها عن الله سبحانه ويتوجه بكله إليه ويذكره ولا يغفل عنه فلا يركن في ذاته وصفاته الا إليه ولا يريد الا ما يريده كالمخلصين من أوليائه تعالى .
وبين المنزلتين مراتب مختلفة بالقرب من أحد الجانبين والبعد منه وهى التي يجتمع فيها الطرفان بنحو من الاجتماع ومن الدليل على ذلك الأخلاق والصفات المتمكنة في النفوس التي تخالف مقتضى ما تعتقده من حق أو باطل والأعمال الصادرة منها كذلك ترى من يدعى الايمان بالله يخاف وترتعد فرائصه من أي نائبة أو مصيبة تهدده وهو يذكر ان لا قوة الا بالله ويلتمس العزة والجاه من غيره وهو يتلو قوله تعالى : " ان العزة لله جميعا ويقرع كل باب يبتغى الرزق وقد ضمنه الله ويعصى الله ولا يستحيى وهو يرى أن ربه عليم بما في نفسه سميع لما يقول بصير بما يعمل ولا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء وعلى هذا القياس . فالمراد بالشرك في الآية بعض مراتبه الذي يجامع بعض مراتب الايمان وهو المسمى باصطلاح فن الأخلاق بالشرك الخفى .