التعافي من النوبة القلبيَّة
قد يستغرق التَّعافي من النوبة القلبيَّة heart attack عدَّةَ شهور، ولكن من المهمِّ جداً ألا يكون التأهيلُ rehabilitation متدرِّجاً.
خلال فترة الشفاء أو التعافي، يمكن يتلقَّى المريضُ المساعدةَ والدعم من فريق طبِّي، وذلك لتأمين المساندة النفسيَّة والجسديَّة. وقد يشتمل هذا الفريقُ على:
• ممرِّضات.
• معالجين فيزيائيين.
• اختصاصيي التغذية.
• صيادلة.
• اختصاصيي تمارين.
تمضي عمليَّةُ التعافي على مراحل عادةً، حيث تبدأ في المستشفى، وذلك بالمراقبة عن كَثَب مع تقييم الاحتياجات الفردية للمريض في المستقبَل. وبعد تخريج المريض، يمكن متابعةُ التعافي في المنزل.
وأهمُّ هدفين لعمليَّة التعافي هما:
• الاستعادة التدريجيَّة للياقة البدنيَّة بحيث يمكن استئنافُ الأنشطة الاعتياديَّة (أو ما يُعرَف بالتأهيل القلبي cardiac rehabilitation).
• للتقليل من خطر نوبةٍ قلبيَّة أخرى.
التأهيل القلبي
يبدأ برنامجُ التأهيل القلبي عندَ وجود المريض في المستشفى، ويستمرّ بعدَ خروجه.
يقوم أحدُ أعضاء فريق التأهيل القلبي بزيارة المريض في المستشفى، ويقدِّم له معلوماتٍ مفصَّلةً حولَ:
• الحالة الصحِّية للمريض ومدى تأثُّره بالنوبة القلبيَّة.
• نوع المعالجة التي تَلقَّاها.
• الأدوية التي سيحتاج إليها عندَ مغادرة المستشفى.
• عوامل الخطر المحددَّة التي يُعتقَد أنَّها أسهمت في حدوث النوبة القلبيَّة.
• ما هي التغييرات في نمط الحياة التي يمكن القيامُ بها لمواجهة عوامل الخطر تلك.
التمارين أو النشاط البدني
بعدَ العودة إلى المنزل، يُوصَى بالراحة والاكتفاء بالأنشطة الخفيفة فقط عادةً، مثل المشي القصير وصعود الدرج لفتراتٍ قصيرة في اليوم.
يمكن زيادةُ مقدار النشاط اليومي بالتدريج على مدى عدَّة أسابيع؛ وتعتمد سرعةُ إنجاز ذلك على حالة القلب والحالة الصحِّية العامَّة للمريض. ويمكن أن يقدِّمَ فريقُ الرعاية مشورةً مفصَّلة أكثر حولَ الخطَّة الموصى بها لزيادة مستويات النشاط.
ينبغي أن يتضمَّنَ برنامجُ التأهيل القلبي مجموعةً من التمارين المختلفة، وذلك حسب عمر المريض وقدرته. وتكون معظمُ هذه التمارين هوائيَّة، وهي تمارينُ مصمَّمةٌ لتقوية القلب وتحسين الجريان الدموي وخفض ضغط الدم. ومن الأمثلة على التمارين الهوائيَّة استعمال الدرَّاجة الثابتة والسير المتحرِّك والسباحة.
العودة إلى العمل
يمكن أن يعودَ معظمُ المرضى إلى عملهم بعدَ التعرُّض لنوبةٍ قلبيَّة، ولكن تعتمد سرعةُ ذلك على صحَّتهم وحالة قلوبهم ونوع العمل الذي يقومون به؛ فإذا كان العملُ الذي يقوم به المريضُ يشتمل على مهامّ خفيفة، مثل العمل المكتبي، قد يكون قادراً على العودة إليه في غضون أسبوعين.
ولكن، إذا كان هذا العملُ يقوم على مهما يدويَّة ثقيلة أو كان الضررُ القلبي كبيراً، فقد لا يستطيع المريضُ العودةَ إلى عمله قبلَ عدَّة شهور.
ويقوم فريقُ الرعاية بتزويد المريض بمزيدٍ من التفاصيل حولَ المدَّة التي قد يحتاج إليها قبلَ العودةَ إلى عمله.
الممارسة الجنسية
يمكن أن يكونَ المريضُ قادراً على العودة إلى نشاطه الجنسي بمجرَّد شعوره بالتحسُّن التام عادةً، أي بعدَ نحو 4-6 أسابيع من إصابته بالنوبة القلبيَّة، حيث لا يزداد خطرُ حدوث نوبةٍ جديدة بالجِماع.
