"الحياة الأسرية... وأثرها في التنشئة"فاتن السامرائي
أول حب تعيشه: هو حب العائلة. تعبر عنه بالصراخ، حتى تحملك والدتك بين يديها وتضمك بدفئٍ لتسكن إليها فتشعر بالأمان. تكبر وتبدأ بفهم العالم من حولك وتظن أن العالم تقع حدوده عند باب منزلك.
قد تحضى بأسرة كاملة، أو ربما تفقد بعض أفرادها ونحن بذلك مختلفون ولكلٍ نصيب.
تبنى شخصية الفرد الواحد خلال سني عمره معتمدة على نشأته، والظروف التي مر بها وأهمها الأسرية، ومن الذي يمكنه إهمال ونكران الأثر الذي تحدثه. أما ما يفسر اختلاف ابناء البيت الواحد عن بعضهم البعض، هو طريقة استقبالهم الظروف المحيطة بالعائلة لدواخلهم وطريقة إخراجها لتعبر عن التمايز الفردي.
موضوع الحياة الأسرية السليمة متشعب حقيقة. وأُخضع لدراسات كثيرة كما أنها لازالت مستمرة لخلق جو أسري هادئ لأكبر عدد ممكن من العوائل. من خلال ضبط المشاكل وحصرها وإيجاد الحلول المناسبة وبخسائر نفسية أقل.
-كيف تعيش حياة أسرية سعيدة.
-كيف تكسبين زوجك
-كيف تتعامل مع مراهقة ابنك وابنتك
-كيف تقنع والدتك الصارمة بما توده
وعبر تقديم إجابات لأسئلة أكثر دقة من أمثال:
-والدي يغيب عن البيت كثيراً، وحينما يعود يكون متبعاً أنا لا أشعر بوجوده
-والداي يفضلان أخي الصغير عني
-زوجتي متطلبة واحتياجات الأطفال مكلفة. المنزل يسوده جو من التوتر لا استطيع السيطرة على الأمور
-أهلي لا يفهمونني وهم متعصبون لأفكار جيلي
وغيرها الكثير من المشاكل التي تخلق جو من التوتر بين الزوجين وتؤثر بدورها على الابناء، ومشاكل بين الأهل وأولادهم؛ تتطلب حكمة من الأهل وتبصر. تبدأ منذ وعي الطفل لما حوله إلى الحين الذي يستقل فيه بحياته ومن هنا بالضبط تبدأ الدائرة إما لتدور من جديد بنفس الدوران أو تخلق دائرة جديدة بوعي وفهم أكبر.
حتى العائلات السعيدة التي، التي يكبر فيها الابناء بذكريات جميلة. لا تخلو العلاقة بين والديهم من النزاعات والاختلافات الفكرية. لكن طريقة تعاملهم مع الأمور تختلف. همهم الوحيد أن يكبر ابنهم مع كم كبير من النفسية الجيدة، والذكريات اللطيفة، والشخصية التي تصنع منه انساناً سوياً يزن الأمور. أما أن تعرض مشاكل الأباء وباستمرار أمام أطفالهم فغالباً ما يؤدي ذلك؛ لتأزم نفسية الطفل وإدخاله في دوامة داخلية أكبر من قدرته على التعامل معها. وهذه لا يتحملها فتخرج بطرق مختلفة كما تتحول فيما بعد لطباع سيئة.
ومن هنا خرج إصرار المهتمين بالحياة الأسرية وتنظيمها: في التشديد على عدم إظهار المشاكل الأسرية أمام الأولاد وحلها بعيداً عن أنظارهم خاصة تلك التي تحمل الغيظ والعراك والتبادل اللفظي المهين لبعضهم البعض. إضافة إلى التوقف عن توبيخ الابناء ومعاقبتهم، بعد الخلافات العائلية بهدف التنفيس عن الغضب، وبحجج واهية.
لست أكتب بصدد دراسة تفاصيل المشاكل الأسرية، بل لعرض تأثيراتها حتى بعد استقرار الشخص بحياة خاصة.
هل فكرت من قبل أن طريقة التربية والمعاملات التي تسلكها مع ابنائك كونك أب أو أم؛ لها أثرها المستقبلي الحاد في شخصياتهم؟
حسناً... عد للوراء وراجع ذكرياتك مع والديك واربطها بطبيعة شخصيتك الآن وردات فعلك تجاه الأمور. هل فهمت ما أعنيه؟ والدك صاحب المزاج العصبي مثلاً وخوفك الدائم منه في صغرك، ماذا صنع منك؟ هل شخصاً عصبياً ينتقم من أولاده لطفولته الخائفة؟ أم إنساناً متفهماً لا يود أن يعاني أولاده مما عاناه وهو طفل.
هنا أود الوصول لصلب الموضع الذي وقع في طرفه. أنه وبكل ما يحمله من الدقة أن لطفولتنا الدور الرئيسي في صنع شخصياتنا لكن بالمقابل نحن من نحدد حالما ننضج طريقة إخراج تلك المشاكل النفسية لابناءنا. فهل نربي بدافع الانتقام لأنفسنا أم بدافع عدم تكرار الخطأ؟