النظام القانوني لتعدد الزوجات





الدكتور شاهين يونس/المعهد القضائي

تمتاز نظم الاسرة باهمية بالغة نظرا لارتباطها الوثيق بالامور الشخصية ومن نظم الاسرة التي تفاعلت والتقت مع الانسان في تحضره نظام تعدد الزوجات وهو نظام اجتماعي قديم عرفته الامم والشعوب قديما كما ورد النص عليه في الديانه اليهودية واقرتها على ذلك الديانه المسيحية لان هذه الاخيرة امتداد للاولى ثم ان الشريعة الاسلامية لم تترك تعدد الزوجات بغير تنظيم تفصيلي اذ تضمنت احكاما لا نراها الا وافية بتنظيم تعدد الزوجات اذ قيدته بقيدين يتمثلان بالعدل بين الزوجات والقدرة على الانفاق وعهدت تحقيقهما الى الزوج الذي يرغب بالتعدد من غير ان يكون للقضاء او اي جهة ادارية او نظامية سلطة الاشراف عليهما كما وضعت ضوابط تفصيلية لتنفيذ شرط العدل بين الزوجات .
وقد استقت قوانين الاحوال الشخصية العربية في نصوصها من مباحث الفقه الاسلامي في مسألة الاشتراط في العقود .
ولما كان اساس تكوين الاسرة المودة والرحمة والتعاون والمحافظة على الانساب وحفظ كرامة الاسرة وصيانة عرضها وشرفها وهي اهداف الزواج فانه كان لزاما على القوانين ان تعني بهذا المقصد الجليل وفي ضوء القيم المنغرسة في مجتمعاتها وضمن الاطر الشرعية وعدم تركه عرضه للاستهزاء ومحلا للمساومات فنظرا الى الوضعية الخطيرة التي تعيشها العائلة المسلمة نتيجة التغيرات السريعة عن المشاكل الاقتصادية والظواهر الاجتماعية المتمثلة في اتساع جيوب الفقر واهتزاز القيم والمعايير بفعل الانماط الاقتصادية الجديدة والسلوكيات المنحرفة وعالمية الاتصال (الانترنت) هذه المظاهر السلبية حملت الى كثرة تعدد الزوجات وانتقلت اثار الحملة الى الحقل القانوني وان هذه الدراسة المتواضعة محاولة لرسم الصورة الرسمية لقانون الاحوال الشخصية في قضية تعدد الزوجات وبيان واقع تطبيقها وصلاحيتها لحفظ حقوق الافراد وصيانة القيم الاجتماعية وكشف حجم التأثيرات السلبية التي تجنبها المجتمع وافراده. وتناولت قضية تعدد الزوجات ليس لكونها قضية عاطفية محورها الزوجة السابقة والزوجة اللاحقة بل بوصفها نظاما اجتماعيا له خصائصه وحسناته وعيوبه يهم الرجل والاولاد كما يهم المرأة .
اولا / تعدد الزوجات في حضارة العراق القديمة
كان الزواج في المجتمعات العراقية القديمة يقوم على اساس الزواج من امرأة واحدة ، فلا يسمح للزوج الا بزوجة شرعية واحدة وكانت تسمى (أشات اويلم) الا ان بعض القوانين حينها كانت تجيز للزوج اتخاذ زوجة ثانية في بعض الحالات ، فالاصل اذن هو الزواج بأمرأة واحدة اما تعدد الزوجات فهو وضع استثنائي لا يجوز اللجوء اليه الا بمقتضى اسباب مشروعة تدعو اليه .
