"السومرية"... أقدم حضارات العالم



تعتبر الحضارة السومرية التي نشأت في أرض العراق عام خمسة آلاف قبل الميلاد، أقدم حضارة في تاريخ الإنسانية، والتي تحوي الكثير من أسرارها، وكان لها الأثر الكبير في نشأة وتطور الحياة والإنسان.
نشأت الحضارة السومرية ببلاد الرافدين في الألف السادسة قبل الميلاد، ويرجع تسميتها بـ”سومر” نسبة إلى موقعها، حيث كانت تقع بين نهري دجلة والفرات في العراق، وامتدت بعد ذلك إلى سورية ومنطقة الخليج العربي، ولم تحدد بعد أصول السومريين وما تزال تلك الأصول قائمة على فرضيات العلماء، الذين يرجحون بأنهم من الأقوام الذين قاموا بالهجرة من شمالي العراق إلى جنوبه، عند مصب نهري دجلة والفرات، وتمكنوا خلال قرون من إقامة الدولة التي نمت وتطورت في حضارتها وعلومها ومعمارها وفنونها.

وقد امتهن السومريون الزراعة كأول حرفة كانت على أرض حضارة بلاد الرافدين، ثم امتهنوا الصيد والبحث عن الثمار والنباتات البرية، واستفادوا من الحيوانات، ومن لحومها وحليبها وجلودها، ويعتبر السومريون هم أول من عرفوا دبغ الجلود، واستخدموا الخياطة وغزل الصوف.
تطورت حضارة سومر وبرعوا في الهندسة، حيث شيدوا المدن الشهيرة عبر التاريخ وهي: (أور، لارسا، ونيبور) وغيرها، كما بنوا العديد من القصور الضخمة والأروقة، وقاموا بتخطيط المدن الكبيرة، وبهذا أصبحت الحضارة تبني القرى والمدن، وتعمل بالتجارة والثقافة والتراث، وقاموا بسن القوانين والأنظمة ونشروها، كما عرفوا الفنون التشكيلية والموسيقى، حيث أنهم اخترعوا الآلات الموسيقية البدائية، وتعتبر الحضارة السومرية هي من نظّمت السلم الموسيقي، كما كونوا فرقا للإنشاد في المناسبات وفي دور العبادة.
أبدع السومريون في مجالات أخرى متعددة كالصناعة والتجارة والفنون وإدارة شؤون الدولة، وكانت لهم القدرة في صنع المجوهرات، وسبائك الذهب والفضة، بالإضافة إلى أن السومريين هم أول من استطاعوا بناء السفن الضخمة، ورسموا خرائط البحار والمحيطات، كما أتقنوا فن الملاحة، وجابوا حول العديد من الأماكن حول العالم.

ويعود الفضل في وضع التقويم الشمسي والقمري إلى الحضارة السومرية، فهم أول من عرف علم الفلك، ومن خلاله اكتشفوا مواعيد الفصول السنوية الأربعة، وقاموا بصنع العدسات المقعرة والمحدبة والمرايا المنعكسة، حيث عثر على خاتم يعود إلى الحضارة السومرية، منقوش عليه خارطة تبين المجموعة الشمسية، وتوضح عدد الكواكب العشرة بالإضافة إلى الشمس والقمر، وتبين موقع كل منها وبأرقام حسابية دقيقة، حيث كانوا يعتبرون الشمس والقمر كوكبين، وبذلك يصبح المجموع اثني عشر كوكبا.
وعرف عن تلك الحضارة السومرية من خلال العثور على بقايا الألواح الطينية، والتي دونت بالكتابة المسمارية، حيث تعود للحضارة السومرية استخدام أول أبجدية عرفها التاريخ، والتي تم اكتشافها مكتوبة على الألواح الطينية، وسميت بالخط السومري، وقد استمرت الكتابة السومرية حوالي ألفي عام، واستخدمت كلغة للتواصل بين السومريين وبين الحضارات الأخرى، كما دونوا تاريخهم وعلومهم المختلفة باستخدام هذه اللغة.

وقد عثر على صحيفة حجرية منحوتة تعود إلى الحضارة السومرية تسمى "صحيفة الملك"، وتحتوي على أخبار وتفاصيل الحضارة السومرية، وهي منقوشة على الحجارة، وتوضح أن السومريين كانوا قد قسموا التاريخ إلى قسمين، القسم الأول يعود إلى ما قبل طوفان نوح، والقسم الثاني يعود إلى ما بعد الطوفان والحياة الجديدة للبشرية.