ذِكْرَى الرَّحِيلْ ،
___________
رَحَلتِ بِجُنحَيكِ نحوَ الغَمَامْ
وخلفَ الغُيومِ جعلتِ المَقَامْ
مضيتِ ونارُ الجَوَى في التهابٍ
على زهرةِ الحُبِّ تَذرِيْ الوِئِامْ
وعينَاكِ تَسكُبُ ماءَ الودَادِ
وكحلُ العيونِ يَزيدُ الهِيَامْ
ركضتُ إليكِ كثيراً فمَا
تَوَصَّلَ قلبُ الهَوَى للِغَرَامْ
فكم بتُّ في السُّهدِ رثَّ السُّؤَالِ
ونكصاً تعودُ عليَّ السِّهامْ
وأعبرُ بيدَ الضَّنَى في ابتهالٍ
فيعصفُ في مُقلَتَيَّ الظَّلامْ
أسَائلُ عنكِ رحابَ الحَياةِ
تَردُّ بصمتٍ يفوقُ الكَلامْ
فهذِيْ سِهَامُ الرُّموشِ بقلبِيْ
على مُهجَتِي كم تَهِيلُ الرُّكَامْ
تُعَاوِدُنِيْ ذكريَاتُ الحبيبِ
فتبعثُ في خَافِقَيَّ الضِّرَامْ
فأكتبُ شعرَ الهَوَى في انتحَابٍ
فيدنُو هواكِ بصوبِ الغَمَامْ
أيَا ليتنِي طائِراً في هوَاكِ
أرَافِقُ في الفجرِ سربَ الحَمَامْ
فلا تَبخَلَيْ يا ربيعَ الحَياةِ
عليَّ بنورٍ يُضِيء الظَّلامْ
وهُزِّيْ بأوتَارِ قلبِيْ النَّشيدَ
فصوتُكِ يَحلُو بنظِمِ الكَلامْ
فُؤَادِي إليكِ يَهِيمُ بوجدٍ
فجودِيْ بكأسِ الهوَى بانتِظَامْ
فأنتِ وإنْ كنتِ في غربةٍ
وراءَ الحَياةِ فأنتِ المَقَامْ
على رُوحِكِ الطُّهرُ يَهدِيْ السَّنايَا
ويَسكبُ فينَا السّيولَ العِظَامْ
يُؤَنِّقُ بالعِطرِ نَشرَ الوفَاءِ
فيَنعشُ في الرُّوحِ زهرَ الغرَامْ
فإنِّيْ هُنَا في رُبُوعِ الحَنَايَا
أُوضِيءُ منْ وَجنَتَيكِ الهِيَامْ
فإنْ كنتِ خلفَ الحَيَاةِ بقبرٍ
فذكرَاكِ تَهمِي كصوبِ الغمَامْ
عليكِ تَصُبُّ كؤوسُ الجِنَانِ
ومِنِّيْ إليكِ أزفُّ السَّلامْ
...
إبراهيم القيسي