قوانين الحركة
علم الحركة هو وصف للحركة بغض النظر عما يسببها، وتعرف السرعة بأنها المسافة المقطوعة مقسومة على المدة الزمنية. ويمكن قياس السرعة بوحدات مثل الكيلومتر في الساعة، أو الميل في الساعة أو المتر في الثانية، كما تعرف العجلة بأنها المعدل الزمني لتغير السرعة، ويقسم التغير في السرعة على المدة الزمنية التي يستغرقها هذا التغير، وتقاس العجلة باستخدام وحدات مثل المتر في الثانية تربيع والقدم في الثانية تربيع. وبالنسبة لحجم أو وزن الجسم، فلا توجد مشاكل رياضية إذا كان الجسم صغيرا جدا بالمقارنة بالمسافات المستغرقة. أما إذا كان الجسم كبيرا، فإن به نقطة تسمى مركز الثقل يمكن اعتبار حركتها على أنها تسري على الجسم بأكمله. وإذا كان الجسم يدور، فمن المناسب وصف حركته حول محور يمر عبر مركز الثقل.
ولوصف حركة جسم معين وصفا كاملا، فلا بد من معرفة اتجاه الإزاحة. فعلى سبيل المثال، السرعة لها حجم (وهو كمية لا موجهة تقاس بالمتر في الثانية مثلا) واتجاه (يقاس بدرجات المنحنى من نقطة مرجعية).
وهناك أنواع من الحركة فقد تكون السرعة ثابتة. وفي أبسط الحالات، قد تكون السرعة صفرا، وبالتالي لن يتغير الوضع أثناء المدة الزمنية. ومع ثبات السرعة، تكون السرعة المتوسطة مساوية للسرعة في أي زمن معين. إذا كان الزمن -ويرمز له بالرمز (ن)- يقاس بساعة تبدأ عندما يكون (ن = 0) عندئذ ستكون المسافة -ويرمز لها بالرمز ف- التي تقطع في سرعة ثابتة -ويرمز لها بالرمز ع- مساوية لإجمالي السرعة والزمن.
ف = ع ن
وفي النوع الثاني من الحركة، تكون العجلة ثابتة. وحيث أن السرعة تتغير، فلا بد من تعريف السرعة اللحظية أو السرعة التي تحدث في وقت معين. فبالنسبة للعجلة الثابتة ج التي تبدأ عند سرعة تقدر بصفر، فإن السرعة اللحظية ستساوي في زمن ما القيمة الآتية:
ع = ج ن
وستكون المسافة المقطوعة خلال هذا الوقت هي:
ف = 2 / 1 ج ن2
ومن السمات الهامة الملحوظة في هذه المعادلة اعتماد المسافة على الزمن التربيعي (ن2 أو ن "تربيع" حيث أن ن2 هي الطريقة المختصرة للإشارة إلى ن * ن). فالجسم الثقيل الذي يسقط سقوطا حرا يتعرض بالقرب من سطح الأرض لعجلة ثابتة. وفي هذه الحالة ستكون العجلة (9. متر / ثانية تربيع. وفي نهاية الثانية الأولى، سوف تسقط كرة مثلا مسافة تقدر بـ (4.9) متر وستكون سرعتها (9. متر / ثانية. وفي نهاية الثانية الأخرى، سوف تسقط الكرة مسافة (19.6) متر، وستكون سرعتها (19.6) متر / ثانية.
وتعتبر الحركة الدائرية نوعا بسيطا آخر من أنواع الحركة. فإذا كان لجسم معين سرعة ثابتة ولكن كانت عجلته دائما على الزوايا اليمنى من سرعته، فسوف يتحرك في دائرة. وتوجه السرعة المطلوبة نحو مركز الدائرة وتسمى العجلة الجاذبة. وبالنسبة لجسم يتحرك في سرعة ع في دائرة ذات نصف قطر معين نق، ستكون العجلة الجاذبة على النحو التالي:
ج = سرعة تربيع / نق
وهناك نوع آخر بسيط من الحركة التي تلاحظ على الدوام وهي تحدث عندما تلقى كرة في زاوية معينة في الهواء. وبسبب الجاذبية، تتعرض الكرة لعجلة ثابتة إلى أسفل تقلل من سرعتها الأصلية التي يجب أن تكون لأعلى ثم بعد ذلك تزود من سرعتها لأسفل أثناء سقوط الكرة على الأرض. وفي نفس الوقت، فإن العنصر الأفقي من السرعة الأصلية يظل ثابتا (حيث يتجاهل مقاومة الهواء) مما يجعل الكرة تتحرك بسرعة ثابتة في الاتجاه الأفقي حتى ترتطم بالأرض. والمكونات الأفقية والرأسية للحركة مستقلة عن بعضها الآخر ويمكن تحليل كل منها على حدة. ويكون المسار الناتج للكرة على شكل قطع ناقص.
القانون الأول للحركة
يشير القانون الأول للحركة -في علم الفيزياء- أنه إذا كان مجموع الكميات الموجهة من القوى التي تؤثر على جسم ما صفرا، فسوف يظل هذا الجسم ساكنا. وبالمثل فإن أي جسم متحرك سيظل على حركته بسرعة ثابتة في حالة عدم وجود أية قوى تؤثر عليه مثل قوى الاحتكاك .
ولقد استطاع العالم ابن سينا في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي أن يصوغ في كتابه الإشارات والتنبيهات هذا القانون بلفظه: "إنك لتعلم أن الجسم خلي وطباعه، ولم يعرض له من خارج تأثير غريب، لم يكن له بد من موضع معين، فإذن في طباعه مبدأ استيجاب ذلك".