بعدَ الإصابة بالنوبة القلبيَّة، يُعاني رجلٌ من بين كلِّ ثلاثة رجال تقريباً من خلل الانتصاب أو العنانة، الأمر الذي يجعل الجِماعَ صعباً. وأكثر ما ينجم ذلك عن القلق والشدَّة النفسيَّة المرتبطة بحدوث النوبة القلبيَّة. ولكن قد يكون خللُ الانتصاب ناجماً - بدرجة أقلّ شيوعاً - عن التأثيرات الجانبيَّة لأدوية حاصرات بيتا beta-blockers.
عندما يعاني المريضُ من خلل الانتصاب، لابدَّ من أخذ مشورة الطبيب؛ فقد يكون قادراً على نُصحِه بمعالجةٍ مناسبة؛ حيث يمكن أن يصفَ له دواءً يزيد من الجريان الدَّموي إلى القضيب، ممَّا يسهِّل الانتصاب.
القيادة
يُوصى بالتوقُّف عن القيادة لما لا يقلُّ عن أربعة أسابيع بعدَ الإصابة بالنوبة القلبيَّة. ويمكن البدءُ بالقيادة من جديد عندما يسمح الطبيبُ بذلك.
وبعدَ ذلك، يكون المريضُ قادراً على القيادة، بشرط ألاَّ يكونَ لديه أي حالة أخرى أو مضاعفة تحول دون قدرته على ذلك.
الاكتئاب
يمكن أن تكونَ الإصابةُ بالنوبة القلبيَّة مدعاةً للخوف والصدمة لدى المريض، ومن الشائع حدوثُ مشاعر قلق بعدَ ذلك. وبالنسبة إلى الكثيرين، قد تؤدِّي الضغوطُ النفسيَّة إلى الشعور بالاكتئاب والإحباط خلال الأسابيع القليلة الأولى من العودة إلى المنزل بعدَ الخروج من المستشفى. وفي حال استمرَّ الاكتئاب، لابدَّ من أخذ مشورة الطبيب للنظر في الأمر، لأنَّ الأشكالَ الشديدة من الاكتئاب لا تشفى أو تتحسَّن من دون معالجة. كما قد يكون للحالة النفسيَّة تأثيرٌ سلبي في التعافي الجسدي.
التقليل من الخطر
يقوم التقليلُ من خطر الإصابة بنوبةٍ قلبيَّة أخرى على إجراء تغييراتٍ على نمط الحياة، وتناول الأدوية المختلفة دائماً.
النظام الغذائي
يُوصَى بتناول حصَّتين إلى أربع حصص من السَّمك الدهني أسبوعياً؛ وهو يحتوي على نوعٍ من الحموض الدهنيَّة يُدعى أوميغا3 omega-3 يمكن أن يساعدَ على إنقاص مستويات الكولستيرول.
تشتمل المصادرُ الجيِّدة لأوميغا3 على ما يلي:
• سَمك الرنكة.
• السَّردين.
• الأسقمري (ماكريل).
• السَّلمون.
• السَّلمون المرقَّط (تروت).
• التُّونة.
ولكن قبلَ تناول أيّ مستحضر غذائي تكميلي، لابدَّ من استشارة الطبيب؛ فبعضُ المكمِّلات، مثل بيتا كاروتين beta-carotene، قد تكون ضارَّة.
كما يُوصَى بتناول نظام غذائي متوسِّطي، وهو يعني تناولَ المزيد من الخبز والفواكه والخضروات والسَّمك، مع القليل من اللحم؛ والتحوُّلَ من الزبدة والجبن إلى مُنتَجات معتمدة على الزيت النباتي، مثل زيت الزيتون.
التدخين
إذا كان المريضُ من المدخِّنين، يُوصَى بشدَّة بالإقلاع عنه، ويمكن أن يساعدَ الطبيبُ على تسهيل ذلك من خلال وصف بعض الأدوية عندَ الضرورة. كما يُوصَى بتجنُّب الكحول.
إنقاصُ الوزن
إذا كان المريضُ زائدَ الوزن أو بديناً، يُوصَى بإنقاص وزنه والمحافظة على وزنٍ صحِّي، وذلك من خلال المشاركة بين النشاط البدني والنظام الغذائي مضبوط السُّعرات الحراريَّة.
النشاط البدني المنتظَم
بعدَ التعافي الجسدي التام من النوبة القلبيَّة وآثارها ()، يُوصَى بالبدء بنشاطٍ بدني دوريّ حيث ينبغي أن يمضي البالغون – بشكلٍ عام – ما لا يقلّ عن 150 دقيقة (ساعتين ونصف) من التمرين أو النشاط الهوائيّ المعتدل الشدَّة (مثل ركوب الدرَّاجة أو المشي السريع) أسبوعياً.
