مرحبا
--------------
يُطلق اسم المحطة المدارية (الفضائية) space station
على كل ساتل صنعي مجهز لاستقبال طاقم بشري، ومصمم للبقاء في مدار ثابت حول الأرض مدة طويلة. ويمكن للمحطات المدارية أن تقوم بدور قاعدة إطلاق لرحلات استكشافية في الفضاء، أو منصة لإجراء أبحاث علمية متقدمة في شروط انعدام الجاذبية، أو إجراء دراسات ومراقبات فلكية، أو منصة لتجميع السواتل وإصلاحها وتزويدها بالوقود، أو حتى قاعدة عسكرية لإطلاق الأسلحة.
ساليوت
برنامج ساليوت Salyut (ورمزه الأصلي DOS 7ـK) هو سلسلة من المحطات الفضائية أطلقها الاتحاد السو?ييتي في السبعينات من القرن العشرين. وتميزت محطات ساليوت ببنية بسيطة نسبياً، مكّونة من وحدة رئيسية وحيدة توضع على المدار في إطلاق وحيد. وبلغ طول المحطة منها قرابة 20م وقطرها الأعظمي 4م وكتلتها على المدار 18425كغ. واشتملت على ثلاث مقصورات ضمت مناطق الطعام والراحة وبيت الخلاء ومخازن الماء والغذاء ومحطات التحكم ومعدات علمية.
الشكل (1) ساليوت 1
أُطلقت ساليوت 1 (DOS1) (الشكل1) في التاسع عشر من نيسان/أبريل عام 1971، وكانت أول محطة فضائية من صنع الإنسان في التاريخ. وأطلق أول طاقم على متن سويوز 10 Soyuz 10، لكن أفراده الثلاثة لم يفلحوا في الدخول إلى متن المحطة بسبب عطل في آلية الالتحام. وكان طاقم سويوز 11 المؤلف من جورجي دوبروفولسكي Georgi Dobrovolski وفيكتور باتساييف Victor Patsayev وفلاديسلاف فولكوف Vladislav Volkov أول طاقم نزل للمحطة، حيث أمضوا فيها 24 يوم عمل، إلا أنهم قضوا نحبهم في أثناء رحلة العودة إلى الأرض بسبب انفتاح قمرة سويوز 11 قبل أوانها. وعلى إثر ذلك أعيد تصميم مركبة الفضاء سويوز، في حين احترقت ساليوت 1 في الغلاف الجوي في الحادي عشر من تشرين الأول/أكتوبر عام 1971.
ثم أطلق السو?ييت المحطة ساليوت 2 في الثالث من نيسان/أبريل عام 1973 التي كانت في واقع الأمر نموذجاً بالغ السرية من المحطة الفضائية العسكرية ألماز Almaz، لكن انفجار المرحلة العليا من الصاروخ بروتون بالقرب من المحطة أدى إلى فقد التحكم بها.
وأطلقت المحطة الفعلية ساليوت، في الحادي عشر من أيار/مايو عام 1973 (تحت اسم DOS 3)، لكن أخطاء في نظام التحكم بالرحلة أدت إلى تشغيل المحطة لمحركاتها المدارية إلى أن استهلكت وقودها، ثم احترقت في الغلاف الجوي بعد أسبوع من ذلك.
أما ساليوت 3 فكانت أيضاً المحطة العسكرية ألماز، وأُطلقت في الخامس والعشرين من حزيران/يونيو عام 1974، وكان إطلاقها ناجحاً هذه المرة، وقد زُودت بالعديد من حساسات الاستطلاع، كما أجريت اختبارات على متنها لمدفع طائرة حققت أهدافها. وقد نجح الطاقم الذي أُرسل على متن سويوز 14 بالدخول إلى متن المحطة، في حين أخفق الطاقم الثاني على متن سويوز 15 بالالتحام معها. ثم أطلقت المحطة ساليوت 4 (ورمزها DOS 4) في السادس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عام 1974، وكانت نسخة طبق الأصل عن DOS 3 وحققت نجاحاً كاملاً. إذ قطنت الأطقم الثلاثة المقررة المحطة (سويوز 17 و18 و21) وحقق أحدها رقماً قياسياً بلغ 63 يوماً، كما نجحت قمرة سويوز غير المأهولة بالبقاء ملتحمة مع المحطة لأربعة أشهر، مبرهنة على المدى الطويل الأمد للأنظمة المستخدمة. أما ساليوت 5 التي أطلقت في عام 1976 فكانت ثالث وآخر محطة عسكرية ألماز. وقد حققت نجاحاً جيداً من حيث الإطلاق والمهمات.