ويمكن تحديد جملة من الاسباب المشروعة التي تجيز للزوج اتخاذ زوجة ثانية بما يأتي :-
مرض الزوجة الاولى :- اذا اصاب الزوجة الاولى مرض خطير فيكون من حق الزوج ان يتخذ لنفسه زوجة ثانية . ولا يجوز له ان يطلق زوجته الاولى المصابة بالمرض الخطير ، بل عليه ان يبقيها في بيته ، ويتحمل مسؤولية اعالتها ما دامت على قيد الحياة ، واذا لم ترغب العيش في بيت زوجها ، فلها الحق في طلاق نفسها واستعادة هدية زوجها (الشيرقتوم)
عقم الزوجة:- كان للزوج ايضا ان يتخذ زوجة ثانية في حالة عدم انجابه من زوجته الاولى لعقمها . وتكون زوجته الثانية في الدرجة الثانية .ويطلق عليها شوجيتوم shugetum . وتعد خادمة للزوجة الاولى ، ويجب عليها ان لا تساوي نفسها معها
ارتكاب الزوجة خطأً جسيما ، فالزوجة التي ترتكب اثما يحط من سمعة زوجها او عملا خربت به بيتها ، فلزوجها ان يطلقها دون ان يكون من حقها الحصول على اي تعويض ، وفي حالة عدم طلاقه لها ،فلزوجها الحق ان يتزوج عليها زوجة ثانية (م 141) من قانون حمورابي .
زواج الاخ من ارملة اخيه :- تشير قوانين الاشوريين الا ان هذا النوع من الزواج كان موجودا عندهم ويؤدي الى تعدد زوجات الشخص ان كان متزوجا قبل ان يتزوج من ارملة اخيه ولكن يظهر ان هذه الحالة لم تكن امرا الزاميا .
زواج الضيزن :- هو زواج الرجل من امرأةابيه المتوفى ، وقد مارسه سكان وادي الرافدين كبقية الاقوام السامية كاليهود وعرب الجاهلية . وفي جميع هذه الاحوال كانت الزوجة الاولى تتمتع بمركز ممتاز ولا تصل الزوجة الثانية الى مكانتها ، بل هي ادنى درجة منها ومثال ذلك تستطيع الزوجة الاولى ان تضع علامة عبودية على الزوجة الثانية حتى وان انجبت اطفالا ، اما اذا لم تنجب اطفالا فتستطيع ان تبيعها ، كما ورد في احدى وثائق عقود الزواج ان على الزوجة الثانية ان تغسل قدمي الزوجة الاولى .
ثانيا / تعدد الزوجات في الشريعة الاسلامية :
للشريعة الاسلامية نظرة خاصة في التعدد تفوق نظرة الشرائع القديمة لما اتسمت به من العدالة والموازنة بين الفطرةالبشرية وبين ما يجب ان تكون عليه هذه الفطرة .
لقد دل على مشروعية نظام تعدد الزوجات في القرآن الكريم دليلان رئيسان هما : قال تعالى
( وان خفتم الا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ما ملكت ايمانكم ذلك ادنى الا تعولوا ) .
وقوله تعالى ( ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا وتتقوا فان الله كان غفورا رحيما ) .
جاءت السنة النبوية مؤكدة لما ورد في القرآن من مشروعية الزوجات فضلا عن تهذيبها له بجملة من القيود والشروط فقد كان اذا اسلم رجل مع زوجاته وكان عنده اكثر من اربع زوجات امره الرسول (ص) ان يمسك اربعا وقد ورد في ذلك عدة احاديث منها :-
عن قيس بن حارث قال : اسلمت وعندي ثماني نسوة فاتيت النبي (ص) فذكرت ذلك فقال (اختر منهن اربعاً)
روى الدار قطني في سننه ان صفوان بن امية اسلم وعنده ثماني نسوة فامره الرسول (ص) ان يمسك اربعا ويفارق سائرهن .
بيد ان الفقهاء والمفسرين يرون ان القرآن الكريم والسنة النبوية التي اباحت الزواج باكثر من واحدة مقيدة بتحقق شرطين .