ويجب أن يكونَ مستوى النَّشاط إلى درجة تجعل المريضَ يلهث قليلاً (يتسرَّع نفسه).
إذا وجد المريضُ صعوبةً في ممارسة النشاط البدني لمدَّة 150 دقيقة في الأسبوع، يمكن البدءُ بمستوى نشاطٍ مريح له (مثلاً، 5-10 دقائق من التمرين الخفيف يومياً)، مع زيادةٍ تدريجيَّة في مدَّة النشاط وشدَّته عندَ تَحسُّن اللياقة.
الأدوية
هناك أربعةُ أنواع من الأدوية تُستعمَل على نطاقٍ واسع للحدِّ من مخاطر النوبة القلبيَّة؛ وهي:
• مثبِّطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين angiotensin-converting enzyme (ACE) inhibitors.
• مضادَّات الصفيحات الدمويَّة.
• حاصِرات بيتا.
• الأدوية الخافضة للدهون (ستاتينات statins).
- مثبِّطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين
مثبِّطاتُ الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين هي ادوية تُستعمَل لإنقاص ضغط الدم، لأنَّها تمنع تأثيرات بعض الهرمونات التي تساعد على تنظيم ضغط الدم. ومن خلال إيقاف عمل هذه الهرمونات، يساعد الدواءُ على الحدِّ من كمِّية الماء في الدم، وعلى توسيع الشرايين، وكلا هذين الأمرين يقلِّل من ضغط الدم.
من المعروف أنَّ مثبِّطاتِ الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين تُنقِص من تروية الكليتين بالدم، ممَّا ينقِص من كفاءتهما. ولذلك، قد تُجرى اختباراتٌ للدم والبول قبلَ البدء بإعطاء هذه الأدوية، وذلك للتأكُّد من عدم وجود مشاكل سابقة في الكلى. كما يمكن الاستمرارُ بهذه الاختبارات بعد استعمال تلك الأدوية.
قد تشتمل التأثيراتُ الجانبيَّة لمثبِّطاتِ الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين على ما يلي:
• الدوخة.
• التعب أو الضعف.
• الصُّداع.
• السعال الجاف المزمن,
وتزول معظمُ هذه الأعراض في غضون بضعة أيَّام، مع أنَّ السعالَ الجاف قد يستمرّ عندَ بعض المرضى.
عندما تؤخذُ مثبِّطاتُ الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين مع أدوية أخرى، بما في ذلك تلك التي تُصرَف من دون وصفة طبِّية، يمكن أن تؤدِّي إلى تأثيراتٍ غير متوقَّعة. ولذلك، لابدَّ من أخذ رأي الطبيب قبلَ استعمال أيِّ دواء مع تلك الأدوية.
يُوصَى عادةً بالبدء باستعمال مثبِّطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين بعدَ حدوث النوبة القلبيَّة مباشرةً؛ وبالاستمرار في تناولها دائماً في معظم الحالات. ولكن، في بعض الأفراد الذين لا يتحمَّلون هذه الأدويةَ، يمكن إعطاءُ دواء بديل حاصِر لمستقبِلات الأنجيوتنسين angiotensin receptor blocker (ARB) .
- مضادَّات الصفيحات الدمويَّة
مضادَّاتُ الصفيحات الدمويَّة هي نوعٌ من الأدوية التي يمكن أن تساعدَ على الوقاية من الجلطات الدمويَّة؛ وهي تؤثِّر من خلال التقليل من التصاق الصفيحات (الصفيحاتُ هي جزيئاتٌ دقيقة في الدم تساعد على التخثُّر).
يُوصَى بتناول جرعةٍ صغيرة من الأسبرين عادةً، وهو ذو خصائص مميِّعة أو مسيِّلة للدم، فضلاً عن كونِه مسكِّناً للألم.
كما قد يُعطى المريضُ دواءً آخر مضادَّاً للصفيحات، مثل كلوبيدوغريل clopidogrel أو براسوغريل prasugrel أو تيكاغريلور ticagrelor. ويمكن إعطاءُ هذه الأدوية إذا كان لدى الشخص تَحسُّسٌ للأسبرين.
وتشتمل تأثراتُها الجانبية على:
• الإسهال.
• التكدُّم أو النزف.
• ضيق التنفُّس.
• الألم البطني.
• عُسر الهضم.
• حرقة المعدة.
وكما هي الحالُ في مثبِّطات الإنزيم المحوِّل للأنجيوتنسين، تبدأ المعالجةُ بمضادَّات الصفيحات بعدَ النوبة القلبيَّة مباشرة عادةً. ويستمرُّ إعطاؤها ما بين 4 أسابيع إلى 12 شهراً، وذلك حسب نوع النوبة القلبيَّة والمعالجات الأخرى المرافقة.