الشكل (2) ساليوت 6
الشكل (3) ساليوت 7
الشكل (4) سكايلاب
أُطلقت ساليوت 6 (الشكل 2) في التاسع والعشرين من أيلول/سبتمبر عام 1977، وحظيت بتطويرات ثورية، منها بوابة التحام ثانية تسمح لمركبة النقل الفضائية غير المأهولة بروغرس Progress بالالتحام وإعادة تزويد المحطة بالوقود. وقد قطن المحطة ساليوت 6 بين عـامـي 1977 و1982 خمسة أطقم طويلة الأمد و11 طاقماً قصير الأمد، وضمت رواد فضاء من دول حلف وارسو. وسُجل رقم قياسي جديد في البقاء على متن المحطة بلغ 185 يوماً. وبعد انتهاء العمليات المأهولة عام 1981 أجريت اختبارات على التحام مركبة فضاء ثقيلة غير مأهولة دعيت TKS، وطُورت باستخدام تجهيزات البرنامج ألماز.
أما آخر هذه السلسلة ساليوت 7 (الشكل 3) فأطلقت في التاسع عشر من نيسان/أبريل عام 1982، وكانت في الواقع المركبة الاحتياط لسابقتها مع بعض المزايا المطورة. وقطنها في أثناء مدة عملها التي دامت أربع سنوات وشهرين عشرة أطقم، مكوّنة من ست بعثات رئيسية وأربع رحلات ثانوية (ضمت رائدي فضاء فرنسياً وهندياً). وأُخرجت المحطة من مدارها في السابع من شباط/فبراير عام 1991 لإنهاء عملها، بعد أن أسهمت، إضافة إلى التجارب العلمية والمراقبات، في اختبار التحام وحدات أكبر حجماً مع المحطات الفضائية واستخدامها، وأُطلق على تلك الوحدات «وحدات كوسموس Cosmos الثقيلة». وقد ساعد برنامج ساليوت المهندسين على تطوير التقانات اللازمة لبناء المحطة المدارية الروسية مير Mir.
سكايلاب
وضعت الولايات المتحدة الأمريكية أول محطة فضائية لها (سكايلاب Skylab) على المدار في الرابع عشر من أيار عام 1973 (الشكل 4) مستخدمة الصاروخ ساتورن 5 Saturn V، كجزء من برنامج أبولو Apollo. وزاد وزن المحطة عن 91 طناً وبلغ قطرها 6.7م، ووضعت على مدار قريب من الأرض بلغ ارتفاعه 435كم. لكنها تعرضت في أثناء إطلاقها إلى مشكلات فنية ناجمة عن الاهتزازات، كما تمزق واقي المركبة الخارجي، وتسبب بخلع أحد اللوحين الشمسيين الرئيسيين للمركبة من جهة وإعاقة نشر اللوح الثاني من جهة أخرى. وأجريت عمليات مناورة على سكايلاب لتوجيه الألواح الشمسية لحاضن تلسكوب أبولو Apollo Telescope Mount نحو الشمس بغية توفير الحد الأدنى من الطاقة الكهربائية. إلا أن هذا التوجيه ونتيجة فقد الواقي الخارجي أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة الداخلية إلى 52 ْم. وعكف العلماء والمهندسون في وكالة الفضاء الأمريكية طوال الأيام العشرة التي تلت على تطوير إجراءات لإنقاذ المحطة وقاموا بتدريب الطاقم عليها. وفي الخامس والعشرين من أيار/مايو من العام ذاته أُرسل أول طاقم إليها على متن الصاروخ ساتورن أي بي Saturn IB لإصلاح المركبة المنكوبة، وضم كل من تشارلز سي كونراد جونيور Charles C. Conrad Jr. وبول جي ويتز Paul J. Weitz وجوزيف بي كيروين Joseph P. Kerwin. وقام رواد الفضاء