قلعة هيت في الأنبار.. شاهد على حضارة منسية
الاندثار يهدد قلعة هيت بسبب الإهمال (الجزيرة)
كمال العياش-الأنبار
إلى أقصى غرب العراق وتحديدا حوالي 170 كلم غرب العاصمة بغداد وعلى الجهة اليمنى من نهر الفرات المار عبر محافظة الأنبار، تنتصب بعض المآثر التاريخية وقد تهدم جزء كبير منها واندثر، لكن ما تبقى منها يصارع الإهمال، ليبقى شاهدا على مدينة تاريخية وحضارة منسية، كانت هنا قبل آلاف السنين اسمها هيت، التي تسمى اليوم هيت القديمة أو قلعة هيت.
قلعة هيت واحدة من ثلاث قلاع مهمة انتشرت في العراق، فهي لا تقل أهمية ومكانة تاريخية عن قلعة أربيل أو قلعةكركوك، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن سفينة نوح قد تم طلاؤها من قار المدينة الذي لا يزال يعرف بجودته، كما أن مدينة بابل التاريخية قد استخدمت قار مدينة هيت لطلاء أبراجها، تلك بعض الشواهد التي يستند إليها المؤرخون عند الإشارة إلى العمق التاريخي لهذه المدينة وقلعتها.
مجرد أطلال
الباحث التاريخي فوزي شعبان أكد أن "قلعة هيت ترتفع نحو 14 مترا عن مستوى سطح نهر الفرات، ولا يتجاوز عدد المنازل فيها 150 منزلا، مساحة الواحد منها 40 مترا، وبها أزقة ضيقة عرضها يقترب من المترين، إضافة إلى قرابة 100 ديوان أعدت لاستقبال الضيوف وعابري السبيل المارين بمدينة هيت إلى مدن العالم الأخرى".
ويستدرك قائلا "الإهمال تسبب في اندثار الجزء الكبير من هذه القلعة، ولم يتبق منها سوى أطلال بعد أن كانت تصنف ضمن أوائل المدن التاريخية القديمة، فهي ثالث المدن التاريخية بعد مدينة أريحا في فلسطين ومدينة دمشق في سوريا".
تشير المآثر التاريخية إلى أهمية هذه المدينة، إذ تؤكد المصادر أن القلعة كانت محاطة بسور له أربعة أبواب، بعضها كان مرتفعا لمراقبة السفن، كما أن المدينة كانت محاطة بالمياه وخندق كان بمثابة طوق أمني لحماية المدينة.
الملاذ الوحيد
"قلعة هيت ملاذي الوحيد، عندما أجوب طرقاتها لا أخشى مطلقا تلك الأحجار وتلك الأبنية المهددة بالسقوط في كل لحظة، فلكل حجر ذكرى وكأنه يحكي لنا قصص الأولين"، بهذه العبارات تحدث الحاج حمدي، أحد وجهاء مدينة هيت عن المدينة القديمة.
ويتابع "مدينة هيت، أو المدينة القديمة أو هيت الآن، هي عبارة عن كنز تاريخي، كل شارع فيها له قصة، كل حجر يحكي حضارة، مدينة تجمع بين صفحات تاريخها عصور ما قبل الإسلام وما بعد الإسلام، وعند الحديث عنها ستجد نفسك تتجول بين صفحات لم تكن صفحات القلعة هي البداية لتاريخها".
صباح الحمامي تحدث ممتعضا وهو يشير إلى المدينة القديمة "مدينة بهذا العمق التاريخي لا يمكن أن تكون عرضة للتخريب والإهمال، إلا أن غياب الدور الرقابي والجهد الحكومي جعلا الجاهلين بأهمية هذه المدينة التاريخية يتسببون في هدم بعض الآثار وتجريف الأراضي وتشويه أهم المعالم التاريخية. لو كانت هذه القلعة في بلدان أخرى لكانت مقدسة ومحرمة على المخربين".
أما الإدارة المحلية لمدينة هيت فهي عاجزة عن إنقاذ هذا الصرح التاريخي المهم بسبب قلة الموارد المالية التي من شأنها أن تعيد إلى هذه المدينة التاريخية رونقها وجمالها الذي يحاكي حضارات عدة كان لها الأثر في هذه القلعة.
سيف طريف نائب رئيس المجلس المحلي لقضاء هيت تحدث للجزيرة نت قائلا "غالبية البيوت والأراضي والمساحات الواقعة ضمن محيط القلعة هي أملاك خاصة، والحكومة المحلية على مستوى القضاء أو المحافظة بحاجة إلى قرارات حكومية وتخصيصات مالية تسهم في استملاكها وتعويض أصحابها للعمل على تأهيلها والحفاظ على ما تبقى منها".
المصدر : الجزيرة