غباء الحاشية و غيبوبة السلطان
يبدو ان المقال الذي نشرته حول( عبد حمود) قد اثلج صدور الكثيرين ، ومعظم من اتصلوا وارسلوا وعلقوا واثنوا عليه، ووصفوه ب( المنصف) كانوا من البعثيين، او من انصار ومؤيدي النظام السابق!
لم اقصد (عبد حمود) بشخصه لكنني قصدت ظاهرة عبد حمود التي يمكن ان تتكرر في كل زمان ،وفي كل دولة يسرقها مستبدون، او يصادرها طغاة ، او يستبيحها فاسدون.... لافرق!
لاتفغروا افواهكم عجبا حين اقول لكم ان عبد حمود مازال يتحكم بمصير العباد ، ويعبث بمقدرات البلاد في عراقنا المنكوب ، ولا اعني به شخصا له اسم وملامح وقسمات واصل وفصل ودين ومذهب وعشيرة، بل اقصد بذلك الظاهرة التي تنجبها البيروقراطية، وحب السلطة ، والتمسك بها الى حد العبادة!
ينسى الحاكم وهو في نشوة الحكم انه كان ، ذات يوم، كادحا من عامة الناس ،اكتوى بما اكتووا به ، وعانى ماعانوه ، فذلك الشقاء، وتلك المعاناة سرعان ماتلفظها ذاكرة ( الرئيس) ، ويطويها بذخ السلطة وجبروتها وبريقها الذي لايقاوم!
عبد حمود ايها السادة استنسخ في كل زاوية وان باحجام مختلفة ، وسطوة متباينة ، ونفوذ يتسع وينحسر حسب كل حالة، لكن ( ظاهرة عبد حمود ) لم تمت بل استفحلت في ( العراق الديمقراطي) وفي مكاتب بعض المسؤولين الكبار والصغار!
السلطان ارحم من حاشيته ، والمستبد اكثر رأفة من مرافقيه وحراسه والمحيطين به، وحين قال صدام مرة لجندي في القصر الجمهوري خلع ( بيريته ) سهوا( ان عبد حمود اذا جاء سيبطش بك ) فانه يعلم ان عبد حمود اصبح بعبعا مرعبا ، وصدام ينتشي طربا حين يسمع ان الناس تخاف من حاجبه حد الفزع فكيف منه؟ !!
هل طهر سلاطين العراق الجدد انفسهم من عبد حمود، واعلنوا براءتهم منه؟.. الواقع يقول ان بعضهم مازال اسيرا لظاهرة عبد حمود ، وانهم يسمعون ويرون بام العين كيف ان حاشيتهم تسرق وتنهب وتبطش وتفسد من غير رادع ولا رقيب ولا حسيب!
( السكيرتير) هو الذي يدير الدولة العراقية في اغلب مفاصلها الحساسة ، وللسكيرتير ،كما تعلمون، مواصفات و( مواهب نادرة) اذا لم يتوافر عليها فانه لايصلح لهذا ( المنصب )الحساس والخطير!
الحاشية تزين الطريق للسلطان ، تنفخ فيه ليل نهار حتى يكاد ينفجر على طريقة الضفدع ، وتعزله تدريجيا عن محيطه الابعد ثم عن محيطه الاقرب حتى يجد نفسه سجينا مكبلا لايستطيع ان يتحرر من اسر حاشيته ، اما الرعية فانها تضيع وتسحق بين غباء الحاشية وغيبوبة السلطان !
د.حميد عبدالله