عَتَبِي عَلَيْكَ بِأَنَّ قَلْبَكَ هَاجِرِي
وَالنَّفْسُ قَدْ تَعِبَتْ مِنْ الإخْفِاقِ
لَيْتَ الذي بَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي يَدِي
فَأَضُمُّهُ ضَمَّاً بِغَيْرِ وَثَاقِ
وَأَرُدُّ دَمْعَاتِي إلى أَحْدَاقِهَا
فَلَطَالَمَا ضَاقَتْ بِها أَحْدَاقِي.
عُدِّي السِّنِينَ لغَيْبتِي وَتَصَبَّري
وذَرِي الشُّهُورَ فإنّهُنَّ قِصَارُ
اذْكُرْ صَبَابَتَنا إليْكَ وشَوْقَنا
وارْحَمْ بَنَاتِكَ إنّهُنَّ صِغَارُ
.
ودَّعْتُ، قبلَ الهَوى رُوحي لما نَظَرَتْ
عيناي منْ حسنِ ذاكَ المنظرِ البهجِ
لِلّهِ أجفانُ عينٍ فيكَ ساهِرَة
شَوْقاً إليكَ وقَلْب بالغَرامِ،شَجِ
وأضْلُعٌ نَحِلَتْ كادتْ تُقَوِّمُها
مِنَ الجَوى كبِدي الحرّى ، مِنَ العَوَجِ
تقولُ نسيتَني فحلفتُ كلّا
وهلْ يُنسى المساءُ إذا تجلّى؟
نسيتُ لأجلك النّسْيانَ حتىَ
توارى عن مُخيّلتي وولّى.
لا شكّ أني لم أزل لا أفهمك
يبنيك صدقي حين ظنّك يهدمك
تبدو قوياً لا تهاب وعندما
ترنو إليك عيون طفلٍ تهزمك
يا صارخاً في داخلي يحتلّني
أحتارُ، كيف -وأنتَ صوتي- أكتمك
أحتارُ في: هل لم تزل مستنفراً
تغلي بآلام الحياةِ جهنّمك ؟
إِلَهِي كَيفَ أُخفِي مَا بِقَلبِي
وَأنتَ إِلَيَّ أَقرَبُ مِن وَرِيدِي؟!
مَدَدتُ يَدِي إِلَيكَ فَلَا تَكِلنِي
لِغَيرِكَ مِن قَرِيبٍ أَو بَعِيدِ.
أصدُّ بمُقلتي شرقًا وغربًا
فيأخُذني الفؤادُ إلى لِقاك
ولو أنّي تَرَكْتُ عِنانَ قلبي؟
لكُنْتُ أنا المتيّمُ في هواك
أتدري كم ذكرتُك في دعائي
وما بين الصلاةِ إلى الصلاةِ
وفي صُلبِ الحديثِ حديثُ نفسي
ومابين الغداةِ إلى الغداةِ؟
أوليتني نعماً أبوحُ بشُكرِها
وكفيتَني كل الأمور بأسرِها
فلأشكرنّك ما حييتُ وإنْ مُت
فلتَشكُرنّك أعظُمي في قبرِها
"عجبًا لها! عبثت بها أشواقها
تقولُ من فرط المشاعر أكرهك
محتالةٌ، مفضوحةٌ أحداقها
هل تضحكُ العينانِ لك لو تكرهك؟
وأشاحَ عنّي بناظِريه مُعاتِبا
لمّا رأى حُسني بكل وقار ..
وأتاني مُسرِعاً يقولُ "تخمّري"
إنّي و ربُّ العالمين أغار
يَارَبِّ أَسْعِدْنَا بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ
فَالشَّوْقُ زَادَ مَعَ الحَيَاةِ تَوَقُّدَا
صَلّى عَلَيْكَ إِلَهُنَا مَا أَشْرَقَتْ
شَمْسٌ وَمَا لَبَّى المُصَلُّونَ النِّدَا.
ستمُرني ذِكراكَ كُل عشيةٍ
وأراك في صحوي وفي غفواتي
ماغبتَ عن عيني وربك ساعةً
روحي وروحك ساكنانِ بذاتي
قُطِعَتْ حبالُ الوصل فيما بيننا
إلا وصال الحبِّ بالدعواتِ
سأراك في طهر الغيوم ووبلها
في الورد حين يفوح في النسماتِ.
أتينَاكَ نرجُوك حُسنَ الختام
إلهي فلسنا على ما يُرام،
على بابِ عفوك نَحْنُ اليتامى
وأنتَ اَلسَّلامُ ومنكَ السلام
مُذ غبتَ عني في تجاويفِ الثَّرَى
وأنا أرى ذكراكَ مِلْءَ جِهاتي
فأزفٌ افراح الرجوع الى الورى
حيناً وحيناً استحي مِن ذاتي
أرجوك زرني لو خيالاً في الكَرَى
واكذب علي وقل بأنكَ أتي
أو عد وقل لي موتي حديث يٌفترى
وخذ البقية من سِنِين حياتي
إنَّ العيونَ التي سلّت لواحظها
لم تدرِ عن مغرمٍ أودى بهِ النظرُ
كأنّما السهمَ عيناها رمتهُ بنا
فشقَّ قلبًا بهِ من فعلِها أثرُ