احدهما: ( العدل والمساواة بين الزوجات) اي التسوية بين الزوجات في الامور المادية الظاهرة – من النفقة والمبيت وحسن المعاشرة والامن من الجور ودليل ذلك قولى تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذورها كالمعلقة وان تصلحوا وتتقوا فان الله كان غفوراً رحيماً )
وثانيهما: (القدرة على الانفاق)على اكثر من زوجة وتهيئة متطلبات المعيشة . ولكن المساوئ الناجمة عن التعدد غير الضروري ودون مصلحة مشروعة معروف امرها اظهر ذلك اهمال الزوجة الاولى او اهمال اولادها ولهذا يقرر الفقهاء ان الاصل في الزواج الامثل هو الاقتصار على امرأة واحدة لتحقيق العدل وابعاد الحيف
ثالثا تعدد الزوجات في القانون العراقي:-
المشرع العراقي قيد رغبة الرجل في تعدد الزوجات فلم يجز التعدد اذا خيف عدم العدل بين الزوجات وترك تقدير ذلك لقاضي الاحوال الشخصية , وعلى ذلك لا يجوز لغير القادر على القيام بحسن العشرة والانفاق والقدرة المالية على اعالة اكثر من زوجة الزواج بثانية.
فجاءت الفقرة (4) من المادة(3) من قانون الاحوال الشخصية مبينة النواحي التي يجب ان يتناولها التحقيق وهي ( لا يجوز الزواج باكثر من واحدة الا بأذن القاضي ويشترط لاعطاء الاذن الشرطين الاتيين)
ان تكون للزوج كفاية مالية لاعالة اكثر من زوجة واحدة .
ان تكون هناك مصلحة مشروعة .
وظاهر النص , ان المشرع العراقي قد اراد تحقيق المصلحة المشروعة من الزواج – هو التوالد والتناسل – لكي لا يهدم الاسرة , فلو كانت الزوجة الأولى مصابة بمرض يحول بينها وبين الحياة الزوجية أو تبين أنها عقيم ولا يرغب الزوج مفارقتها ولا يرضى آن يبقى دون نسل محروما من الذرية أو قد تكون الزوجة ناشزا بمقتض حكم صادر من محكمة الأحوال الشخصية أو مصابة بأحد الأمراض والعاهات العقلية أو الجسمية والزوج يحرص لسبب أو أخر على الإبقاء على تلك الزوجة الأولى فمن المصلحة أن يؤذن له بالزواج من ثانية . ويبحث القاضي في المصلحة المشروعة عندما يطلب الزوج الأذن للعقد على امرأة أخرى وهنا لابد من سماع أقوال المخطوبة الجديدة ( الزوجة الثانية) والزوجة الأولى لتظهر الحقائق على أمكانيته وقدراته.
وهكذا يبدو أن المشرع العراقي جعل القيدين المذكورين في الآية القرآنية وهي العدل والقدرة على الأنفاق يخرجان من التكليف الديني إلى التطبيق القضائي ومنع القاضي من أجراء عقد زواج بثانية ألا أذا تأكد من كفاية الزوج المالية والمصلحة المشروعة وعدالته بين الزوجات ومساواتهن في الأمور الحياتية والمادية الظاهرة وهذا الأمر متروك تقديره للقاضي وله في ذلك الاستعانة بالباحثة الاجتماعية .
رتب قانون الأحوال الشخصية العراقي على مخالفة قاعدة عدم جواز التعدد ألا بإذن القاضي جزاْءا يتمثل بمساءلة الزوج جزائيا وذلك طبقا للفقرة (6) من المادة (3) التي جاء نصها على النحو الأتي ( كل من أجرى عقد بالزواج بأكثر من واحدة خلافا لما ذكر في الفقرتين (4 , 5) يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة ... أوبهما )
ويتم التعدد خلافا للقانون العراقي أذا قدم الزوج طلبا لمحكمة الأحوال الشخصية موضحا فيه كونه أعزب دون الأخبار عن زواجه القائم ويعقد زواجه على الأخرى فيشمله النص الجزائي أعلاه دون المساس بصحة الزواج.
