هل الواقع يتحكم في مشاعرك أم أنت حر فيما تشعر به
هل يستطيع العالم الخارجي اشعارك بشعور لا تريده ؟
يعيش معظم البشر في ردة فعل للعالم الخارجي حيث يتحكم ما يحدث لهم بمشاعرهم تماما بينما البعض الاخر لديه نوع من السيطرة نوعا ما على مشاعره فيبدأ في توجيهها و التركيز على الايجابيات و هؤلاء اغلب رواد التنمية الذاتية … لكن السؤال المطروح هل يستطيع العالم الخارجي حقا اجبارك على شعور لا تريده؟

في الحقيقة ردة الفعل للحدث نفسه تختلف من شخص لآخر ، فيمكن لشخص تعرض لخيانة مثلا ان يغضب …شخص اخر يمكن ان يخاف من الدخول في علاقة جديدة ….شخص اخر ربما يحقد و يكره… أو يشعر باليأس الخ …

إذا ردة فعل كل شخص تختلف حسب برمجته و بيئته و تجاربه السابقة ….لكن لنتعمق اكثر قليلا يجب ان تنتبه ان الحدث في حد ذاته محايد و لا يحمل مشاعر . المشاعر هي فيك انت و ليست فيما يحدث .بمعنى اذا غضبت فالغضب فيك انت و اذا خفت فالخوف فيك انت .. لأن الحدث الخارجي ليس له سلطة على مشاعرك الداخلية ابدا .

تخيل انك واقف في الصف و تخطى احدهم الدور . الحدث في حد ذاته ليس له كيان او القوة الازمة ليخترق داخلك و يجبرك على الغضب او الصراخ او حتى الخوف انك تدافع عن حقك . الحدث لا يحمل مشاعر و لكن انت لأنك كنت مخزنا لتجارب سابقة لم تدافع فيها عن حقك و كنت تأنب نفسك عن ذلك او لأنك ناقم على الوضع عامة و انه لا يوجد احترام في المجتمع ، او لانك رايت في ذلك مسًا من كرامتك الشخصية إلى آخره من الاحتمالات الممكنة… فتصرفت بردة فعل لحظية غير واعية .. هل لاحظت كيف أن كل شخص يفسر الحدث بمشاعر مختلفة ؟

قد تقول ان هذا كلام نظري و تتسائل مثلا كيف ستأخذ حقك ان لم تغضب او تنفعل او تلوم الشخص الواعي و الذي لا يريد لمشاعره ان تكون ردة فعل يمكنه ان يختار التصرف المناسب و لكن بدون مشاعر سلبية . يمكنه ان يتصرف تصرفا لطيفا كما يمكنه ايضا ان يستعمل القوة إذا رأى أن ذلك يخدمه . لكن داخله هادئ لانه لا يشعر بالانفعال أو ان هناك شيئ ما يهدده في الخارج. ما أقصده هنا هو قدرتك على التحكم و اختيار مشاعرك بغض النظر عن نوع التصرف الذي ستختاره لمواجهة الحدث الخارجي.

اذا اتفقنا أن العالم الخارجي لا يقدر ان يشعرك بشيئ سوى ما تحمله انت . يمكنك إذا أن تستفيد من الاحداث “السلبية” في حياتك اليومية للتعرف اكثر على نفسك و تنضيفها من التراكمات . مثلا :

الموقف كذا و كذا “اشعرني” بالخوف
لما يقول لي فلان كذا اشعر بالعار مثلا
عندما أرى شخص يلبس بطريقة ما اشعر بالانزعاج

و هكذا … اعتبر ما يحدث لك من مواقف تراها سلبية هي فقط تدعوك لرؤية ما تحمله من مشاعر و برمجات منخفضة حتى تعمل على تحريرها و تنظيفها . لا أحد يمكنه اجبارك على شعور ما إن لم تسمح له بذلك .

أن القول بأن المشاعر فيك و ليست في الحدث هي ليست دعوة للتبلد في اتخاذ القرارات او كثرة التأنيب انك شعرت بكذا وكذا او كثرة التحليل و البحث عن معنى وراء كل شيئ … خذ الأمر بسلاسة و قد تنجح مرات و تفشل مرات الى ان يقل تاثير الخارج على مشاعرك الا فيما ندر و هكذا تصل للسلام الداخلي . و تذكر أن الله خلقك حرا 100% ، فمشاعرك ليست بيد أشخاص أو أحداث أو بيئة … هي فقط من اختيارك أنت. كن ممتنا لهاته النعمة العظيمة