في أثناء إقامتهم التي استغرقت 28 يوماً بإعادة المحطة إلى كامل استطاعتها، وذلك ببسط اللوح الشمسي المتبقي وتركيب واقية شمسية على شكل مظلة لتبريد المحطة. كما أجرى الطاقم تجارب علمية مختلفة شملت موارد الأرض ودراسة فلكية للشمس ودراسات طبية وغيرها، ثم عاد بسلام إلى الأرض في الثاني والعشرين من حزيران/يونيو. وتلا ذلك إرسال طاقمين آخرين تألف كل منهما من ثلاثة أفراد؛ الأول في الثامن والعشرين من تموز/يوليو لمدة زادت على 59 يوماً، والثاني في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1973 لمدة 84 يوم. وتضمنت مهمات الفريقين إتمام صيانة المحطة وإجراء تجارب علمية وطبية ومراقبة المذنب كوهوتيك Kohoutek. وبذلك أمكن لهم ولطاقمين آخرين لاحقين إمضاء ما مجموعه 112 يوماً في الفضاء أجروا في أثنائها أبحاثاً علمية وطبية حيوية.
وقد اخترقت سكايلاب الغلاف الجوي للأرض واحترقت فوق أستراليا في الحادي عشر من تموز/يوليو عام 1979.
المحطة الفضائية مير
مير Mir هي محطة مدارية مأهولة متعددة الغايات، كانت طوال خمسة عشر عاماً مختبراً فضائياً فريداً من نوعه، بغرض اختبار مجالات الاستخدام الرئيسية للمحطات والمجمعات الفضائية المأهولة المستقبلية.
الشكل (5) مير
وضع الروس مير (الشكل 5) على مدار تراوح ارتفاعه بين 320 إلى 420كم، ومائل 51.6 درجات بالنسبة لخط الاستواء، وذلك في العشرين من شباط/فبراير عام 1986. وأسهمت أكثر من 200 شركة ومنظمة في تطوير المحطة مير والبنية التحتية الأرضية المرتبطة بها، وعلى رأسها إس بي كوروليف روكيت S.P.Korolev Rocket وشركة الفضاء إنرجيا Space Corporation Energia. وكان أول رائدي فضاء أقاما في المحطة ليونيد كيزيم Leonid Kizim وفلاديمير سولوفيف Vladimir Solovyev، وذلك في الخامس عشر من آذار/مارس عام 1986، عندما التحمت مركبتهما سويوز تي 15 بالمحطة المدارية مير. وقد زار مير 96 رائد فضاء كان من بينهم رائد الفضاء السوري محمد فارس، وكان ذلك في تموز/يوليو من عام 1987 حين أمضى أسبوعاً على متنها. وقد استخدمت 27 سفينة فضاء من نوع سويوز تي م وسويوز تي في سبيل نقل رواد الفضاء أولئك إلى المحطة مير. ونُفذت على متن المحطة بدءاً من عام 1987 برامج أبحاث دولية أسهم فيها رواد فضاء من فرنسا وسورية وأفغانستان وبلغاريا واليابان وبريطانيا وألمانيا وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوربية.
تبلغ الكتلة الكلية للمحطة مير أكثر من 136 طناً (مع سفينتي فضاء ملتحمتين)، أما طولها (القسم المركزي مع وحدة كفانت والسفينتين الملتحمتين) فيبلغ 33م. وتتألف مير من وحدة مركزية وست وحدات متخصصة وسفينتي فضاء على الشكل الآتي:
1ـ القسم المركزي: أطلق في العشرين من شباط/فبراير عام 1986، واحتوى على:
ـ منطقة المعيشة وتتألف من المقصورات الفردية للطاقم، والحمام والمرحاض والمطبخ ومخزن النفايات.
