الشّكر
علينا دائماً أن نشكر ونقدر من قدّموا لنا المساعدة ومدّوا لنا يد العون عند حاجتنا لمن يقف جانبنا، وعلينا أن نبوح لهم دوماً عن فرحنا بوجودهم وتقديرنا لمساندتهم. والآتي بعضاً ممّا قد يساعد في التّعبير عن الشّكر والامتنان.
..أناس يُقدّرون معناه، وللإبداع أُناسٌ يحصدونه، لذا نقدّر جهودك المُضنية، فأنتَ أهلٌ للشّكر والتّقدير ووجب علينا تقديرك، لك منّا كلّ الثّناء والتّقدير. تتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات لتُنظّم عقد الشّكر الذي لا يستحقّه إلّا أنت، إليك يا من كان له قدم السّبق في ركب العلم والتّعليم، إليك يا من بذلت ولم تنتظر العطاء، إليك أهدي عبارات الشّكر والتّقدير.
.. إن قلتُ شكراً فشكري لن يوفيكم، حقاً سعيتم فكان السّعي مشكوراً، إن جفّ حبري عن التّعبير يكتبكم قلبٌ به صفاء الحبّ تعبيراً. إلى صاحب التميّز والأفكار النيّرة، أزكى التحيّات وأجملها وأنداها وأطيبها، أرسلها لك بكلّ ودّ وحبّ وإخلاص، تعجز الحروف أن تكتب ما يحمل قلبي من تقدير واحترام، وأن تصف ما اختلج بملء فؤادي من ثناء وإعجاب.
.. فما أجمل أن يكون الإنسان شمعةً تُنير دروب الحائرين. تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة لا يخفت بريقها عنّا لحظةً واحدةً، نترقّب إضاءاتها بقلوب ولهانة، ونسعد بلمعانها في سمائنا كلّ ساعة، فاسّتحقت وبكل فخر أن ترفع اسمها عالياً.
..كلمة حبّ و تقدير وتحيّة وفاء وإخلاص، تحيّة ملؤها كلّ معاني الأخوّة والصّداقة، تحيّة من القلب إلى القلب، شكراً من كلّ قلبي.
..عمل المعروف يدوم، والجميل دايم محفوظ، لا تفكر في يوم أنسى أنّك وقفت جنبي على طول. كلمة شكر وعرفان إلى صاحب القلب الطّيب، إلى صاحب النّفس الأبيّة، إلى صاحب الابتسامه الفريدة، إلى من حارب وساهم الكثير من أجلي.
..يا طيور المحبّة زوريه، وعن شكري له خبريه و قوليله عنك ما نستغني لو نلفّ العالم و اللّي فيه.
..رسالة أبعثها مليئة بالحبّ والتّقديروالاحترام، ولو أنّني أوتيت كلّ بلاغة وأفنيت بحر النّطق في النّظم والنّثر لما كنت بعد القول إلّا مُقصّراً ومُعترفاً بالعجز عن واجب الشّكر.
.. أنا عمري ما شكرت إنسان لأنّ المعروف صعب تلاقيه بهالزّمان إلّا في قلب صافي ولهان يحبّ يساعد كلّ إنسان. كلمة شكراً ما تكفي، والمعنى أكبر ما توفيه، لو بيدي العمر أعطيه أعبّر له عن مدى شكري.
.. من أيّ أبواب الثّناء سندخل؟ وبأيّ أبيات القصيد نعبّر؟ في كل لمسة من جودكم وأكفِّكم للمُكرّمات أسطّر، كنت كسحابة معطاءة سقت الأرض فاخضرّت. كنتَ ولا زلتَ كالنّخلة الشّامخة تُعطي بلا حدود، فجزاك عنّا أفضل ما جزى العاملين المخلصين، وبارك الله لك وأسعدك أينما حطّت بك الرِّحال. لكلّ مبدع إنجاز، ولكلّ شكر قصيدة، ولكلّ مقامٍ مقال، ولكلّ نجاح شكر وتقدير، فجزيل الشّكر نُهديك وربّ العرش يحميك. عبر نفحات النّسيم وأريج الأزاهير وخيوط الأصيل أرسل لك شكراً من الأعماق.
.. رسالة شكر وحبّ وعرفان إلى من بالحب غمروني وبجميل السجايا أدبوني إلى أبي وأمّي إلى من كان حبهما يجري في عروق دمي إلى من كانت ابتسامتي تزيل شقاهم وسعادتي ترسم الابتسامة على شفاهم إلى من أحببتهم حتى سار حبهم في الوجدان إلى من أمرني ربي بطاعتهم والإحسان لهم أبي وأمّي كلمات الحبّ عجزت عن وصف حبّي الكبير لعظمتكم حروف العشق عجزت عن نظم أجمل القصائد والألحان فيكم أنتم قلبي، أنتم فرحي أنتم سرّ السّعادة في قلبي أبي وأمّي حفظكم الله وأبقاكم لناظري أمّي أبي أنتم قلبي النّابض حبكم يسري في شراييني كيف لا وأنتم أول من نظرتُ إليهما أول أصوات سمعتها أول اسمين نطقت بها شفتاي حبّكما في قلبي كملء الأرض بل يطاول عنان السّماء إلى شمعة دربي وبلسم جروحي إلى من سهروا اللّيالي من أجلي، من أجل راحتي ورسم البسمة على شفاتي إلى من إذا عشتُ الدّهر كلّه لن أوفي حقّهما إلى من أوصاني ربّي بطاعتهما دون معصيته إلى سبب نجاحي وسعادتي في الدّنيا والآخرة إلى جنّتي شكراً أمّي الحنونة أبي الغالي.