وتشمل العقوبة طالب الزواج والزوجة المراد التزوج بها والشاهدين وكذلك العاقد أذا كانوا عالمين بصفة الرجل أي كونه متزوجا بزواج قائم وقت عقد الزواج الجديد لاشتراكهم في أجراء العقد ويفهم هذا من استعمال المشرع لفظة ( كل ) التي تفيد الشمول
كما عد القانون العراقي عقد الزواج خارج المحكمة مع قيام الزوجية ظرفا مشددا في عقابه الزوج إذ جاء في الفقرة (5) من المادة (10) من (ق.أ.ش.ع) انه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة آو بغرامة (200001) مائتي وواحد ألف ولا تزيد عن مليون دينار كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل على ثلاث سنوات ولا تزيد خمس سنوات أذا عقد خارج المحكمة زواجا آخر مع قيام الزوجية.
كما أجاز القانون العراقي للزوجة السابقة التي تزوج عليها زوجها بدون اذن من المحكمة طلبه التفريق القضائي .
ان موقف القانون العراقي ازاء موضوع تعدد الزوجات فيه مخالفة لما قررته احكام الشريعة الاسلامية فهو وان لم يمنع الزواج بأكثر من زوجة واحدة منعاً مطلقاً ، ولكنه قيده بقيود غير شرعية تشبه المنع وغاية مافي الامر ان احكام الشريعة الاسلامية لم تجعل اذن القاضي شرطاً فيه فجاء القانون العراقي وجعله شرطاً في جوازه .
فقد نصت الفقرة (5) من المادة (الثالثة) من قانون الاحوال الشخصية على انه (اذا خيف عدم العدل بين الزوجاتINJUSTICE A CRAINDRE ENVERS LES EPOUSES
يتقرر معه منعه من الزواج مرة ثانية اذ لايكفي بموجب القانون العراقي ان يكون للزوج كفاية مالية لأعالته اكثر من زوجة واحدة ووجود مصلحة مشروعة بل يتضمن فضلاً عن ذلك ان يؤمن عدل الزوج بين زوجاته والتسوية بينهن في الامور الظاهرة .
وقد استثنى القانون العراقي من شرط الحصول على الاذن القضائي المسبق ومن تطبيق احكام القيود السابقة حالتين :-
الحالة الاولى :- اذا كان المراد المتزوج بها ارملة حيث ورد في الفقرة (7) من المادة (3) ماياتي:- استثناءاً من احكام الفقرتين 4و5 من هذه المادة يجوز الزواج باكثر من واحدة اذا كان المراد الزواج بها ارملة .
الحالة الثانية :- اذا اراد الزوج اعادة مطلقته الى عصمته وكان قد اقترن بغيرها قبل اعادته مطلقته الى عصمته اذ لايعد اعادة المطلقة الى عصمة زوجها بمثابة زواج باكثر من واحدة
رابعاً / القيود الاجرائية في القانون العراقي LES RESTRICTION DU PROCEDURES
ويتمثل هذا القيد في علم الزوجة السابقة واللاحقة ومعناه انه لايجوز للرجل ان يتزوج على زوجته ولو توفر المبرر الشرعي والمقدرة المالية الا بعد ان يكون قد اخبرها بعزمه على الزواج بأمراة اخرى وبعد ان يكون قد اعلم الزوجة الجديدة بانه متزوج بسواها فعلم الزوجتين هو قيد اخر يضاف الى بقية القيود الاخرى وما يجرى العمل به في المحاكم العراقية هو احضار الزوجة الاولى امام قاضي الاحوال الشخصية للأقرار بموافقتها على زواج زوجها من امرأة اخرى واثبات ذلك بموجب عريضة .
اما اجراءات اصدار حجة الاذن بالزواج من امرأة ثانية :-
على من يريد الزواج بزوجة ثانية تقديم طلب للقاضي المختص يتضمن البيانات التحريرية والشخصية التي تؤيد توافر الشرطين المذكورين في القانون وهما الكفاية المالية وتحقق المصلحة المشروعة ثم يأتي دور القاضي في التحقق من توافر تلك الشروط او عدمها ويدون اقوال الزوجة الاولى ثم يحيل الاطراف مع الطلب الى نيابة الادعاء العام والباحثة الاجتماعية
خامساً / موقف القانون الفرنسي من تعدد الزوجات
تتفق مختلف القوانين ازاء نظام تعدد الزوجات من حيث تحريمه وتجريم الزواج بزوجة ثانية.