ـ مقصورة النقل، حيث يمكن ربط الوحدات modules الإضافية للمركبة.
ـ المقصورة الوسيطة التي تصل الوحدة العاملة ببوابات الالتحام الخلفية.
ـ مقصورة التجميع، حيث تتوضع خزانات الوقود والمحركات الصاروخية.
2ـ وحدة الفيزياء الفلكية كفانت 1 Kvantـ1: أطلقت في الحادي والثلاثين من آذار/مارس عام 1987 والتحمت بالمحطة في التاسع من نيسان، واحتوت على التلسكوبات المخصصة لدراسة المجرَّات والنجوم النترونية والنجوم الزائفة.
3ـ وحدة العلوم والتثبيت الفضائي كفانت 2: أطلقت في السادس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1989، والتحمت بالمحطة في السادس من كانون الأول/ديسمبر، وضمت المعدات اللازمة للبحوث الطبية الحيوية ومراقبة الأرض، كما وفرت إمكان القيام بمسير خارج المركبة.
4ـ الوحدة التقانية كريستول (كريستال) Kristall: أطلقت في الحادي والثلاثين من أيار/مايو عام 1990 والتحمت بالمحطة في العاشر من حزيران/يونيو، واستخدمت لإجراء تجارب معالجة مواد كما ضمت بوابة التحام يمكن استخدامها من قبل مكوك الفضاء الأمريكي.
5ـ الوحدة التقانية سبكتر Spektr: أطلقت في العشرين من أيار/مايو عام 1995، والتحمت بالمحطة في الأول من حزيران/يونيو، وتكونت من مقصورتين ضمت إحداها معدات قياس علمية لدراسة موارد الأرض والعمليات الجيوفيزيائية الطبيعية والصنعية المنشأ في الفضاء القريب من الأرض، وثُبت على الأخرى ألواح شمسية لدعم المحطة بوحدات طاقة كهربائية إضافية.
6ـ وحدة الاستشعار من بعد بريرودا Priroda: أطلقت في الثالث والعشرين من نيسان/أبريل عام 1996، والتحمت بالمحطة في السادس والعشرين منه، وضمت رادارات ومقاييس طيفية لدراسة الغلاف الجوي للأرض.
7ـ وحدة الالتحام docking: أطلقت في الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1995، والتحمت بالمحطة في الخامس عشر منه، وضمت بوابات التحام خاصة بمكوك الفضاء.
8ـ سفينة التموين بروغرس: وهي مركبة فضاء غير مأهولة تقوم بإعادة تزويد المحطة بالمؤن الغذائية والمعدات من الأرض وترحيل المواد التالفة والنفايات من على متن المحطة.
9ـ سفينة الفضاء سويوز: وهي وسيلة الانتقال الرئيسية من سطح الأرض وإليه.
استغرق بناء كامل المحطة مير قرابة عشر سنوات (1986ـ1996). وقد وقَّعت روسيا ووكالة الفضاء الأمريكية في عام 1994 اتفاقاً يقضي بتسيير سبع مهمات إلى مير باستخدام مكوك الفضاء حتى عام 1998.
وعندما عجزت وكالة الفضاء الروسية عن تحمل تكاليف المحافظة على مير، قررت بالاشتراك مع وكالة الفضاء الأمريكية التخلص من المحطة بغية تركيز الجهود على المحطة الفضائية الدولية. وعلى الرغم من قيام شركة خاصة ومجموعة من النشطاء بتنظيم حملة لإنقاذ المحطة مير وإصلاحها ثم تحويل ملكيتها إلى القطاع الخاص، إلا أن وكالة الفضاء الروسية قررت في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2000 إنهاء عملها. وجرى في شباط/فبراير 2001 تشغيل المحركات الصاروخية على متن مير لإبطاء حركتها فدخلت بعدها الغلاف الجوي للأرض واحترقت وتفككت، وسقطت بعض أشلاء مير جنوبي المحيط الهادئ على بعد 1667كم شرق أستراليا.
