البوسطجي ...وبريد الحلة
لعل أقدم خدمة بريدية في العالم كانت تدار من قبل البابليين، حيث عثر علماء الآثار على أعداد كبيرة من الرسائل التجارية، مكتوبة بالمسمارية على ألواح الطين، ومحفوظة في ظروف طينية معنونة.
ساعي البريد (البوسطجي) قديما
ولم يكن في مدينة الحلة قبل هذا خدمات بريدية منتظمة، حيث كان الناس الذين يريدون إرسال (مكتوب) لهم من بلدة إلى أخرى يذهبون إلى خانات المسافرين، ليتعرفوا على شخص عازم على السفر إلى البلدة التي يقصدونها، فيرجونه إيصال مكتوبهم إليها. كان للدولة العثمانية مكاتب بريد في الولايات العراقية، وكانت تدار في بغداد والبصرة منذ (1868م) إلى ( 1914م) ولم تكن عثمانية، بل كانت تتبع الحكومة البريطانية، وكان لها موزعون، وصناديق منصوبة في الشوارع، وزوارق للنقل، وقد شملت بخدماتها المدن الواقعة على الأنهر والعتبات المقدسة، وظلت تعمل بانتظام عشر سنوات، وفي عام (1878م) اشتركت الدولة العثمانية في الاتفاقية البريدية العالمية، التي تم عقدها في باريس، ومنذ ذلك الحين شرعت الحكومة بفتح دوائر البريد العثمانية في المدن العراقية، وصارت تضع العراقيل تجاه دوائر البريد الهندية حتى قضت عليها أخيراً، وخلال الحرب العالمية الأولى, بدأ استخدام البريد العسكري، يقول (لونكريك) : "كان البريد الحكومي لخدمة المجتمع، فبريد الجمال الذي كان لشركة الهند الشرقية لم يتوقف حتى عام (1855م)"، كما كان الباشوات خلال قرون يتصلون بإسطنبول ويتصلون ببعضهم بواسطة الخيالة (الططر)، ولكن الخدمة البريدية في العراق بدأت بصورة فعلية مع الانتداب البريطاني سنة (1920م)، وكانت الطوابع البريدية الأولى للعراق التي ظهرت سنة (1923م) تضم ثمانية تصاميم من الطوابع التي تصور التاريخ القديم والحاضر، وقد كانت مقيّمة بـ(الآنة) (أربعة قروش) ،و(الروبية) ومحاطة بالكلمات (Iraq) و(Postage & Revenue)، وأول طابع عراقي كان يصور ملك العراق فيصل الأول, وقد كانت قيمته روبية واحدة وأصدر في سنة (1921م), تبعه بعد ذلك اصدار سلسلة ذات 13 قيمة سنة (1931م).
مدينة الحلة على بطاقة بريدية في الخمسينات
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image002.jpg[/IMG] يقول الأستاذ الباحث عامر تاج الدين إنّ الحاجة إلى البريد برزت بدخول الإنكليز، لإيصال التقارير الدورية، عن سير الحكومة وأعمالها في الحلة، وكان مأمور البريد يعمل ضمن دائرة المتصرفية لإيصال بريد حلة - بغداد، وكانت تسمى (دائرة البريد الملكية) في الحلة وذلك عام (1919م)، وكان السيد عبد الباقي أفندي مدير البرق والبريد في الحلة، وفي عام (1929م) انضم العراق إلى الاتحاد البريدي العالمي، وفي هذه السنة أنشأت الدولة بناية لدائرة البرق والبريد في الحلة، ولكن لم ينتقل الموظفون إليها، إذ أكملت من قبل دائرة الأشغال، على الطراز الحديث، وكانت تسمى (دائرة البرق والبريد والتليفون)، وكانت في الخمسينيات مجاورة لسينما الحمراء الشتوي، وهي عبارة عن غرفتين متجاورتين، وفي كل باب صندوق اسطواني أحمر، لحفظ الرسائل، وكان أول ساعي بريد عرفته الحلة كاظم مهدي كاظم، من عشيرة آلبو سلطان، وكان تاريخ تعيينه عام (1928م)، وكان صادق علوش مأمور بريد وبرق الحلة عام (1936م)، وبتاريخ (8 كانون الثاني 1934م) أفتتحت وكالة بريد إضافية في المحاويل، وفي (21- 5-1947م) كان السيد شاكر محمود الويسي مأمور بريد الحلة، وكان من العاملين معه حامد عبد الله أبو خلدون، الذي نقل خدماته بعدئذ إلى المحكمة، لعمل القسامات الشرعية فيها، وفي يوم (1-2-1920م) استعمل القطار لأول مرة في نقل البريد والمسافرين، وذلك بين بغداد، والبصرة، والمدن الواقعة على الخط.
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image003.jpg[/IMG] ومن مهام دائرة البريد، إرسال البرقيات، وتشمل البرقيات الداخلية العادية، والبرقيات الداخلية المستعجلة، والبرقيات الخارجية المؤجلة، والبرقيات اليومية الشبيهة بالرسائل، والبرقيات الخارجية المستعجلة، والحوالات والرزم، والرسائل والكتب، والأوراق المطبوعة، والأوراق المتجزئة، والبطاقات البريدية وغيرها.
أما ساعي البريد (البوسطجي)، فكان مميزاً عن غيره بلباسه الرسمي، وزيه الموحد و(كاسكيتة وباج) وحقيبة، ودراجة، وكانت إطلالته إيذاناً باحتمال الحصول على رسالة من الغائبين، وفي بعض الأحيان يقرأ الرسائل لأصحابها ممن لا يجيدون القراءة فيطلقون عليه (أبو الأخبار)، وهو عادة يعرف العوائل ووضعهم الاجتماعي، وأسرارهم، ومع هذا فهو أمين على المحافظة عليها.
مدينة الحلة على بطاقة بريدية في 1971
مركز تراث الحلة