مسجد ابو حواض

إنّ المساجد الحلّية، منذ نشأتها، منارة العلم ومثابة العلماء، في ساحاتها عقدت حلقات الدروس وأقيمت المناظرات، وكتبت أمات الكتب العلمية ومنحت الإجازات، وعقدت المجالس الأدبية، ونوقشت المسائل الفكرية والاجتماعية والأخلاقية، وعلى منابرها وقف دعاة الحق وسادة البيان.
مسجد أبو حواض أحد تلك المساجد القديمة الثرية بتاريخها العميقة بجذورها، سعى بتأسيسه السيد حيدر الحلي (1240 هـ ـ 1304هـ)، بني بمادة الطابوق وجذوع النخيل، وهو يقع في محلة الطاق بالقرب من مسجد السيد مهدي القزويني من الجهة الشرقية والملاصق لدار (الفاطمية)، ولا يوجد منفذ بينهما فكان الدخول إلى حرم الصلاة عبر ممر أو دهليز طويل.

[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image001.jpg[/IMG] يعد هذا المسجد من أقدم المساجد الموجودة في الحلة في (محلة الطاق)، وقد سمي المسجد بهذا الإسم (أبو حواض)، حسب ما يذكر الأستاذ الباحث عامر تاج الدين، لوجود حوضين متصلين يزودان المسجد والبيوت بالماء، ويملآن من البئر التي خلف المسجد، ويقوم بهذه المهمة الطلبة والمصلون معاً أثناء تواجدهم، ولذلك كان للمسجد أهمية يوم كانت الحلة لم تؤسس فيها بعد إسالة الماء.
وقد كانت تجاور المسجد عرصة وبستان تعود ملكيتها لآل السيد حيدر الحلي، وأصبحت مدفناً عام (1323هـ) قبل الحرب العالمية الأولى، عندما اشتد مرض الطاعون في الحلة، بسبب توفر المياه لتغسيل الموتى ودفنهم جوار المسجد.

الزقاق المؤدي إلى المسجد
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image002.jpg[/IMG] وكان في السابق يطلق على المسجد نادي آل السيد سليمان، والد السيد حيدر الحلي، إذ تعقد فيه المجالس الأدبية، والمناظرات العلمية، ومن روادها الشيخ مهدي الشيخ يعقوب، والسيد عبد المطلب وابن عمه الحسين بن حيدر، والشيخ علي بن قاسم، والشيخ حسن مصبح، والشيخ حمادي الكواز، والشيخ حسون عبدالله، والشيخ علي عوض الحلي، والشيخ محمد الملا، فكان مدرسة دينية كبيرة ضمت نخبة ومشاهير الكتاب والشعراء يومئذ، حيث كانت تنعقد الندوات العلمية و الأدبية في دار السيد سليمان وبعد أن أزداد عدد الوافدين قام بفتح مدرسته التي كانت تعرف آنذاك بـ(مدرسة السيد السليمان) أو (نادي سيد سليمان) وتعرف هذه المدرسة حالياً بـ( مسجد أبو أحواض), وكان لهذه المدرسة صيت علمي كبير وقد يعود تاريخ بناء هذه المدرسة إلى سنة (1180هـ - 1754م) على التقريب.
ومن الحلقات العلمية التي كانت تقام فيها : حلقة السيد مهدي بن مهدي بن داود بن سليمان الكبير الحلي، وحلقة السيد حيدر الحلي وقد عنيت بدراسة الفقه والأدب ومن الذين درسوا فيها عبد المطلب الحلي, وحسين السيد حيدر, والشيخ محمد الملا وغيرهم، وحلقة الشيخ محمد نظر علي وقد أسهمت في تدريس اللغة العربية وآدابها وكان من أبرز تلاميذها الشيخ محمد حسين الحلي (1305-1394هـ), والشيخ حسن محمد نظر علي، وكان الشيخ لطيف الملي من (كتاتيب) طلاب المسجد في ذلك الوقت، وهو من أبناء العامة ومن سكنة محلة جبران (عكد الجياييل)، ومن الطلبة كذلك الأديب صاحب عبيد اتريج، وصبري الشيخ أرزوقي السعيد، وعليوي سعيد الطاهر من آل عوض .

وكان الشيخ محمد مهدي البصير قد تتلمذ في بداية شبابه في هذا المسجد، وقد أتاحت دراسة البصير في مسجد أبو حواض وهو في السابعة عشر من عمره فرصة الاتصال بآل سيد حيدر الحلي، ويذكر الأستاذ منعم حميد حسن حديثا للبصير في كتاب (محمد مهدي البصير- شاعرا): " وصرت أختلف إلى مسجد في الحلة يعرف بمسجد أبو حواض تشغله جماعة من الشيوخ تتدارس علوم العربية والدين، وكان في هذا المسجد حوضان يتصلان من جهة ببئر ويفصل بينهما حائط، ومن جهة أخرى بساقية ينساب فيها الماء إلى بستان مجاورة للمسجد، وكانت هذه البستان ملتصقة بديوانية آل السيد حيدر، بل كانت مقرا لهم في كثير من الأحيان، يعقدون فيها مجالسهم ويستقبلون زوارهم
الحاج حامد سلمان داود

الحاج أمين محمد عوض
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image004.jpg[/IMG] [IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image005.jpg[/IMG] وقد أتاحت لي دراستي في مسجد أبو حواض فرصة الاتصال بال السيد حيدر "، وقد ورد في سيرة السيد مهدي بن السيد داود ما يؤيد معاصرته للمسجد المذكور وأنه كان يأتم به كثير من الصلحاء , وتحدث اليعقوبي في مذكراته عن هذا المسجد عند ترجمته للشيخ محمد بن نظر علي في (البابليات) : " لا يغشى أندية الفيحاء على كثرتها يوم ذاك عدا نادي آل السيد سليمان في عهد السيد حيدر وعمه السيد مهدي لقرب بيته من بيوتهم، وما زال منقطعا في مسجدهم تجاه داره المعروف بمسجد أبو حواض وهو الذي قضينا فيه شطر حياتنا الأولى في الحلة يوم كانت تنعقد فيه حلقات أهل الفضل والأدب للمذاكرات والمناظرات كالسيد عبد المطلب وابن عمه الحسين بن سيد حيدر والشيخ باقر والشيخ محمد حسين آل علوش وغيرهم من المعاصرين .
[IMG]file:///C:/UsersMaarefAppDataLocalTempmsohtmlclip1%EF%BF%BD1c lip_image006.jpg[/IMG] كان من متولي المسجد في العهد الملكي السيد محي مهدي آل حيدر المدعو (أبو عبد الأمير)، وعلي بن الملا حمزة، والحاج أمين محمد علي عوض، والحاج فاضل نظر علي، والحاج حامد سلمان داود.
بقي هذا المسجد والأثر الطيب ماثلاً للعيان حتى تعاقبت عليه الأيام ففقد رونقه وبهاؤه، وأهمل وهجر منذ خمسينيات القرن العشرين، وفي عام (1995م) عمّر المسجد وافتتح ثانية، واخذت تقام فيه الصلوات وذكر أهل البيت (عليهم السلام).

الحاج فاضل نظر علي


مركز تراث الحلة