كانت العمليات التي أجرتها أطقم المحطة طوال ما يربو على 12 عاماً من المهمات الفضائية تجربة بالغة الأهمية في اكتشاف الفضاء القريب، سمحت بتطوير تقنيات دعم للرحلات طويلة الأمد وهيأت لتطوير المحطة الفضائية الدولية.
المحطة الفضائية الدولية
1ـ النشأة
المحطة الفضائية الدولية هي مشروع مشترك، يضم ست وكالات فضاء هي وكالة الفضاء والطيران الأمريكية NASA ووكالة الفضاء الفدرالية الروسية RSA ووكالة الاستكشاف الفضائي اليابانية JAXA ووكالة الفضاء الكندية CSA ووكالة الفضاء البرازيلية AEB ووكالة الفضاء الأوربية ESA. ويبلغ عدد البلدان المشاركة في المحطة ستة عشر بلداً.
تمثل المحطة الفضائية الدولية دمجاً لعدد من مشروعات محطات الفضاء مسبقة التخطيط، خاصة «مير 2» الروسية والمحطة الفضائية الأمريكية «الحرية» و«كولمبوس» الأوربية. وتوفر وجوداً بشرياً مستمراً في الفضاء، إذ تعاقب عليها رواد الفضاء بصورة مستمرة منذ الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 2000، حيث يجتمع الطاقم الجديد والقديم معاً إضافة إلى زائر أو أكثر في أثناء عملية إبدال الطاقم. ويقوم مكوك الفضاء الأمريكي ومركبتي الفضاء سويوز وبروغرس بتخديم المحطة.
2ـ أقسام المحطة
الشكل (6) المحطة الفضائية الدولية
عندما تستكمل المحطة الفضائية الدولية بزنة 450 طناً وبحجم مكيف الضغط يربو على 1200م3 ستتسع إلى طاقم مكون من سبعة أشخاص ولطيف واسع من التجارب العلمية. وتبلغ كتلة المحطة 454 طناً، وهي متوضعة على مدار منخفض بالنسبة للأرض يراوح ارتفاعه بين 362 ـ 476كم، ومائل 51.6 درجة بالنسبة لخط الاستواء (الشكل 6). وتدور المحطة حول الأرض في 92 دقيقة.
وقد بدأ تجميع المحطة الفضائية الدولية في عام 1998، عندما أطلقت أول وحدتين منها ورُبطتا معاً في المدار. وتتألف المحطة من أكثر من 100 جزء، وقد تطلب نقل الأجزاء إلى المدار 44 رحلة فضائية؛ استخدمت فيها ثلاث مركبات فضائية على الأقل هي المكوك الفضائي وسويوز والصاروخ الروسي بروتون Proton. كما يتطلب تجميع المحطة والمحافظة عليها 160 جولة خارج المحطة بما يعادل 1920 رجل/ساعة، ويتوقع للمحطة مدة حياة تربو على عشر سنوات، وأن تبلغ التكلفة الكلية ما بين 35 إلى 37 بليون دولار.
أما المكونات الرئيسية للمحطة فهي:
1ـ وحدة التحكم زاريا Zarya أو قسم الحمولة الوظيفية ويضم أنظمة الدفع (محركين صاروخيين) والقيادة والتحكم.
2ـ العقد وعددها ثلاث تربط فيما بين الأقسام الرئيسية للمحطة.
3ـ وحدة الخدمة زفيزدا Zvezda، وتضم مناطق المعيشة والدعم المستمر لأولى أجزاء المحطة، وبوابات الالتحام لسفن التموين بروغرس ومحركات التحكم بالارتفاع، وإعادة الدفع.
4ـ المختبرات العلمية: وعددها ستة، تضم المعدات العلمية وذراعاً آلية لنقل حمولة مفيدة إلى منصة خارجية.
