لم تعبر فقط اللحى في مصر على التدين بل دليل على سمو المكانة وعراقة النسب وفي عصور المصريين القدماء كانت سمة لعلية القوم ودليلا على سمو المكانة وعراقة النسب، فقد أطلقها الملوك والأمراء ورجال الدين وأشراف العائلات والأسر حول العالم، وفي عصور المصريين القدماء كان الفرعون يرتدي لحية مستعارة لتمييزه.
ومنذ بعثة النبي محمد صلى لله عليه وسلم أصبحت اللحى من السنن الواجبة التي اقتدى بها الصحابة في العصر الإسلامي والتي استمرت إلى الآن في أن إطلاق اللحى سنة واجبة عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).
وكان المصريون القدماء، يحلقون رؤوسهم ولحاهم لكنهم كانوا يلبسون لحى مستعارة، بل إن كثيرًا من تماثيل النساء من الطبقات العليا مزودة بلحى مستعارة حتى إن الملكة حتشبسوت وضعت لحية لتمثال يصورها، طلبا لترسيخ مكانتها كملكة حاكمة لمصر.
وتطورت اللحى لدى ملوك وحكام مصر فقد أطلقها السلاطين ومنعها العسكر وأعادها محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة 25 يناير فاختلف لون وكثافة اللحية بين الملوك، فكان لكل منهم شكل يميزه عن غيره.
وكان محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة وحاكمها بين عامي 1805 إلى 1848، عظيم اللحية بيضاء اللون، يظهر ذلك في العديد من صوره الشخصية.
أما إبراهيم باشا، الابن الأكبر لوالي مصر، فنجد أن لحيته كانت أقل كثافة من والده، ولكنها كانت ذات اللون بيضاء، وعين واليا على مصر بعد مرض والده، ولم يستمر في منصبه نحو شهرين، رغم أنه كان قائدا عسكريا ناجحا.
واختلفت لحية عباس حلمي الأول، الذي تولى حكم مصر في ٥ ديسمبر ١٨٤٨ في حياة جده محمد علي باشا، عن عمه وجده، حيث كانت أقل كثافة وسوداء اللون. فيما نجد محمد سعيد باشا، رابع والي على مصر، ونجل محمد علي، يظهر في كثير من الصور بلحية كثيفة عن سلفه في ولاية مصر ولكن باللون نفسه.
أما الخديوي إسماعيل، والذي حكم مصر منذ ١٨ يناير ١٨٦٣ حتى ٢٦ يوليه ١٨٧٩، فظهر بلحية تتشابه مع لحية عباس حلمي، حيث كانت أقل كثافة عن غيرهما من الأسرة المالكة.
أكبر أنجال الخديوي إسماعيل تولى حكم مصر في ٢٦ يوليو ١٨٧٩ حتى ١٨٩٢، وكان مظهر توفيق يتقارب إلى حد كبير من والده إسماعيل، حتى في اللحية التي تكاد لا تجد اختلافا بينهما في الكثافة واللون.
ومنذ تعيين الخديوي عباس حلمي واليا على مصر اختلف مظهر الأسرة الحاكمة حيث حلقت اللحية باستثناء الملك فاروق الذي غير شكل لحية أكثر من مرة؛ حيث ظهر في بداية حكمه بلحية وبدون لحية ثم لحية كاملة وبعد فترة اكتفى بمنطقة الذقن فقط ثم وحلقها، وأصبح للشارب شكل مميز، إذ كان شاربه مهذباً من عند الأطراف ومتجهاً إلى الأعلى، بحيث يشكل من المنتصف رقم 8 ثم يرتفع الطرفان إلى أعلى.
تولى عرش مصر بعد خلع الخديوي عباس حلمي الثاني، وكان هو الآخر حليق الذقن، مميز الشارب مثل "حلمي"، وتوفي كامل في ٩ أكتوبر ١٩١٧ وكان لديه ابن واحد، وهو الأمير كمال الدين حسين، وقد تنازل عن حقوقه في تولي السلطنة.
الملك أحمد فؤاد الأول أصغر أنجال الخديوي إسماعيل، جلس على عرش مصر في ١١ أكتوبر ١٩١٧. وكان يبلغ وقتئذ الخمسين من عمره، شُكلت في عهده أول وزارة شعبية برئاسة سعد باشا زغلول في يناير عام ١٩٢٤. الابن الأصغر والولد الوحيد للملك أحمد فؤاد الأول، أصبح واليًا للعهد وعمره 16 عاما، بدأ فاروق حكمه من دون لحية لصغر سنة، ثم أطلقها، وبعد ذلك قام بإعطائها شكلا مختلفا عن جميع الحكام، حيث اكتفى بظهورها في منطقة الذقن فقط، ولم يستمر الأمر طويلا وحلقها في نهاية حكمه.
وفي 18 يونيو 1953 أصبح نظام الحكم في مصر جمهوريًا وعين اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر، لينتهي حكم الأسرة المالكة، ويبدأ حكم العسكر، الذي منع طوال فترة حكمه ظهور اللحية.
وخلال 58 عامًا حكم مصر 4 رؤساء عسكريون هم: محمد نجيب، وجمال عبدالناصر، وأنور السادات، وكان آخرهم حسني مبارك، الذي استمر في الحكم 30 عاما، حتى تنحى عن الحكم في 11 فبراير 2011 تحت ضغط احتجاجات شعبية، اندلعت في 25 يناير من العام نفسه. ومع فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية بعد ثورة 25 يناير 2011، عادت اللحية على وجه الرئيس المنتخب للحكم في مصر مرة أخرى بعد أن غابت منذ عام ١٨٩٢