تنص المادة (147) من القانون المدني الفرنسي على انه (لايجوز عقد زواج ثاني قبل حل الزواج الاول )
وقد جاء في المادة (184) من القانون نفسه ان كل زواج ابرم عقده خلافاً للأحكام التي تضمنتها المواد 146 و147 يمكن الطعن ببطلانه من الزوجين نفسيهما او من كل من له مصلحة او من النيابة العامة وهو بطلان يعد عند الفرنسيين من النظام العام ويطبق على جميع الفرنسيين اياً كانت ديانتهم سواءاً وقع الزواج داخل فرنسا او خارجها كما يسرى هذا الحكم ايضاً على جميع الاجانب المسلمين المقيمين في فرنسا اذا كانوا يريدون ابرام عقد ثان قبل انحلال الاول امام الموظفين الفرنسيين المختصين اما اذا عقد الاجنبي زواجه خارج فرنسا ثم عاش في فرنسا مع زوجتين او اكثر جاز له ذلك ولاعقوبة عليه .
سادساً / تبريرات تعدد الزوجات
ان نظام تعدد الزوجات كأي نظام اجتماعي اخر له المسوغات التي تسوغ تشريعه وتكفل استمراريته والمتأمل في الواقع بمختلف جوانبه تظهرله جملة من الدوافع والاسباب التي تصلح ان تكون مسوغات لتعدد الزوجات وقد حاولت بيان اهم مسوغات التعدد التي تقتضيها مصلحة الفرد والمجتمع وضبطها ونجد في هذه المبررات ماياتي :-
الزيادة الطبيعية لعدد النساء على عدد الرجال : لعل اهم سبب طبيعي يمكن اعتباره مسوغاً للتعدد هو الزيادة غير العادية لعدد النساء على عدد الرجال فضلاً عن ذلك ماهو معروف من الاطفال الاناث اكثر مقاومة للامراض من الاطفال الذكورفيحدث بذلك فارق في نسبة من يبقى منهم على قيد الحياة عند بلوغ سن الزواج وليس لهذه المشكلة حل اسلم واكرم واكثر واقعية من السماح بتعدد الزوجات وفي ضوء ذلك صون المراة من الدنس وحفاظاً على شرفها والا فسيفتح لها باب اخر مروع هو باب الزنا .
قصر الحياة التناسلية عند المراة وطولها عند الرجل : ان حياة المراة التناسلية تنتهي في الاعم الاغلب بعد بلوغها سن الياس وهي بين الخامسة والاربعين والخمسين من عمرها على اكثر التقدير اذ قلما تلد المراة بعد هذه السن بخلاف الرجل فان حياته التناسلية لاحد لها .

ج- قوة الغريزة الجنسية للرجل :- قد يكون الزوج ممن تتغلب الشهوة عليهم بحيث لاترضي حاجته زوجة واحدة فيشعر ان الزوجة الواحدة لاتكفه وقد يرزق الرجل بامراة تمتاز بفتور الدافع الجنسي والرغبة عن المخالطة الجنسية ومع ذلك ترغب العيش في كنف الزوج كما ان الزوجة تكون عاجزة عن مشاركته هذا النشاط ايام الحيض والولادة علاوة على ماقد تتعرض له المراة من الامراض والسفر وفي ظل هذه الظروف يكون من العدل الا نضيق الامر على الزوج بالزامه بزوجة واحدة بل يكون في التعدد مصرفاً مباحاً لشهوته وفي ذلك احصان له ولامراة اخرى وبقاء العشرة بينه وبين زوجته الاولى .
د- عقم الزوجة ومرضها :- قد تكون الزوجة عقيمة لاتلد والزوج يتطلع الى الذرية والرغبة في الحصول على ذرية هي رغبة طبيعية نجدها لدى الرجال جميعاً .