5ـ الوحدة المخبرية: وهي توفر التسهيلات اللازمة للبحوث حول انعدام الجاذبية وعلوم الحياة وعلوم الأرض وعلوم الفضاء.
6ـ الجملون truss: وهو ركيزة طويلة على شكل برج، لربط الوحدات والحمولات المفيدة ومعدات الأنظمة.
7ـ نظام التخديم النقال: وهو نظام روبوت يتحرك على طول الركيزة، ومزوّد بذراع متحكم بها من بعد لأغراض التجميع والصيانة.
8ـ مركبات النقل: وهي كبسولة من نوع سويوز ومركبة إخلاء للطاقم في حال الطوارئ.
9ـ نظام الطاقة الكهربائية: ويتألف من ألواح شمسية ومعدات لتوليد الطاقة الكهربائية وتخزينها وإدارتها وتوزيعها.
وقد جرى إطلاق عدد من هذه الوحدات وتجميع بعضها، وما زالت وحدات أخرى في الانتظار أو قيد التصنيع.
تأثرت مسيرة المحطة الفضائية كثيراً بالحادث الذي تعرّض له مكوك الفضاء كولومبيا في الأول من شباط/فبراير عام 2003، والذي فقد فيه أفراد الرحلة إس تي إس 107 (STSـ107) حياتهم، وأدى إلى تعليق برنامج المكوك الفضائي الأمريكي. وعُلِّق بناء المحطة جزئياً لأن العديد من مكونات المحطة الرئيسية (مثل وحدة المختبر كولمبوس Columbus التي صنعتها وكالة الفضاء الأوربية) ثقيلة إلى درجة لا يمكن لصواريخ الإطلاق المتوافرة حالياً حملها إلى المحطة الفضائية الدولية. ويتم تبديل الطاقم منذ ذلك الحادث باستخدام مركبة الفضاء الروسية سويوز من نوع تي إم أيه TMA، إلا أن عدد أفراد الطاقم قد انخفض إلى اثنين عوضاً عن ثلاثة وهو العدد المقرر سابقاً.
استؤنفت رحلات المكوك الفضائي في السادس والعشرين من تموز/يوليو عام 2005 بإطلاق المكوك ديسكفري Discovery الذي حمل مؤناً ومعدات إلى المحطة الفضائية الدولية.
3ـ الحياة على متن المحطة
يمضي أفراد طاقم المحطة جُلَّ وقتهم في تهيئة المحطة، وبناء مكّوناتها، وإجراء تجارب علمية ومراقبات للأرض. وقطن أول طاقم وحدة الخدمة التي تشتمل على مناطق معيشة بسيطة، إلا أنها مزودة بكل ما يحتاجه من مقصورات نوم فردية وحمام ومطبخ صغير مع طاولة ودراجة ثابتة.
ينام رواد الفضاء في أكياس نوم مثبتة على الحائط وهي مزودة بمثبتات للأذرع. ويأخذ رواد الفضاء حماماً إسفنجياً، باستخدام أقمشة لغسل الوجه والبدن أو مناشف ندية بهدف الاقتصاد في استهلاك الماء ـ في حين كانت سكايلاب ومير مزودتين بدوش ـ، كما يتوافر لكل رائد فضاء مجموعة شخصية للعناية بالنظافة شخصية تشتمل على فرشاة أسنان ومعجون أسنان وشامبو وعدة حلاقة وغيرها.
أما الغذاء على متن المحطة فمكوَّن من أطباق مجمدة أو مجففة أو مستقرة بالتسخين، ويكون الشراب مجففاً أيضاً. ويقوم رواد الفضاء بتحديد موقع وجباتهم المغلّفة في مقصورة التخزين ويقومون بتحضيرها (إضافة الماء عند الضرورة) وتسخينها (بوساطة الفرن المِكروي) ووضعها في صينية وتناولها. وبعدها توضع الفضلات في مكب مضغوط خاص وتنظف أدوات الطعام. وتجدر الإشارة إلى أن رواد الفضاء يختارون وجبات طعامهم قبل عدة أشهر من موعد الرحلة، ويتوجب عليهم إجراء تمارين رياضية دورياً لتفادي اضمحلال الكتلة العضلية والعظمية.
