التنظيم الإداري في الحلة نهاية العهد العثماني

مدينة الحلة من المراكز السكانية الكثيفة قياساً إلى مدن العراق الأخرى في أواخر القرن التاسع عشر، وجاءت بالمرتبة الثالثة من حيث الأهمية السكانية بعد مدينتي بغداد والبصرة، حيث بلغ عدد سكان المدينة حسب تقديرات (سالنامة) الكتاب السنوي عام (1907م) ما يقارب (35662) نسمة.
كانت الغالبية العظمى من سكان المدينة هم من أتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، ومعظمهم يزاولون الزراعة، والقليل يزاول التجارة، وبعض الحرف، والصناعات الصغيرة، فضلاً عن وجود طوائف أخرى، كاليهودية التي تركز سكن أبنائها في محلة الجباويين، وسكن بعضهم الآخر في محلتي المهدية، وجبران، والكفل، وقد عمل هؤلاء في التجارة والصياغة، أو في استثمار الأراضي الزراعية بشرائها من الحكومة العثمانية، في حين كان فقراء اليهود يجوبون القرى والأرياف، حاملين بضاعتهم معهم لبيعها على سكان هذه المناطق .

وسكن مدينة الحلة أيضا عدد من أبناء الديانة المسيحية، لاسيما بعد أن جاءت الحكومة العثمانية بـ(الأرمن) سبايا من منطقة أرمينيا، ولم يتخذ أبناء الطائفة المسيحية مكاناً محدداً للإقامة فيها، وتوزعوا على محلات المدينة المختلفة، وعملوا في مهن شتى.
يعزى سبب الكثافة السكانية لمدينة الحلة إلى نموها وازدهارها، واستيطان القبائل والعشائر في منطقة الفرات الأوسط، فضلا عن قلة تعرضها للكوارث الطبيعية التي كانت تؤثر على السكان في المناطق الأخرى .
أما من ناحية التنظيم الإداري، فقد كانت مدينة الحلة، ومدينة الديوانية في زمن الحكم العثماني لواءً واحداً، غير أن مركز اللواء تارة يكون في الحلة، وأخرى في مدينة الديوانية، وفي أواخر العهد العثماني، كانت الحلة قضاء تابعاً للواء الديوانية حتى نهاية الحكم العثماني عام (1917م) .

أما أهم التنظيمات الإدارية للمدينة فكانت تتمثل بالقائمقامية: ويرأُسها القائمقام، ويساعده نائب القائمقام، ومدير المالية، وكاتب التحريرات، والمفتي، وأيضا بداءة المحكمة: ويرأسها رئيس المحكمة، ومجلس البلدية: ويتكون من الرئيس، ومدير الأوقاف، وأمين الصندوق، ومأمور النفوس، ومأمور ديون عمومية، ومأمور الري، وقنطارجي الري(مسؤول الري)، ومأمورية الشرطة أو (الضابطية)، ومكتب الرشدية: ويتكون من معلم أول، ومعلم ثان، ومعلم رسم، ومعلم خط، ومعلم فرنجة أي (فرنسية)، بالإضافة إلى إدارة البريد والتلغراف، ومدراء النواحي.

كان يتبع قضاء الحلة، ادارياً، عدد من النواحي، التي يرأسها مدير الناحية، وهي: ناحية المحاويل، ومن قراها الصباغية، وخان المحاويل، وسادة الحصن، وبرنون، وكويرش، وناحية النيل، ومن القرى التابعة لها الدولاب، وفنهرة، وبيرمانة، وناحية الخواص، ومن قراها الزوير، وسنجار، وعنانة، والسدة، وناحية نهرشاه، ومن قراها المعيميرة، والهمسانية، والإبراهيمية، وناحية الجربوعية، ومن قراها الهاشمية، والزرفية، والحسينية، وناحية أبو غرق، ومن قراها الطينية، وأخيراً ناحية المدحتية، ومن قراها المزيدية، والإمام الحمزة (عليه السلام)، وخيكان، والخشخشية .

قسمت البلاد بعد الاحتلال البريطاني إلى ستة عشر وحدة إدارية (لواء)، يتبعها عدد من الأقضية والنواحي، ويشرف على إدارة كل لواء حاكم سياسي، يعاونه في إدارة الأقضية مساعد الحاكم السياسي، الذي يحل محل القائمقام، كما شكّلت حكومة الاحتلال البريطاني مجالس استشارية محلية، يعين اعضاؤها من بعض الشخصيات البارزة في اللواء، برئاسة الضابط السياسي، واصبحت مدينة الحلة لواء، وعيّن النقيب (كول سميث) لإدارة شؤون المدينة، بصفة حاكم سياسي، في أيار من عام (1917م)، ويعاونه عدد من الموظفين الإنكليز والهنود، وأبقت السلطات البريطانية على معظم الأسس، والتنظيمات الإدارية، التي استندت عليها القوانين العثمانية الأُخرى، لا سيما ما يتعلق منها بقوانين الأراضي وملكيتها .



اعلام مركز تراث الحلة