زراعة الحلة في العهد العثماني
الحلة أوائل القرن الماضي
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image001.jpg[/IMG] تعد مدينة الحلة، منذ القدم، مركزاً إدارياً وتجارياً لإقليم زراعي كبير، يشكل جزءاً رئيساً من السهل الرسوبي، حتى أن بعض مدنها حققت أهمية عالمية مثل بابل وبورسيبا وكيش، وفي الخلافة العباسية أصبحت الحلة عاصمة لإمارة امتد ملكها حتى هيت، وواسط، وعانه، والبطحة، والكوفة، وفي العهد العثماني شملت الرقعة الإدارية للواء الحلة، كربلاء، الهندية، السماوة، النجف، الشامية، والديوانية، وبلغ عدد سكان هذا اللواء 70000 نسمة، منها تقديرات نفوس الحلة من الذكور 11000 فرداً.
جانب من شط الحلة
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image003.jpg[/IMG] ولعل أهم ما أهّل الحلة أن تحتل هذه المرتبة الإقتصادية جملة أمور منها: موقعها من خطوط الطول والعرض، الذي جعل مناخها قاريا واعتمادها على الزراعة السيحية، وموقعها على نهر الفرات، الذي غير مجراه خمس مرات فوق أرض الحلة، وموقعها من بابل القديمة، أكسب الحلة شهرة وعراقة، وقرب موقعها من بغداد، زادها أهمية سياسية وتجارية وأمنية، وكذلك موقعها من الناحية التجارية حتى أصبحت عقدة طرق برية، ونهرية، وتجارية، وعسكرية مهمة، جعلها بمثابة قلب الشرق.
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image004.jpg[/IMG] في بدايات القرن العشرين، كانت الحلة تنشط في الأعمال الزراعية والتجارية والصناعات اليدوية، ففي عام 1908 كان في المدينة ما يزيد على ثلاثين مقهى، وثمانية عشر خانا، وثمانية حمامات عمومية، وسبعة عشر مخزنا لحفظ المؤن، ومئة وعشرين علوة لتجارة المحاصيل الزراعية، وألفين ومئة وستة وعشرين دكانا، وأهم تجارتها كانت تقوم على الحبوب والماشية، حيث تصدر ضمن قوافل تجارية إلى بغداد والبصرة.
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image005.jpg[/IMG] في الجانب الزراعي، لابد لنا من العودة إلى جذور المعوقات والمشاكل التي كانت تعرقل تطور هذا المورد، الذي يعد الركيزة الإقتصادية لهذه المدينة، والأساس الذي إعتمد عليه الأتراك في تحصيل الضرائب، وضمان تموين قواتهم العسكرية، دون الإلتفات إلى العناية بالجانب الزراعي وتطويره، فكانت المشاكل كثيرا ما تتكرر بين الفلاحين والمالكين، لا سيما بعد أن منحت الحكومة العثمانية بعض موظفيها قطعا من الأراضي الزراعية الخصبة في الحلة، وأصبحوا أشبه بالملاك الغائبين عن الأرض، حيث ترك هؤلاء أراضيهم بعهدة أشخاص يعرفون بالملتزمين، وكان للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني أراض زراعية كثيرة من أخصب المناطق في مدينة الحلة، سجلها بإسمه الخاص، ولها تشكيلات إدارية خاصة عرفت بالأراضي السنية، ونتيجة لموقع الشيوخ المهيمن على الإنشطة الإجتماعية، أتيحت لهم فرصة السيطرة على النشاط الإقتصادي في العشيرة، إذ أباحوا لأنفسهم الإستحواذ على الأوسع والأفضل من الأراضي التي تضم العشيرة، كما استلزم جلب عمال زراعيين من عشائر أخرى، لهم حرية الرجوع إلى عشائرهم الأصلية بانتهاء الموسم، أو البقاء مع العشيرة، ولا يمكن إغفال نشاط السلطة في التحول الذي طرأ في العلاقات الزراعية، فقد كان لمدحت باشا اليد الطولى في انتظام تسلم (الأعشار) من [IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image006.jpg[/IMG] الشيوخ، كما كان لتسجيل الأراضي العشائرية بأسم الشيوخ في دوائر التسجيل العقاري، واعتبارها ملكا خالصا لهم إسهام واضح في تغيير ملامح العلاقة بين الشيخ والفلاح، وتلكؤ الزراعة في الحلة.
مركز تراث الحلة