اضطراب ما بعد الصدمة
اضطرابُ ما بعد الصدمة (اضطراب الكرب التالي للرضح) post-traumatic stress disorder (PTSD) هو اضطرابٌ من اضطرابات القلقٍ anxiety disorders، ناجم عن أحداث مُكربة أو ضاغطة أو مخيفة أو مزعجة جدَّاً.
يَستذكِر الشخصُ المصاب باضطراب ما بعدَ الصدمة الحدثَ المؤلم غالباً، من خلال الكوابيس واسترجاع الأحداث، ويُعاني من الشعور بالعزلة والتهيُّج والذنب.
وقد يُعاني من مشاكل في النوم أيضاً، كالأرق insomnia، كما قد يجد صعوبةً في التركيز.
تكون الأعراضُ شديدةً ومستمرَّة بما يكفي لأن يكون لها تأثيرٌ كبيرٌ في حياة الشخص اليومية غالباً.
أسباب اضطراب ما بعد الصدمة
تشتمل الأحداثُ التي يمكن أن تُسبِّبَ أعراض ما بعد الصدمة على ما يلي:
- حوادث الطرق الخطيرة.
- الاعتداءات الشخصيَّة العنيفة violent personal assaults، كالاعتداء الجنسيّ sexual assault أو السلب أو السرقة.
- إساءة المعاملة أو الاعتداء الجنسي طويل الأمد prolonged sexual abuse أو العنف أو التجاهل أو الإهمال الشديد.
- مشاهدة وفيات عنيفة.
- المشاركة في المعارك العسكريَّة.
- الاحتجاز كرهينة.
- الهجمات الإرهابيَّة.
- الكوارث الطبيعية، كالفيضانات العارمة أو الزلازل أو حوادث التسونامي (أمواج البحر الهائلة).
قد يظهر اضطراب ما بعد الصدمة بعدَ حدوث الأمر المزعج مباشرةً، أو يمكن أن يحدثَ بعد ذلك بأسابيع أو أشهر أو حتى سنوات.
تُقدَّر نسبةُ الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة بنحو 33% من الأشخاص الذين عانوا من تجربة صادمة، إلاَّ أنَّ سببَ حدوث هذه الحالة عند بعض الأشخاص دون أشخاصٍ آخرين ما زال مجهولاً.
اضطراب ما بعد الصدمة المعقَّد
يمكن تشخيصُ حالة الأشخاص الذين تكرَّرت معاناتهم من حالاتٍ صادمة، كالتجاهل الشديد أو إساءة المعاملة أو العنف، على أنَّها اضطراب ما بعد الصدمة المعقد complex PTSD.
تكون أعراضُ اضطراب ما بعد الصدمة المعقَّد مشابهةً لاضطراب ما بعد الصدمة المألوف، إلاَّ أنها قد لا تظهر إلاَّ بعدَ مرور سنوات من الصدمة، حيث تكون الأعراضُ أكثرَ شِدَّةً ًغالباً إذا كانت الصدمةُ في مرحلة مبكِّرة من الحياة، لأنَّها قد تؤثِّر في تطوُّر الطفل.
متى ينبغي طلبُ المساعدة الطبية
تُعدُّ معاناةُ الشخص من الانزعاج والتشوُّش بعدَ الحدث الصادم من الأمور الطبيعية، ولكنَّ معظمَ الأشخاص تتحسَّن حالتهم بشكلٍ طبيعي خلال بضعة أسابيع.
ينبغي مراجعةُ الطبيب إذا استمرَّت المعاناة من المشاكل بعد انقضاء حوالي 4 أسابيع من حدوث الصدمة، أو إذا كانت الأعراضُ شديدة الإزعاج.
ويمكن للطبيب أن يُحيلَ المريضَ إلى اختصاصي الصحة النفسية لإجراء المزيد من التقييم للحالة وتقديم العلاج.
معالجة اضطراب ما بعد الصدمة
يمكن معالجةُ اضطراب ما بعد الصدمة بنجاح، حتى عند ظهوره بعدَ عدَّة سنوات من حدوث الصدمة أو المشكلة.
يختلف العلاجُ باختلاف شدَّة الأعراض وباختلاف سرعة ظهورها بعدَ التعرُّض للصدمة. وقد يوصى باستعمال أحد الخيارات العلاجية التالية:
- الانتظار اليقظ Watchful waiting: مراقبة الأعراض لمعرفة مدى تحسُّنها أو تفاقمها دون معالجة.
- المعالجة النفسيَّة psychotherapy: مثل المعالجة السلوكيَّة المعرفيَّة التي تُركِّزُ على الصدمة trauma-focused cognitive behavioural therapy (CBT) أو إعادة ضبط حركات العينeye movement desensitisation and reprocessing (EMDR).
- مضادات الاكتئاب antidepressants: مثل باروكسيتين paroxetine أو ميرتازابينmirtazapine.
تاريخ اضطراب ما بعد الصدمة
جرى توثيقُ أوَّل حالات اضطراب ما بعدَ الصدمة خلال الحرب العالميَّة الأولى، عندما تعرَّضَ الجنود لما يُدعى صدمة القذائف shell shock نتيجةً للظروف المروِّعة في الخنادق.
وفي عام 1980 جرى تعريفُ هذه الحالة رسمياً كحالة نفسيَّة، حيث أُدخِلَت ضمن المرجع التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسيَّة الذي وضعته الرابطةُ النفسيَّة الأمريكيَّة.
المصدر / صحتك الجسدية والنفسية الشيخ عباس محمد