4ـ مهمات المحطة
ستستخدم المحطة الفضائية الدولية بصورة رئيسية من أجل إجراء بحوث علمية في بيئة فريدة من انعدام الجاذبية. ويبلغ حجم المحطة أربعة أضعاف حجم مير، ويمكن للباحثين الحكوميين والمؤسسات الصناعية والتعليمية استخدام الإمكانات المتوافرة على متن المحطة.
تشتمل أنواع البحوث التي ستُجرى على علوم انعدام الجاذبية (أو الجاذبية المصغرة) والحياة والأرض والفضاء وعلى البحوث الهندسية وتطويرها وتطوير منتجات تجارية.
انطلقت البعثة الأولى التي قطنت المحطة الفضائية الدولية من روسيا في الحادي والثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر عام 2000، وضمت ثلاثة رواد فضاء هم: سيرغي كريكالف Sergei Krikalev (مهندس الرحلة) ووليام شيفرد William Shepherd (قائد المهمة) ويوري جيدزنكو Yuri Gidzenko (قائد سويوز)، وأمضى هذا الطاقم أكثر من 140 يوماً، ثم عاد إلى الأرض في الحادي والعشرين من آذار/مارس عام 2001.
أقامت في المحطة إحدى عشرة بعثة حتى آب/أغسطس 2005، وتكّونت البعثة 11 من الروسي سيرغي كريكالف (قائد البعثة) والأمريكي جون فيليبس، اللذين استقبلا في الثامن والعشرين من تموز 2005 أفراد طاقم ديسكفري السبعة بقيادة إلين كولينز Eileen Collins الذين وصلوا إلى المحطة الفضائية الدولية. وتمثّلت المهمة الرئيسية لأفراد الرحلة إس تي إس 114 (STSـ114) في اختبار إجراءات سلامة جديدة وتقييمها، وفي القيام بمهام تجميع وصيانة على متن المحطة، إضافة إلى نقل أطنان من المؤن والمعدات إلى المحطة، وإفراغها من الأدوات غير الضرورية والنفايات وإعادتها إلى الأرض.
المشروعات المستقبلية
أمّ الفضاء منذ عام 1961 حتى منتصف عام 2005 أكثر من 400 إنسان، بلغ عدد زوار المحطة الفضائية الدولية منهم 133 رائد فضاء. وما المحطة الفضائية الدولية إلا بداية تطور المحطات الفضائية؛ فعلى الرغم من كونها أكثر تطوراً من ساليوت وسكايلاب ومير، إلا أن حلم تنفيذ محطات فضائية أو مستعمرات فضائية ضخمة ما زال بعيد التحقيق. إذ لم يتم التمكن حتى اليوم من توفير الجاذبية على متن المحطات؛ بسبب عدم التوصل إلى التقانة التي تسمح بذلك، وخاصة تدوير بنية ضخمة كالمحطة الفضائية بهدف إنتاج جاذبية صنعية.
أما الأفكار الأخرى المطروحة فتدور حول توضع المحطة الفضائية. فالمحطات الفضائية تُوضع إلى اليوم على مدار منخفض بالنسبة للأرض، ومن ثَم فهي تحتاج إلى إعادة دفع وتصحيح موقع بصورة دورية، في حين يمكن النظر في وضع المحطات الفضائية عند نقطتي لاغرانج Lagrange وهما موقعان بين الأرض والقمر تتوازن فيهما جاذبية الأرض مع جاذبية القمر مما يوفر استقراراً للمدار ويلغي الحاجة إلى التصحيح الدوري.
ولعل أولى المشروعات المستقبلية تتمثل في بناء محطات فضائية أكبر حجماً من المحطة الدولية وأكثر تطوراً بما يسمح بالحياة والعمل في الفضاء.