وفي العادة، يُوصَى بتناول الأسبرين دائماً. أمَّا إذا كان لدى الشخص تأثيراتٌ جانبيَّة مزعجة بسبب هذا الدواء، فلابدَّ من أخذ مشورة الطبيب، ولكن يجب تجنُّبُ التوقُّف عن تناوله فجأةً، لأنَّ ذلك يزيد من خطر حدوث نوبةٍ قلبيَّة أخرى.
كما قد يقوم الطبيبُ أحياناً بإعطاء المريض دواء مميِّع آخر يُدعى الوارفرين warfarin. ولا يفعل الطبيبُ ذلك عادةً إلاَّ إذا بقيَ لدى المريض اضطرابٌ في النظم القلبي (رجفان أذيني atrial fibrillation)، أو ضرر شديد مزمن في القلب.
يعدُّ النزفُ الشديد أخطرَ التأثيرات الجانبيَّة للوارفرين. وفي هذه الحالة، لابدَّ من طلب المساعدة الطبِّية فوراً. ويخضع المريضُ لاختبار دمويّ عاجل في حال حدوث أيٍّ من التأثيرات الجانبيَّة التالية:
• ظهور دم في البول أو البراز.
• تلوُّن البراز بالأَسود.
• كدمات شديدة.
• رُعاف مديد (يستمرّ أكثر من 10 دقائق).
• خروج دم مع القيء.
• خروج دم مع السُّعال (نفث دمويّ).
• صُداع غير مألوف.
• نزف شديد خلال الدورة الشهرية أو أيّ نزف آخر من المهبل عندَ النِّساء.
كما يجب طلبُ المشورة الطبِّية فوراً في الحالات التالية:
• التعرُّض لرض شديد (حادث).
• التعرُّض لضربة شديدة على الرأس.
• عدم توقُّف النزف.
- حاصرات بيتا
حاصراتُ بيتا beta-blockers هي نوعٌ من الأدوية التي تُستعمَل في الوقاية من المزيد من الضرر في القلب، حيث تساعد على ارتخاء عضلات القلب، بحيث يصبح نبضُ القلب أبطأ وضغط الدم أخفض، وكلا هذهين الأمرين يُنقِصان الجهدَ أو العبء الواقع على القلب.
يُوصى بالبدء بحاصرات بيتا بأسرع ما يمكن بعدَ استقرار الحالة عادةً، وتُعطى بعدَ ذلك بشكل دائم. وتشتمل تأثيراتُها الجانبيَّة المحتملة على ما يلي:
• التعب.
• برودة اليدين والقدمين.
• بدء ضربات القلب.
• الإسهال.
• الشعور بالتوعُّك.
وهناك تأثيراتٌ جانبيَّة أقلّ شيوعاً هي:
• اضطرابات النوم.
• الكوابيس.
• عدم القدرة على الانتصاب أو المحافظة عليه (خلل الانتصاب أو العنانة).
يمكن أن تتفاعلَ حاصراتُ بيتا مع أدويةٍ أخرى، مما قد يؤدِّي إلى تأثيراتٍ جانبية. ولذلك، يجب استشارةُ الطبيب قبلَ استعمال أدويةٍ أخرى، بما في ذلك الأدويةُ التي تعطى من دون وصفةٍ طبِّية، مع حاصرات بيتا.
- الستاتينات
الستاتينات هي نوعٌ من الأدوية التي تُستعمَل في إنقاص مستوى الكولستيرول في الدَّم، ممَّا يساعد على الوقاية من المزيد من الضرر في الشرايين التاجيَّة، وعلى التقليل من خطر حدوث نوبةٍ قلبيَّة اخرى.
تمنع الستاتينات تأثيرات إنزيم في الكبد يُدعى مختزلة 3 هيدروكسي 3 ميثيل غلوتاريل تميم إنزيم أ HMG-CoA reductase، وهو يساهم في تصنيع الكولستيرول. ولكن، قد يكون للستاتينات بعض التأثيرات الجانبيَّة، بما في ذلك:
• الإمساك.
• الإسهال.
• الصداع.
• ألم البطن.
في بعض الأحيان، قد تؤدِّي الستاتينات إلى ألم وضعف وإيلام عضلي. ويمكن أن يقومَ الطبيبُ في هذه الحالة بتعديل الجرعة. ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الأدوية تُستعمَل بشكلٍ دائم عندَ مرضى القلب.
المصدر/ صحتك الجسدية والنفسية الشيخ عباس محمد