ويشير إلى خاصية القصور الذاتي للجسم التي بها يدافع عن استمراره في الحركة المنتظمة وهو المعنى الثاني للقانون الأول للحركة فيقول: " الجسم له في حال تحركه ميل (مدافعة) يتحرك بها، ويحس به الممانع ولن يتمكن من المنع إلا فيما يضعف ذلك فيه، وقد يكون من طباعه، وقد يحدث فيه من تأثير غيره فيبطل المنبعث عن انطباعه إلى أن يزول فيعود انبعاثه. وهذا هو القانون الأول لابن سينا.
ويقول في كتابه الشفاء: "... وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم، بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله من المكان أو الوضع... وهذا هو المبدأ الذي نحن في بيانه". ويستطرد في تأكيده لذات المعنى مرة أخرى بقوله: "ولكننا إذا حققنا القول، وجدنا أصح المذاهب مذهب من يرى أن المتحرك يستفيد ميلا من المحرك، والميل هو ما يحس بالحس إذا ما حوول أن يسكن الطبيعي بالقسر، أو القسري بالقسر".
أي أن الجسم يكون له -حال تحركه- ميل للاستمرار في حركته، بحيث أنه إذا تمت إعاقته أحس الموقف بمدافعة يبديها الجسم للإبقاء على حاله من الحركة سواء كانت هذه الحركة طبيعية أو قسرية.
وهذا يعني أن ابن سينا يدلل بأن الجسم إذا لم يتعرض لقاسر خارجي، وترك لطبعه، فإن فيه خاصية تدعو للمحافظة على حالته الطبيعية، وتدافع عن بقائه على ما هو عليه.
القانون الثاني للحركة
يربط القانون الثاني للحركة بين مجموع القوى المؤثرة على الجسم وعلى زيادة سرعته وهو ما يعرف بالعجلة. وتكون العجلة متناسبة مع حجم القوة وفي نفس اتجاهها. ويعتبر ثابت هذا التناسب بمثابة كتلة الجسم ك.
وقد أورد إخوان الصفا في رسائلهم: "أن الحركة هي النقلة من مكان إلى مكان في زمان ثان، وضدها السكون وهو الوقوف والثبات في مكان واحد بين زمانين، والحركة تكون سريعة وبطيئة، فالسريعة هي التي يقطع المتحرك بها مسافة طويلة في زمان قصير، والبطيئة هي التي يقطع المتحرك بها مسافة قصيرة في زمان طويل، وعلى هذا المثال تعتبر الحركات والمتحركات".
ولقد أضافوا "ثم اعلم أنه لا تنفصل حركة عن حركة إلا بسكون بينهما، وهذا يعرفه ولا يشك فيه أهل صناعة الموسيقى، وذلك أن صناعتهم معرفة تأليف النغم لا يكون إلا بالأصوات، والأصوات لا تحدث إلا من تصادم الأجسام، وتصادم الأجسام لا يكون إلا بالحركات، والحركات لا تنفصل بعضها عن بعض إلا بسكونات تكون بينها، فمن أجل هذا قال الذين نظروا في تأليف النغم إن بين زمان كل نقرتين زمان سكون".
القانون الثالث للحركة
ينص القانون الثالث على أن الجسم يبذل قوة لأنه يتفاعل مع جسم آخر. فالقوة التي يبذلها جسم (1) على جسم (2) لا بد أن تكون من نفس الحجم ولكن في اتجاه معاكس للقوة التي يبذلها الجسم 2 على الجسم 1 . على سبيل المثال، إذا قام شخص بالغ كبير بدفع طفل على زلاجة دفعا خفيفا، فبالإضافة إلى القوة التي يمنحها البالغ للطفل، فإن الطفل يمنح للبالغ قوة مساوية ولكن في اتجاه عكسي. ومع هذا، وحيث أن كتلة البالغ أكبر، فسوف تكون عجلة البالغ أقل.
ويورد ابن ملكا البغدادي في كتابه المعتبر : "أن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر. وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه يكون قد خلت من قوة جذب الآخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب".
ويورد فخر الدين الرازي نفس المعنى في كتابه المباحث المشرقية إذ يقول: "الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط، لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلا معوقا بفعل الآخر... ] ثم لا شك [ أن الذي فعله كل واحد منهما لو خلا عن المعارض لاقتضى انجذاب الحلقة إلى جانبه، فثبت وجود شيء لو خلا عن المعوق لاقتضى الدفع إلى جهة مخصوصة...".
ويقول ابن الهيثم في كتابه المناظر : "المتحرك إذا لقي في حركته مانعا يمانعه، وكانت القوة المحركة له باقية فيه عند لقائه الممانع، فإنه يرجع من حيث كان في الجهة التي منها تحرك، وتكون قوة حركته في الرجوع بحسب قوة الحركة التي كان تحرك بها الأول، وبحسب قوة الممانعة".
قوانين نيوتن للحركة
في القرن السابع عشر الميلادي قدم عالم الفيزياء الإنجليزي إسحاق نيوتن صيغة لقوانين الحركة الثلاثة تم التوصل إليها بالمشاهدة والتجربة، عرفت باسم قوانين نيوتن للحركة.
وكان نص الأول فيها: "أن كل جسم يظل على حالته من السكون أو الحركة المنتظمة في خط مستقيم ما لم تؤثر عليه قوة خارجية تغير من حالته".
أما نص القانون الثاني: "أن القوة المؤثرة على جسم متحرك تتناسب تناسبا طرديا مع كل من كتلة الجسم وعجلة تحركه، حيث العجلة هي معدل تغير السرعة". كما تم صياغته رياضيا كما يلي:
ق = ك ج
حيث (ق) هي القوة المؤثرة على الجسم، و(ك) هي كتلة الجسم، و(ج) هي العجلة.
وأخيرا ينص القانون الثالث للحر كة: "أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد في الاتجاه".