السؤال: أمره (صلى الله عليه وآله) بقتل المشركين لا يعدّ إرهاباً
لدي سؤال يحيرني ..
فقد ذكر في الصحيحين ان رسول الله (ص) كان يأمر أصحابه باغتيال أعداءه ومن يخالفه في الراي ..
ونحن نعلم اليوم ان هذا يسمى الارهاب .. فهل كان رسولنا ارهابيا أم كانت هنالك حالات خاصة ونقلوها بشكل مشوه؟
ودمتم
الجواب:
ينبغي التفرقة بين القتل غدراً لمن هو محارب للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) والإسلام , ولمن هو في غير هذه الحال من المخالفين للإسلام وإن كان عدواً , ومن هنا ينبغي فهم الحوادث الواردة في هذا الجانب:
فأنت تجد مثلاً أنّ أبا عفك اليهودي الذي طلب قتله النبي (صلّى الله عليه وآله) وقال فيه: (من لي بهذا الخبيث) (الاصابة لابن حجر 2708) كان من المحرّضين على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ويقول فيه شعراً (إمتاع الأسماع للمقريزي 1: 121). وأيضاً قتل كعب بن الأشرف اليهودي الذي عظم عليه انتصار المسلمين في بدر فأخذ يهجو النبي (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه في شعره, وكان يشبب بنساء المسلمين (وأضاف بعض: نساء النبي (صلّى الله عليه وآله) أيضاً) حتى آذاهم, وسار إلى مكة, وحرّض على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على حرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم), وكان أبو سفيان قد سأله: أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟ وأيّنا أهدى في رأيك, وأقرب الى الحق: إنّا لنطعم الجزور الكوماء, ونسقي اللبن على الماء, ونطعم ما هبت الشمال؟ فقال له: أنتم أهدى منهم سبيلاً, فلما عاد إلى المدينة, قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم): من لي بابن الأشرف؟ فانتدب له محمد بن مسلمة. (انظر: البداية والنهاية لابن كثير 4:6, ودلائل النبوة للبيهقي 3:191).
وهكذا نجد غيرها من الحوادث التي بعث فيها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أو أمر بقتل أفراد معينين لأنّهم كانوا يشكّلون عنواناً واضحاً ومصداقاً صريحاً لـ (المحارب). وقد أفتى الفقهاء بجواز الاحتيال على المحارب لقتله لأنّ (الحرب خدعة) (انظر : التهذيب للشيخ الطوسي 10:213 ح 214 ,وتذكرة الفقهاء للعلاّمة الحلي 9:83). وهذا غير الاغتيال الذي يراد به الفتك، وهو القتل غدراً لمن هو آمن من ناحيتك, فهذا قد نهت عنه الآيات والروايات الشريفة قال تعالى: (( وَإن أَحَدٌ منَ المشركينَ استَجَارَكَ فأَجره حَتَّى يَسمَعَ كَلامَ اللَّه ثمَّ أَبلغه مَأمَنَه ذَلكَ بأَنَّهم قَومٌ لا يَعلَمونَ )) (التوبة:6) .
وجاء في كتاب (الكافي) عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ان رسول الله قد نهى عن الفتك.. إن الإسلام قيد الفتك) (الكافي للكليني 7:375).
وأيضاً ورد في (مسند أحمد 1: 166) عن الزبير : ان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: (إن الإيمان قيد الفتك) .
فالإرهاب يصدق على المعنى الثاني وهو القتل غدراً لمن هو آمن من ناحيتك دون الأول وهو القتل بحيلة لمن هو محارب للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلم) ومحرّض عليه وعلى المسلمين.
مع ملاحظة مهمة تعليقاً على كلامك: إنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يكن يأمر بقتل مخالفيه في الرأي أبداً لمجرد مخالفتهم في الرأي كما توحي عبارتك ولا الأئمّة (عليهم السلام)، فنرجو التأمل في العبارة!!