هـ- غياب الزوج عن زوجته :- قد يكون الرجل بحكم عمله كثير الاسفار وتكون اقامته في غير بلده قد تستغرق شهورا وهو لايستطيع ان ينقل زوجته واولاده معه ولايستطيع ان يعيش وحيداً خلال هذه المدة الطويلة مما يقتضي ان يباح له الزواج باخرى يقيم معها اقامة مشروعة .
ح- عودة المطلقة الى عصمة زوجها السابق :- قد يرى الزوج الذي افترق عن زوجته بطلاق او تطليق وتزوج باخرى ان يضم الى عصمته زوجته السابقة التي تبادله الوفاء والمودة بعد ان عفا الزمان على اسباب الخلاف بينهما او بدافع رعاية ابنائهما .
خ- حب الرجل لاخرى :- قد ينشأ الحب بين رجل وامراة اخرى تحت ظروف مختلفة بحيث يصعب عليهما التخلي عن بعضهما فانه ليس لها سلطان على قلبه في حب المراة الجديدة والتبرم بزوجته والضيق منها ومحاولات التخلص منها ولاشك في ان المصلحة في مثل هذه الحالات تقضي بان يباح له ان يتزوج بالمراة الجديدة على زوجته درءا له من معاشرتها معاشرة غير مشروعة او طلاقه لزوجته ليتزوجها (12).
د- صلة القربي :- قد يكون الرجل متزوجاً وله تريبة ولامعيل لها او يتيمة لاماؤى لها فيرى هذا الرجل ان من الاحسان لها ان يضمها الى بيته زوجة مع زوجته الاولى كفالة واعفافاً لها . هذه جملة المسوغات التي تدعو الى تعدد الزوجات وبالرغم من ذلك فقد كان موضوع تعدد الزوجات ومازال مثار نقد وطعن وتجريح في مباديء الشريعة الاسلامية واثيرت حوله شبهات كثيرة .
فقيل انه مضيعة للاسر وفيه قطع لاواصر الرحم والقرابة نظراً لمايحصل من التنافر والتعادي بين الزوجات واولادهن فيعيش الجميع في جو فاسد فينتقل فساده الى نفوسهم واخلاقهم .
والتعدد يؤدي في كثير من الاحوال الى الفقر واهمال تربية الاولاد وانعدام الرقابة ومايتبعه من التشرد والاجرام . وان فيه ظلماً للمرأة بدخول امراة اخرى عليها بدون رضاها تشاركها حياتها وزوجها وفي ذلك اهدار لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ذلك المبدأ الذي يقتضي ان يكون الزوج خالصاً لزوجته كما تكون زوجته خالصة له . وان اعترافات الغرب باهمية نظام تعدد الزوجات بوصفه احد النظم الاجتماعية المهمة لعلاج الكثير من الامراض الاخلاقية والاجتماعية واشادتهم به قد صار امراً معلوماً وواضحاً للجميع ونلخص فيما ياتي بعض هذه الاعترافات :- فقد ظهرت في لندن سنة 1658 رسالة بعنوان تعدد الزوجات علاج الدنس is remedy for incleaness يتسال فيها الكاتب عن الاسباب المنطقية لمنع تعدد الزوجات ويقول ( لماذا لانعتبر تعدد الزوجات تفادياً للزنا وقتل الاولاد ) اما جوستاف لوبون Gustave lebon فيقول في كتابه ان تعدد الزوجات الشرعي عند الشرقيين خير من تعدد الزوجات المستتر الخبيث عند الاوربيين الذي انتج زيادة اللقطاء من اولاد الزنا في اوربا وذهب اوجست فوريل August Forrel الى القول بان (نظام الوحدانية في الزواج الذي يسود بيئتنا الحاضرة يقدم بجانبه البغاء والاتجار بالاعراض وهو نظام كله شر ونفاق وان خير انظمة الزواج للمستقبل هو نظام تعدد الزوجات).