زياد الحارثي بن كعب:
حلفت بربّ العيس تهوي بركبه** إلى حرمٍ ما عنه للنّاس معدل
لمّا يبلغ الإنعام في النّفع غاية** على المرء إلا مبلغ االشّك أفضل
ولا بلغت أيدي المنيلين بسطةً** من الطّول إلا بسطة الشّكر أطول
ولا ثقُلت في الوزن أعباء منّةٍ** على المرء إلا منّة الشّكر أثقل
فمن شكَر المعروف يوماً فقد أتى** أخا العرف من حسن المكأفاة من عَلِ.
أبو بجيلة:
شكرتك إنّ الشّكر حبلٌ من التُّقى ** وما كلّ من أوليته نعمةً يقضي
ونبهت لي ذكرى وما كان خاملاً ** ولكن بعض الذّكر أنبه من بعض.
أبو تمام:
كم نعمةٍ منك تسربلتها **كأنها طرّة بردٍ قشيب من اللّواتي إن ونى شاكر** قامت لمُسديها مقام الخطيب.
طريح بن إسماعيل:
سعيت ابتغاء الشّكر فيما صنعت** لي فقصّرت مغلوباً وإني لشاكر
لأنّك توليني الجميل بداهةً **وأنت لما استكثرت من ذاك حاقر
فأرجع مغبوطاً وترجع بالتي** لها أولٌ في المكرمات وآخر.
البحتري:
هاتيك أخلاق إسماعيل في تعبٍ **من العُلا والعُلا منهنّ في تعب
أبثّ شكري فأمسى منك في نصبٍ** أقصر فمالي في جدواك من أرب
لا أقبل الدّهر نيلاً لا يقول له
شكري ولو كان يُسديه إليّ أبى
لما سألتك وافاني نداك عليّ
أضعاف شكري فلم أظفر ولم أخب.
الشّريف الرضيّ:
ألبستني نعماً على نعمٍ** وفعت لي علماً على علم وعلوت بي حتّى مشيت على** بسطٍ من الأعناق والقمم
فلأشكرنّ يديك ما شكرت** خضر الرّياض مصانع الدّيم
فالحمد يبقى ذكر كل فتًى** ويبين قدر مواقع الكرك
والشّكر مهرٌ للصّنيعة إن** طلبت مهور عقائل النّعم.
ومن المنعمين من رأى أن الشّكر بإظهار النعمة أبلغ منه بالنّطق باللّسان، وعاقب على ذلك بالحرمان. فمن ذلك ما رواه أبو هلال العسكريّ يسنده إلى العتبي قال: أراد جعفر بن يحيى حاجة كان طريقه إليها على باب الأصمعيّ، فدفع إلى خادم له كيساً فيه ألف دينار وقال: إنّي سأنزل في رجعتي إلى الأصمعي ثم سيحدّثني ويضحكني، فإذا ضحكت فوضع الكيس بين يديه، فلما رجع ودخل إليه رأى حَبّاً مكسور الرّأس، وجرّةً مكسورة العنق، وقصعة مُشعّبة، وجفنة أعشاراً، ورآه على مصلّى بالٍ، وعليه برنكان أجرد، فغمز غلامه ألّا يضع الكيس بين يديه، فلم يدَع الأصمعيّ شيئاً مما يضحك الثّكلان والغضبان إلا أورده فلم يتبسم، ثم خرج فقال لرجلٍ يسايره: من استرعى الذّئب ظَلَم، ومن زرع السّبخة حصد الفقر، إني والله لما علمت أنّ هذا يكتم المعروف بالفعل، ما حلفت بنشره له باللّسان، وأين يقع مديح اللّسان من آثار العيان؟ إن اللّسان قد يكذب، والحال لا يكذب، ولله درّ نصيب حيث يقول: فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب ثم قال: أعلمتَ أن ناووس أبرويز أمدح لأبرويز من زهير لآل سنان؟ وقالت الحكماء: لسان الحال، أصدق من لسان الشّكوى.
وقد أجاد ابن الرّومي في هذا المعنى فقال: حالي تبوح بما أوليت من حسنٍ** فكل ما تدعيه غير مردود
كلي هجاء وقتلي لا يحلّ لكم **فما يداويكم منّي سوى الجود
وقالوا: شهادات الأحوال، أعدل من شهادات الرّجال.